ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة: حاصل ضرب..مسابقة القصة القصيرة بقلم / رشا صابر محمد ..مصر

الاسم : رشا صابر محمد

الدولة : مصر

رابط صفحة الفيس بوك : https://www.facebook.com/rasha.saber.31

مسابقة القصة القصيرة

اسم القصة: حاصل ضرب

 

دخلت عيادة طبيبتها النفسية لأول مرة وحدها ودون إلحاح من أحد ظنًا منها أنها الوحيدة القادرة على إيقاف أصوات الناس التي تعلو وتتداخل في أذنيها حتى أصبحت كأصوات أجراس عملاقة تدق بلا توقف.

وقفت أمام الممرضة تشرح لها ضرورة زيارتها للطبيبة الأن وأنها لا يمكنها الأنتظار حتي موعد المتابعة الخاص بها نظرت الممرضة بتعجب وظلت تخترقها بنظراتها ثم طالبتها بالانتظار حتي يخرج أخر مريض ساعتها فقط يمكنها الدخول أنصاعت لكلام الممرضة واختارت ركن منزوي في العيادة وجلست تنتظرظلت تفرك كفيها ببعض وهي تحاول تفسير ما تقوله الأصوات التي تحتل أذنيها ولكنها لم تستطع غير سماع كلمتين هما الناس والرقم 19.

 وبعد انتظار ساعتين دخلت لطبيبتها وطالبتها بوضع نهاية لهذه الأصوات  فرأسها ثقل من حملها

-عليك كتابة دواء لي أن الناس حولي يقولون أنه الحل الوحيد

أجابت الطبيبة بهدوء

– تحدثت مع عائلتك من قبل وأوضحت لهم أن طريقة علاجي لك سوف أتجنب فيها الدواء قدر الأمكان ووافقوا على ذلك

ردت باستهجان

-هم ليسوا فقط من حولي أن حولي الكثيرمن الناس غيرهم

أشارت لها الطبيبة بالتوقف ثم بدأت في كتابة ملاحظات فظنت أنها أقنعتها وأنها تكتب لها الدواء المناسب،نظرت الطبيبة لساعتها ثم خلعت نظارتها وقالت لها

– معلش هنحاول نبدأ في عمل شيء جديد في حياتك غير سماع أصوت الناس ما رأيك أن نُسمع صوتك للناس

-اغني !

– بل ستكتبين  عن أي شيء يخطرعلى بالك مثلاعن مكان أو ذكرى حلوة أوأكلة تحبينها ممكن أُمنية تتمنين تحققيها حتي الأشياء التي تشعرك بالضيق اكتبيها أشوفك الأسبوع القادم.

خرجت من العيادة ثم ركبت سيارتها ومازالت الأجراس ترن في أذنيها ففتحت جميع شبابيك السيارة وانطلقت بسرعة لعل صوت الهواء يغطي على صوت الأجراس.

تقاذفت عليها اللعنات طوال الطريق ولكنها كانت تضحك وكأنها تسخر من صوت الأجراس لأنها استطاعت أن تتغلب عليها وتسمع أصوات الناس.

ركنت سيارتها ثم دخلت وخرجت من البناية التي يقع فيها منزلها أكثرمن مرة لا تريد العودة للمنزل لأن صوت زوجها سيضاف لصوت الأجراس وهي لم تعد تتحمل ولكنها لا تعرف أين تذهب رنت كلمات الطبيبة في أذنيها ” مكان أو ذكرى أو أكله” رجعت للجراج مرة أخرى وركبت سيارتها واتجهت بها إلى حي مصر الجديدة الحي الذي تقع مدرستها في قلبه عندما وصلت قررت ترك سيارتها والسير على قدميها في شوارع الكوربة وبدأت تبحث عن عمارات البواكي التي كانت تظللها هي زميلاتها وفجأة هطلت عليها الذكريات وعلت أصوات ضحاتكها معهن وأجبرت من يدقوا الأجراس في أذنيهاعلى التوقف.

تذكرت جوابهاعلى السؤال الغيرمنطقي الذي كان يسأله الناس لها

-عاوزة تطلعي أيه لما تكبري؟

وضعت يديها على فمها وضحكت ثم رددت أجابتها

-عاوزة أتجوزوأقعد في البيت

 تذكرت كيف كانت متعتها الوحيدة هي مشاهدة الأفلام الرومانسية، تذكرت أحلامها وهي تتخيل نفسها زوجة وكيف سيظل الناس يحسدونها على السعادة التي تغمر حياتها

افاقت على صوت أبيها يرن في أذنيها

– عند زواجك ستكونين حرة في فعل ما يحلو لك أما الأن فلا يصح الناس تقول أيه

أخذت تدبب بقدميهاعلى الأرض وتقول

” لو قال لي أحد من الناس أن الناس اللذين قالوا أن الزواج يجعلك تتمعين بحياتك دون أي مسئولية مخادعون لم تمنيت هذه الأمنية أنه ليس كما قال هؤلاء الناس أنه مسئؤوليات لا تنتهي بل تتضخم يومًا بعد يوم ويتضاعف حجمها عامًا بعدعام”

وقفت تعدعلى أصابع يديها المسئوليات التي قال الناس أن عليها القيام بها  فلم تستطع احصائها ثم تعاطفت عيانها معها وبدأت تزف الدموع لتهدئتها تعجبت كيف يطالب الناس الزوجة أن تكون مثل جني مصباح علاء الدين  يلبي الأوامر على الفور وعرفت لماذا يشترط الجني على من يخدمه أن ينفذ ثلاث أمنيات فقط ويرحل.

ساقتها قدامها حتى فرن فينوس اشتهت قطعة من الباتية المحشو بالجبن  كانت تحبها بشدة اشترت القطعة ثم ذهبت لأول شارع جانبي لتأكلها بعيدًا عن أعين الناس،سندت ظهرهاعلى أحدى السيارات المركونة ومع أول قضمة فاضت الدموع على خديها.

تذكرت الحديث بينها وبين والداتها عندما كانت تشتكي لها من زوجها وأنها ترغب في الأنفصال وردة فعل والداتها عندما خبطت بيدها على صدرها وقالت

-طلاق أنتِ عاوزه الناس تتكلم علينا

تذكرت اليوم الذي طلبت معلمة الماث في مدرسة أبنتها مقابلتها وكيف أخبرتها أنها مقصرة في مساعدة أبنتها على حفظ جدول الضرب،ودت ساعتها أن تصرخ في المدرسة وتقول لها أنها كانت تكره جدول الضرب وأن والداتها كانت تشد ضفائرها مع كل حاصل ضرب تخطيء في ضربه

تذكرت كيف استغرق حفظ جدول ضرب أثنين أسبوعًا ولكنها كانت سعيدة بهذا الإنجازوبدأت تخبركل الناس حولها حتي أنها طالبت أمهات زملائها في الفصل تشجيع أبنتها من خلال رسالة على جروب الأمهات ولكن لم تترك لها المعلمة فرصة للسعادة بالأنجاز أوالراحة فأرسلت لها رسالةعلى الجروب تطالبها بأن تسرع أكثرمن ذلك لتلحق أبنتها بزملائها.

ثم لعنت حسد الناس لأبنتها الذي جعل حفظ جدول ضرب ثلاثة يستغرق عشرة أيام كانت تنام كل يوم منها وهي تشعر بالإحباط وتطاردها الكوابيس فتري نفسها وهي صغيرة ترتدي زي المدرسة وتحاول أن تهرب من الناس الذين يجروا ورائها يريدون شد ضفائرها.

تذكرت اللحظة التي كانت السبب في كل ما تعاني منه الأن

– 3×3بكام

ترددت البنت قليلًا ثم قالت 9

-3× 4 بكام

لم تجب البنت فصرخت فيها

فقالت البنت بصوت هامس

– 12

–  3×5 بكام

أجابت البنت بسرعة

-15

-3× 6 بكام

نظرت لها البنت ولم تقل شيئًا فكررت السؤال وعيانها مفتوحة على مصرعيها وبدأ اللون الأحمر يحتلها تدريجياً

– هي 18 بس في ناس بتقول 19

– ناس مين وتقول ليه الناس ومين سمح للناس بالكلام ولماذا تتدخل الناس فيما لا يعنيها لماذا تركتى لهم مساحة ليقولوا ما يحلو لهم

أفاقت بعد ذلك ووجدت نفسها ممده على سريرها لا تدري ماذا حدث فأخرما تتذكره أنها كانت ممسكة ضفائرأبنتها بيديها لكي تقر وتعترف بأسماءالناس اللذين قالوا 19

تذكرت ثقل الكلمات على لسان والداها وهو يخبرها أن زوجها فاض به الكيل من تصرفاتها وحتى لا يبدو في نظرالناس الزوج الذي دمرأسرته ورغم عدم اقتناعة بالحل الذي يقترحه الناس ولكنه يخيرها بين الذهاب لدكتورة نفسية أوالطلاق.

ضحكت كما كانت تضحك  وهي صغيرة ثم قررت أن تسيرفي الشارع وهي تأكل قطعة الباتية أمام الناس ولن تخشى أحد منهم ولكنها مسحت دموعها حتى لايراها الناس.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى