ط
الشعر والأدب

المبجل.قصة قصيرة بقلم / طارق الصاوى خلف



نفث دخان سيجارته، راقب من برج القصر بمزيج من السعادة والقلق “المبجل” يتبختر على المدقات بين الحقول، ابتسم وهو يرفع رأسه ، يخفضها ليرد على تحية فلاحين ينتصبون واقفين تقديرا “للمبجل” حتى يتوارى داخل أسوار قصر لم تطأ قدم أحدهم أرضه الرخام، لم تبصر عيونهم من قريب طيوره زاهية الريش تصدح فى شرفاته ولم تمس أياديهم جسد النسر الموكل بحفظ “المبجل” وهو يقف على معصم السيد متأهبا ليرده إذا فكر فى عبور إحدى بوابات العزبة.
أهدر السيد شطرا من حياته حبيس قصر لم يغادره ، تجلس تحت قدميه خادمته الشمطاء سليطة اللسان التى لا ينسى عمال المزرعة لها قبضتها على يد صبرية وسحبها إلى داخل المجهول، سار خلفهما المبجل رافعا إلى الشمس رأسه ولم ير أحدا بعد هذه الحادثة وجه صبرية الذى يحاكى اللبن فى بياضه، لكنها خرجت من مستقرها عندما نقلت الكاميرات واقعة “المبجل” شاهدته – بكبد يتفتت- يترنح فى سيره ، يتخبط فى الجدران يقاوم لاستعادة توازنه، خانته قوائمه، خر على الأرض يئن.. انفلتت من صدر السيد صيحة كأنها بوق حشر، جُمع الفلاحون من أنحاء المزرعة، هبط من برج القصر بالمصعد الكهربائى على مقعده المتحرك تدفعه خادمته، تتعثر صبرية فى عبائتها ، تحاول أن تجمع اطراف الغطاء على طفل بين يديها، تنزف من عيونهم دموعهم قطرات ندى و “المبجل ” يربد على شدقيه الزبد ، يرتجف جسده الضخم ، تدور عينيه الزابلة على وجوه الفلاحين المقيدين إلى الأشجار والسيد يقرقع بالسوط من الغيظ فى الهواء و الجواد يكاد يجود بأنفاسه الأخيرة.
طارق الصاوى خلف

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى