ط
كتاب المجله

مَن هو الطاغية ..السيسي أم أردوغان ؟؟

محمد الجاسم

بقلم : محمد الجاسم

استشهد واحد وعشرون جندياً وأصيب أربعة آخرون بالإضافة إلى ثلاثة متهمين يشتبه في أنهم مهربون في منطقة الكيلو مائة في الفرافرة بمحافظة (الوادي الجديد) في مصر،والتي تقع قريباً من الحدود الليبية لجمهورية مصر العربية. وقال بيان لرئاسة الجمهورية مساء اليوم السبت أن “أرواح أولئك الشهداء ودماءهم الزكية التي سالت على تراب هذا الوطن سيكون لها قصاصها، وأنه سيتم اجتثاث الإرهاب من كافة أراضيها وربوعها، كما سيلقى القائمون عليه والخارجون عن القانون جزاءهم المُستحق”… واتهم بيان القوات المسلحة المصرية “مجموعة إرهابية” بتبادل إطلاق النيران مع قوات نقطة قوات حرس الحدود مما أدى لانفجار مخزن للذخيرة إثر استهدافه بقذيفة “آر بى جي”.

للأسف الشديد فإن هذا الحادث المأساوي يأتي ضمن سلسلة حوادث دموية تستهدف القوات الأمنية للنظام المصري وللشعب المصري على السواء مما يؤكد أن هوية الجناة واحدة وهي التي ترفع شعارات التكفير للمسلمين وسواهم من مواطني البلدان العربية وكذلك أنظمة الحكم التي تدير شؤون تلك البلدان. إن ما أتُّفق على تسميته بالإرهاب اليوم يتوسع بطريقة أخطبوطية على جميع المساحة العربية ويجد ما يؤهله للعمل الإجرامي من مقومات الموارد البشرية واللوجستية إما عن طريق الدعم الشعبي من المغرر بهم تحت شعارات إسلامية متطرفة بعيدة كل البعد عن الشريعة السمحاء، وإما من الدعم اللامحدود الذي تقدمه أجهزة مخابرات عربية ودولية، ويقودني هذا البحث مباشرة الى الدعم اللوجستي والسياسي والمعنوي الذي تقدمه القيادة التركية لمجموعات “داعش” الإجرامية والإخوان المسلمين. لقد دعمت قيادة حزب وحكومة أردوغان المسلحين الخارجين عن القانون في سوريا والعراق وسيناء بشكل علني ولم تتورع بدعم إسقاط محافظة عراقية بأكملها بيد “داعش” بالتعاون مع محافظها وحكومتها المحلية المناوئة للحكومة الاتحادية في بغداد،وسبق أن دعمت وآوت وفتحت مستشفياتها الميدانية لمعالجة مقاتلي داعش والجماعات الإرهابية التي تقاتل النظام السوري..أما وقوفها الى جانب نظام الرئيس المخلوع محمد مرسي في مصر في أزمته مع الشعب المصري ـ التي انتهت الى رميه بالسجن واستعادة الشعب المصري وقياداته المسلحة لزمام أمورهم من ذلك النظام الفاسد والسوداوي الذي أغرق مصر بنهر من الأزمات والظلامية خلال عام واحد فقط من حكمه ـ فقد كان من الواضح الدعم الإعلامي والسياسي لذلك النظام المنبوذ في مصر ومبادرة زيارة رجب طيب أردوغان وكبار شخصيات حزبه وحكومته لنظام الإخوان في مبادرة هي غاية في النفاق السياسي والإزدواجية، فحيث تتمتع العلاقات التركية الإسرائيلية بمتانة معروفة مع نظام إرهابي عنصري مثل النظام الصهيوني المعادي لتطلعات العرب في تحرير دولة فلسطين المغتصبة ،لكن أردوغان في الوقت نفسه يتجه لإقامة علاقات جيدة مع نظام مصر الإخواني في العام 2011 وأصبحت تركيا الإخوان المسلمين (العدالة والتنمية) عضواً مراقباً في الجامعة العربية، وعضواً فاعلاً في المؤتمر الإسلامي ولديها تعاون استراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي .. وأصبحت تركيا دولة “تطير بأجنحة متعددة ” حسب قول (أرشاد هرمز أوغلو) كبير مستشاري الرئيس التركي – خلال لقائه بالوفد المصري الذي استضافته تركيا في ذلك العام.

صحيح أن مصالح الدول وشعوبها هي وحدة قياس ومسطرة التعامل مع الآخرين بالنسبة لكل دولة،لكن القيادة التركية وبشكل مستغرب تعتقد ان التدخل بشؤون الآخرين وترتيب الخارطة الداخلية لكل دولة صديقة بالنسبة لهاعلى ذائقتها الخاصة هو ما يجب أن تعمل عليه دون مراعاة لمصالح الدول الأخرى في الاستقرار والأمن الداخلي ولو كلف ذلك أرواحاً بريئة وممتلكات عامة ووطنية..ان تدخلها المباشر لدعم المسلحين في سوريا ودخولها على خط الأزمة السياسية وعملية سرقة النفط العراقي وتهريبه الى تركيا من قبل حكومة اقليم كردستان العراق واستقبال وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو في أربيل وزيارته إلى محافظة كركوك العراقية واللقاء بمحافظها الكردي المعين من قبل مجلس وزراء العراق كل ذلك دون علم الحكومة الاتحادية ووزارة خارجيتها في بغداد ،لهو دليل خارق للتصرفات اللاأخلاقية والإزدرائية للقيادة التركية تجاه جيرانها العرب،في الوقت الذي لم تتمكن فيه ولا مرة واحدة أن تقوم بذلك تجاه جارتها القوية إيران أو دول البلقان أو اليونان أو غيرها..ومما دعاني للاسترسال في سرد هذه الخلفية الطويلة لموضوع المقالة هو التصرف غير اللائق لرئيس وزراء تركيا هذا اليوم بوصفه الرئيس المصري المنتخب بأنه “طاغية” و “الإدارةفيمصرليستشرعية”، وهذا التصريح الخالي من اللياقة والأدب والأعراف الدبلوماسية تجاه رئيس عربي منتخب وما ينطوي عليه من تدخل سافر ضد إرادة شعب عربي بأكمله قد جاء متزامناً ومتطابقاً لفظياً مع تصريح للداعية الكويتي المتشدد عجيل النشمي، رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي شنّ هجوماً لاذعاً على الفريق أول عبد الفتاح السيسي، واصفاً إياه بأنه “طاغية” يجب “ضرب عنقه”، بحسب فتواه المشبوهة.. مما يفتح الباب أمام التكفيريين لهدر دم السيسي.. وقد اشترك أردوغان مع النشمي بهذا التحريض العلني على القتل للسيد السيسي الرئيس المصري المنتخب بوصفه (طاغية)..

وربَّ قولٍ أنفذُ من صول

 

ناصرية دورتموند ـ ألمانيا

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى