ط
مسابقة القصة القصيرة

اعتقدت أنه الحب .مسابقة القصة القصيرة بقلم / ريم الأتاسى من الأردن

مشاركةفي القصة القصيرة
الاسم:ريم الأتاسي
عنوان المشاركة:
اعتقدت أنه الحب
العنوان:[email protected]

لماذا يتحتم عليك أن تختار الكذبة الأجمل في العالم لتبرر فيها رحيلك، أجل رغم قسوة الرحيل نحن دائما ما نجمل سببه المزيف، لأنه باعتقادنا بأنه الأفضل لنا ولضميرنا الذي لم يغفو بعد، لكن ماذا عن الطرف الآخر، ماذا عن ذلك الإنسان الذي ربما يكون سبب رحيلنا المزيف عنه أقسى بكثير من السبب الحقيقي، السبب الذي يحضر في كلمتين شيء مافي داخلي مات اتجاهك، أو للحقيقة المرة لم يعد موجود..

في تلك اللحظات تبدو أجمل الصور تلك التي كانت في اللون الأسود والأبيض، تلك التي اكتنزت في الذاكرة، تلك التي نعود لننبش فيها عن لحظات كنا فيها عاشقين، لنبحث عن مبرر لكل ما يحدث، لنغفو ونحن لا نحلم بالبعد، لكننا سرعان ما نعود لنوقف الصورة فنبحث عن المواقف الأشنع، تلك المواقف التي تعفينا من الندم، تلك التي تبرر لنا بأريحة الرحيل، التي تعتقنا من ذنب قلب لم يكن له ذنب سوى أنه تعلق في وهم يدعى الحب، وهم نحن من أسكناه داخله، صدقني يا صديق كانت أصعب اللحظات بالنسبة لي، كانت أقساها على قلبي عبر تاريخي، اليوم سأصارحه دون مجاملات بأنني لم أعد احلم بعودتنا سويا، بأنني لم أعد ارتبط فيه بأي رباط عاطفي او اجتماعي او ديني، اليوم سنتخلى عن حلمنا بأن نملك طفلا يتقاسم تفاصيلنا، اليوم الذي ستغص فيه الكلمات داخلي، والتي ربما تقتلني قبل أن تصبح علنية..

بماذا ستبدأ حديثك، أعتقد بأنك ستذرف الدموع، لكنك ستحاول أن تمثل دور القسوة حتى تساعده على أن يكرهك، لكن وهل تعتقد حقا بأن كرهه لك سيساعده على نسيانك في وقت أسرع لا .. أنت مخطئ جدا، الصعب في الموضوع أنه لا يمكنك أن ترغم أحدهم على حبك إن لم يكن يفعل، فالحب فعل غامض بكل ما تعنيه كلمة الغموض من معنى، تجنب لذا أن تضع عينك في عينه، تجنب أن تلمسه للمرة الأخيرة، تجنب أن تثير شفقته على نفسه، لأنه عندها ربما ينتحر، تناسى بأنك مقدم على ارتكاب جريمة في حق الإنسانية في حق الحب الذي اخطأت في حقه عندما اعتقدت بأنك واقع في الحب ..

لا تحاول أن تبرر الماضي، ﻷن الماضي في تلك اللحظات يلعب دورا أساسيا جدا في عاطفتك، وعندها ستنهار وربما يسوقك لتتفوه بحماقات انت في غنى عنها، وحاول وهذه النقطة الأهم من الدخول في حلقة التمنيات المفرغة، كأن تتمنى له حياة سعيدة، ﻷنك كنت السعادة في عينه، وكأن تتمنى له أن يجد شخصا يحتويه ويحبه أكثر مما كنت حقا تحبه، ﻷنه في تلك اللحظة مايزال غارقا في حبك ولا يرى أحدا سواك، وأخيرا لا تتمنى منه أن يبقى صديقك.. هذه النقطة الأكقر إيلاما ﻷين يكن، لذا غادر في موجة الموت التي ستراها تتصاعد أمامك في آخر اللحظات ..

البعد مؤلم، سيكون عليك تحمل ذلك أنت ايضا، فالروائح البشرية أيضا تحمل نوعا من الإدمان، لذا تحلى بالصبر ولا تعاود الاتصال به، تحلى بالشجاعة وجرب مطعما أو مقهى لم تكونا تجتمعان فيه، حاول في لحظات الوحدة أن لا تقلب صوركما، وإن استطعت امسحها أو مزقها، وتذكر بأن المحادثات هي مؤرجات للاشتياق، امسحها فور عودتك، صدقني سيمر وقت طويل قبل أن تسامح نفسك لكنك ستفعل ..

كن متأكدا من أنه عليك أن تكون دائما بأفضل حال عندما تلتقي فيه مصادفة، أو عندما يخابرك، تصنع الانشغال، ولا تشعره يوما بأنك ضعيف، أو أنك تشعر بالشفقة على نفسك أو عليه، حاول أن تقسو عليه، أن تتبارد في إجاباتك، أن ترغم عقله الباطن على نسيانك.

تذكر بأنك مقدم على فعل لا يمكنك التراجع عنه، ففعل القتل لا يأتي بدرجات، فالروح لا تصعد سلالم، هي فقط فجأة تختفي في عالم لم يعطنا الله إدراكا تاما له، لذا بعيدا عن عما ستشعر به بعد ارتكابك الجريمة تظاهر بينك وبين نفسك بالبراءة، لا تدع أحدا يضغط عليك، والأهم لا تحاول أن توهم نفسك بالوقوع في الحب من جديد كأنك تسكن ألم الفراق، ﻷنك سرعان ما ستعود لنفس الدائرة، ولنفس الدورة، ولا تعتقد بأن القتل إن كثر تصبح النفس أكثر تسامحا معه ..
وأخيرا يا صديقي، لا تحزن .. فهذه ليست المرة الأولى التي سيكون عليك فيها أن تكون لاعبا في هذا الفلم، كونك ممثل ستعرض عليك أدوار أقسى بكثير من هذه .. الجميل البشع في هذه الأدوار أنها واقعية جدا، وأننا نادرا ما نحتاج فيها إلى مادة مسيلة للدموع ..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى