ط
مسابقة الخاطرة

إعتذار.مسابقة الخاطرة .بقلم / قواسم خيرة صورايا. الجزائر


إعتذار

 

إذا كان هناك حقا رجلا يستحق الإعتذار لكان إبني دون غيره ، الرجل الوحيد عندما أذكره ينتفخ قلبي ، الرجل الوحيد الذي تنزل الدمعة من عيني عليه دون سبب، يكفي أن تلمح وجهه عن بعد حتى تبتسم ، نظرة واحدة منه كافية أن تمدك بالأمان.

كيف لا أعتذر لك وأنت كل الحب والأمان والأمل

أعتذر لك لأني ربما لم أختر لك قبلها أبا كما كنت تريد

اعتذر لك لأني ربما لم أكن الأم التي تحلم بها

أعتذر لك لأني لم أستشرك في إختيار إسمك لا أعلم إن كان يعجبك

وأعتذر لك لأني لم أتفق مع والدك دوما فيما يخص أمرك

وأعتذر لك لأني أتيت بك إلا هاته الحياة دون أن أعلم إذ كانت ستروق لك أو لا

أعتذر لك يا رجلي الأخير على نومة نمتها ولم أغطيك في ليلة باردة ، غفوت عنك لدقائق

أعتذر لك لأني لم استطع أن أوفر لك حليبك الذي تحبه بشكل منتظم لأني لم أكن أملك المال الكافي لذلك ولأني لا أعرف كيف أجلب المال إلا بشرف ، وأعتذر لك لأني لم أوفر لك حلوياتك المفضلة ولا شوكولاطاتك المحببة ولا الشيش كباب ولا كنات كوكا كولا على الدوام.

أعتذر لك لأني لم أقتن لك التارتا الكبيرة التي كنت تريدها في عيد ميلادك وبذلك أحقق لك حلمك أن توزع قطعها على كل أطفال العالم.

اعتذر لك لأني لم أحك لك حكاية قبل النوم لأني يا ولدي لا أعرف إلا قصص الحب الفاشلة والروايات الحزينة وأخرى رديئة وأنا لم أكن أريد لك إلا الفرح.

كنت دوما عظيما وسوف تبقى عظيما ، لأنك لم تطلب مني يوما شيئا لا أستطيع أن أوفره لك بل كنت تقول لي دوما : ماما إذا معندكش معليش ، وإذا ما تعرفيش معليش ، قبلة منكِ كافية وحضنا منكِ كافيا ، وكنت أقبلك وأحضنك وأنت ببراءتك لم تكن تعلم كم من خنجر طعنتني به دون قصد..

أعتذر لك إذ كنت يوما لم أنتبه لإرتفاع دراجة حرارة جسمك حتى أخبرتني أنت بذلك

أعتذر لك لأني وجدتك رجلا بثمانين سنة لا بثماني سنوات

أعتذر لك لأني لم أكتشف سنك الأول وهو يبزغ لأول مرة في فكك السفلي ههههه وأنت بعمر أربعة أشهر ههههههه باغتني ذلك لم أكن أظن انك تكبر بسرعة.

أعتذر لك لأني لم أشتر لك بعد دراجتك الهوائية الذي في كل مرة تستوقفني عند بائعها وتخبرني بثمنها ، وأنت تجرّني من يدي إليها وكلك فرح وأنا في كل مرة أؤجل لك شراءها وأتيك بحجة لا يستوعبها عقلك الكبير وفي كل مرة أقول لك : الدراسة أولا والنتائج الجيدة تعدني وأعدك بذلك وأنت وفيت بوعدك وكنت الأول في كل مرة في دراستك وكنت المخلفة للوعد..وكل ما كنت أفعله أقبلك وأحضنك وأحاول قدر المستطاع أن أخفي دمعتي عنك .

هل كانا كافيين ؟

أنور لا أريد أن أشتري لك الدراجة لأني لا أتحمل وقوعك على الأرض و تجرح ركبتك ، هل تعلم بذلك؟

 

والله ليست بحجة هي حقيقة قلب أم.

أعتذر لك كثيرا كثيرا لأني لا أستطيع أن أصطحبك إلى المدرسة كل صباح ، لا أستطيع أن أنام إلى جانبك كل ليلة ، لا أستطيع أن أتقاسم معك وجباتك الغذائية كل يوم.

وأعتذر لك أني لم أجلب لك قطا ولا جروا في وقته لأن والدك لم يكن يريد ذلك ، وأنت كل حلمك أن تكون بيطريا

أعتذر لك لأني لم أخذك بعد إلى بن عكنون كما وعدتك بذلك حتى تستطيع أن ترى حيوانتك التي تحبها

وأعتذر لك أكثر عن الوقت الذي عشته دونك وعشته أنت دوني

واعتذر لك لأني لم أصطحبك بعد إلى حديقة الترفيه والتسلية الجميلة التي وعدتك بزيارتها في ولاية مجاورة لنا .

وأعتذر لك لأني لم أستطع أن أخفي دمعتي بل بكائي بل إنهياري أمامك وأمام ركبتيك الغضتين وأنا أطلب منك السمااااااااح ، و السماح على كل مافعلته لك وبك وعلى قراري الأناني الذي إتخذته دون أن أشاور أحدا حتى المعنيون بذلك.

وأعتذر وأعتذر وأعتذر

وأعتذر لك لأني كتبت كل هذا

ولكن كل هاته الإعتذرات هي وعودي لك سأحققها في وقتها إلا العدول عن قراري

كم أنا أم سيئة ، وإمرأة سيئة جدا لفيض عواطفي

الأمومة ليست دوما شيئا جميلا.

بقلم : قواسم خيرة صورايا

وهران/ الجزائر

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى