ط
الشعر والأدب

من أجلِ حفنةِ من رمل حيفا..للشاعر / د. أسامة مصاروة . فلسطين

من أجلِ حفنةِ من رمل حيفا
كانَ صخرٌ في المنافي ساكِنا
والمنافي قد رآها موْطِنا
لمْ يكنْ يدري بأنَّ المَوطِنا
صارَ للْأغرابِ ظُلمًا مَسْكَنا
ذاتَ يومٍ قالتِ الأختُ منى:
“يا أخي منْ قبلُ لم نحيا هُنا”
“يا منى صبرًا على جهلي أنا
واشرحي لي القولَ أوْ ماذا عنى؟”
“في عروسِ البحرِ يا صخرٌ لنا
منزِلٌ مثلَ الأهالي حولنا”
“كيفَ يا أختي أليسوا مثلَنا
بلْ أليسَ البعضُ منهمْ أهلَنا”
“يا أخي اسمعني وسجّلْ: جدُّنا
من بلادٍ سوفَ يبقى وعْدُنا
عودَةُ الأهلِ إليْها عهدُنا”
“كيفَ يا أختي استباحوا عِرضَنا؟
كيفَ جاؤوا ثمّ ضمُّوا أرضَنا
بلْ وَعادى البعضُ منَّا بعضَنا؟”
“بلْ وجاءَ البعضُ منهم قبلَنا
إذْ رمونا في المنافي كلّنا”
“حدِّثيني يا مُنى عنْ بيتِنا
عن أبي أمّي وحتى زيتِنا
أينَ منْ كانوا جميعًا بيننا؟
أينّ منْ كانوا كذا جيرانَنا؟”
“يا أخي سمعتُ يومًا أمَنا
قبلَ أنْ تفنى هنا أمامَنا
آهِ لو تعْلمُ ما قالتْ لنا
أوْ بِماذا طالبتْنا علّنا
نستَطيعُ الفعلَ أيضًا علّنا”
“حدّثيني أخبريني يا مُنى
بمَ فعلًا طالبتنا أمُّنا؟”
“طالبَتْنا يا أخي أَنْ تُدْفَنا
معْ قليلٍ من ثرى حيفا هنا
كيفَ نجني يا أخي تلْكَ المُنى؟
مستحيلٌ ما رجتْهُ أمُّنا”
ذاتَ ليلٍ عندما كانتْ منى
في فراشٍ مِنَ بقايا بُطِّنا
سار صخرٌ خلسَةً حتى دنا
منْ جدارٍ يستبيحُ الموطِنا
ظلّ يمشي مستقيمًا مؤمِنا
دونَ خوفٍ أو خُنوعٍ أو خنا
وصلَ الشاطِئَ صخرٌ وانْحنى
فوقَ رملٍ أفْقّدوهُ وصْلَنا
ثمّ أخفى حفْنَةً منْ رمْلِنا
فرحتْ لمّا استعادتْ شملَنا
فجأةً رأى العدوُّ ابْنَنا
بعد أن سارَ طويلًا واهِنا
خانتِ الرجلانِ صخرًا إذ دنا
واحدٌ منهم ونادى معلِنا
موتُ هذا الكلبِ إنجازٌ لنا
خرَّ صخرٌ إذ أرادوا قتلَنا
وأرادوا عن ثرانا فصلَنا
قدْ أضاعْنا في الصحارى خيْلَنا
وَفقدْنا كلَّ صُبحٍ ظِلَّنا
لمَ لا نفقدُ أيضًا صولَنا
لمِ لا يرجونَ حتى ذُلّنا
بكتِ الأزهارُ صخرًا قبلَنا
علّنا نفهمُ الرؤيا علّنا
د. اسامه مصاروه

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى