ط
مسابقة القصة القصيرة

القصّة الصغيرة,,مسابقة القصة القصيرة بقلم سارة معمرى من الجزائر

سارة معمري
ولاية الأغواط ، الجزائر

الإيميل : [email protected]
القصّة الصغيرة

الأعرج و وشاح الغجرية
كَانَ الفِيتنَامِي الأَعرَج يَجُول شَوَارِعَ إِسبَانيَا حَامِلا كَمَانَه وَ يَلعَب عَلَى أَلحَان الغُربَة المُوحِشة لِقاء بَعضْ دَنَانِير تُرْمَى عَلى مِندِيله مِن المَارَّة ، لَكن أَلحاَنه كَثيِرا مَا كَانَت تَتَعثَّر لِتلقَى عَلىَ مَساَمِعهِم فَقَد إِختَلَطَت بِصَوت المُشَاة وَ صُرَاخ الأَطفَال إِلَى ان إنطَلقَت غَجَرِية مِن بَينِهم تَتَمَايل عليها بإِنحِناَءَات شَرقِية تُدَاهم نُوتَاتِه الآسيوَيَة لتَدمِجهَا بِالرّقْص الغَجَرِي المْتمرِّد ، هْناَكَ فَقَط صَارَت مْناَجَاته مَسمْوعَة وَ ظهَر للجَمِيع أنّه موهُوب عَلىَ الرَّغم مِن إِعَاقتِه.
سَمراء ذَات شَعْر أَحمَر نُحَاسيِ ، مَمشُوقة القَّامَة ، تَرتَدي ثِيَابا زَاهِيَة حَرِيريَة بِتَدرُجَات لَوْن الشّمْس ; هَكَذَا بَدَت الغَجَرية وَ رُوح الشّباََب تَتَخبّط تَحتَ كَعب جَزمَتيهَا ، أمَّا الفِيتنَامِي المِسكيِن فَكَان مَعْطُوب حَرْب حَمَلَ جَسَده المُتَخَاذِل إلَى إِسْبَانيَا ليَشحَت قُوتَ زَوجَته وَ إِبنتيَه ، كَان يَروي إِزدِرَاء الوَتر حِينَ يَحْتكّ بِإصَابِعه النّحيلة فَيَشْجُو تَرَانيِم قاَدِمة مِن شَذاَيا مَعركة ألْزمَته العَرج.
إِستَقاَمت ظِلاَل أُمسيَة ذَلكَ اليَوْم الإسْبانِي وَ لاَ زَالاَ كُل مِن الغَجَرية وَ الفِيتنَامي يُدَاعبَان أوْتَار الكَماَن ، ذَاعَ صَيتُهم فِي السَّاحَة ، أرَاد الجَميع إلقاَء نَظرة عَلى هَذا العَرض المُزدَوج الأدَاء وَ رَاحَت الدَناَنيِر تنَهَال حَتّى فَاقَت إِستِيعَاب مِندِيل الفِيتناَمِي فَسَحَبت الغَجَريَة وِشَاحَها الصّْوفِي وَأَوْقَعَته أرْضا لِيَستَوْعَب المَزِيد و إندَلعَت رَقصًا إلىَ حدّ الإبتِذَال وَ تَصفيِقات الفلاَمِنكو تَصفَع بُرُودَة الطَّقس فاَشْتعَلت نِيران الشَّرق تُلهِب ناَفُورة السّاحَة الأَندلسية وَالتَنوُرة الغَجَرية المُنسَابَة . كَانَ تَفكير الفيتنَامي فِي تِلك اللّحظََة يَنصَبّ فِي إنَاء الطَّمَع ، إِشتَهَى حُصُوله كاَمِل المَبلغ ، لعَلّه بذِلَك يَعُود لِعائلته وَ يَحْظَى مَعَهم بِعطلة مُطَولة هُو ليَس في غِنَى عَنهَا بَعد غيِاب سَنة كاَملة فَهلْ سَيكون لَهُ ذَلِك ؟ صَمَت حاَلِمًا وَ إَنتظَر الغَجَرية لتحدّد مَصيرَ أيّاَمه القاَدِمة..
مَعَ مَغِيب الشّمْس تَهَاودَت الحَركَة فيِ السَّاحَة وَ ظَهَرت عَلاَمات التَّعب عَلىَ أصَابع عَزفَت و َجسم رَقَص ، كَانَ لاَبدّ مِن إنهَاء ذلك العَرض الجَمِيل ، خَلعَت الغَجرية جَزمَتيَها وَ بَدا علَىَ رِجليْها التَوَرّم فَصَعبت عَلى الفِيتنَامي فأَسْرَع يُهَرول للمَقهَى المُجَاور وَ إقتنَىَ قِطعًا مِن التشُورُو وَ كُوبَين ِمن الشُكُولاَطة الساّخِنة ، إسْترخَى الإثنَان وَ أسندَا رَأسيهُمَا عَلىَ حَافة النَّافُورَة وَ أخَذا يُغمسَان التشُورُو وَ يَتبَادَلاَن نَظَرَات الشّفََقة وَ الإِمتنَان ، رُبع ساَعة مِن بَعدِها قَامَت الغَجَرِيَة رَتبَت مَظهَرَها أسْدَلَت شَعرهَا عَلى يَمِين كتفها إستدارت لِلْفيتنَامِي و ودعته دُونَ أَنْ تَأخذ دِيناَرا وَاحِدًا ، ثُمّ إِخَتفَت عَن نَاظِرَيه وَ صَرخَت بِأعلىَ صَوتِها “إِحتَفِظ بِوشَاحيِ كَذِكرَى ” ذُهِل الفِيتنَامي لمَوقِفِها النَّبِيل هَذا وَ ذَرَف دُمُوعًا بَلَلت آخِر قِطعة تشُورُو كانَت بحوزتِه وَ أثْلَج قلبه فرَحًا ، لقَد كَلّلَ حُلُمه لِلقاَء عائِلته بِوشَاحِهاَ الجَّالِب الحَظ ذَاك..
آوِشَاح رَاقصَ خِصرَها لَحنًا رُخَاميًا ..
فَوِشَاح إِبتَاعَ نَظرَاتاهم دِينَارا ذَهبَيًا ..
لِوِشاَح عَزَف عَلىَ الجِبال جِسْرا خُرَافِيا ..
______ بقلم سارة معمري

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى