ط
مسابقة الشعر الحر والتفعيلى

تراتيل الرماد ..مسابقة القصيدة النثرية بقلم / محمد دريوش من المغرب

للمسابقة.
“قصيدة نثرية”.
بقلم : محمد دريوش.
البلد : المغرب.
الهاتف : 00212652757312
————————-
تراتيلُ الرّمادِ.

الخفقةُ الأولى…
________
أيُّها المصلوبُ على صفيح الحياةِ
يا فينيقَا ينبعثُ من رمادِ وجعٍ…
إلى وجعٍ جديدٍ
هناكَ… خلفَ الصّدَى
يُولد حلمٌ جديدٌ
فتذكّرْ…
تذكّرْ أن تُدرّبَ طقوسَ الحزنِ
واِصنعْ من ماءِ المزنِ
أجنحةً تمتدُّ مسافةَ عمرٍ
أنا قدركَ …أنا أناكَ الآخرُ
هناكَ على الضّفةِ الأخرى
عبثًا
أُخاتل فرحًا عصيًّا
عبثًا
هناك أقتفي أثرِي
عبثًا
أقيسُ المسافةَ الممتدّةَ
بين الرّوح وبين جسدِي
فلا أجدُني…بل أجدُني
قد بلغتُ من الحزن عتيًّا…
******************
الخفقةُ الثّانيةُ…..
________
وحكتْ جدّتِي
أنّ جدّيَ الأكبرَ كان زيَرَ رياحٍ
يُحاربُ الطّواحينَ
ويحفظُ القرآنَ ويكتبُ الشّعرَ المستباحَ
ُولِدتُ وحييت ُلا لأنّي أستحقُّ الحياةَ،
بل…
لأنّ الحياةَ تحتملُ مزيدًا من الصّخبِ
ولأنّ الحزنَ بحاجةٍ الى جثّةٍ
يمارسُ على تخومِها طقوسَ الشّغبِ
فكنتُ أنا الجثّةَ بمسرحِ الحياةِ
وكان الحزنُ نايًا من قصبٍ
أصيحُ بوجههِ:
أنا الحطبُ…نعم أنا الحطبْ
فأنعمُ بذات المسدِ يا أبا لهبْ
يقول الحزن الطّاعنُ في السّنِِ:
لا سبيلَ إلى تمشيطِ ضفائرِ الحلم
لا قدرةَ لديكَ… ولا حتّى السّلاح
أَوَ تدْري
أنّني ما كنت لأكون لولا كافِ الكينونةِ…
“نونٌ وما يسطرونَ…”
الشّعراءُ الحواريّونَ
قالها الرّبُ: كُنْ فكانَ ما سيكون
لولا السّكون…
لتهاوَى الحرفُ بكسرةٍ قاصمةٍ…
“إنّا فتحنا لك فتحًا مبيناً”
سنُردي هذا الوجعَ قتيلاً قبل أن يُردينَا
أو…على سبيل المجازِ
ستمتشقهُ تلكَ الضمّةُ الواهنةُ
يقول الحرفُ:
إنّ حضنَ اللّغةِ باردٌ كعزّة العربِ الرّاهنةِ
إنّ هذا الحرفَ لا ينطقُ عن الهوَى
إنْ هو إلاّ قابُ وحييْن أو أدنَى
فنمْ يا حبيبي على سرير القصيدةِ
نمْ يا حبيبي بين جفنِي وهُدبِي
وأعدْ لي صهوةَ الرّيحِ العنيدةِ
كيْ يتدلّى من أنشوطة الشّعر كلُّ تعبِي…
******************
الخفقةُ الثّالثةُ…
________
أريدُ أن أكفَّ عن العويلِ، وكالرّضيعِ
أحشِر بكائي عميقًا بصدرهَا…
هذه الأم بملء إرادتها
وأقلّمُ بردِي بدفء حضنهَا
كهواءٍ محبوس بصدرِ رجلٍ مريضٍ
أتأكْسدُ مع كلّ خبر عاجلٍ
وأنتظرُ خلاصا
ربما يأتي…أو ربما لا يأتي بعد الفاصل
أنتظر خلاصًا
وكفنًا باردًا يأتيني مع قوافلِ المهجّرينَ
لا دخلَ لي حيالَ كلّ هذا الصّخبِ
لا وقت لشيءٍ…
وحده اللّيلُ يضاجعُ الظّلمةَ بهذه المدينة البائسةِ
ماذا أقولُ؟!
منهكٌ أنا والقلبُ قد أصابه اليباسُ
أخي قَتل أخي الآخرَ بلا سببٍ
وترك العقابَ يقتاتُ على عينيه الجاحظتينِ نحو الغيابِ
والله يراقب في صمتٍ!
ماذا أقول؟!
أخي لم يتعلّمْ حرفًا من درس الغرابِ!!!!
أواه من هذا الحزنِ الجاثمِ على الصّدرِ
أواه من دم حنظلة المراقِ باسم التّحالفاتِ
سئمتُ السّياسةَ والسّاسةَ
وخيولَ الإسطبل الأليفة جدًّا
وأراجوزاتِ الخطابةِ
ومؤتمراتِ النّخاسةِ
سئمتُ الأخبارَ وديجور الكواليسِ والأسوارِ
وجرعات التّعاسةِ
فيا للمفارقة؟!!!
أكلّما اهتديتُ إلى أنايَ…
تاهتْ منّي من جديدٍ؟
أكلّما قطعتُ مشيمةَ الحلمِ…
كتم الموتُ صرخةَ هذا الوليدِ؟
أكلّما شحذتُ حذاقتي الشّعريّةَ لأنظمَ القصيدَ…
أزهرتْ على وجه قصيدتي التجاعيدُ؟
لا دخلَ لي حيالَ كلّ هذا العطبِ
في الطّريق إلي جماجمَ مزدهرةٍ
وحلمٍ كسولٍ يتثاءبُ…يا له من عنيدٍ!!!
وخيباتٍ تلاحقُني كظلّي الذّي تنكّر لي
وراح يهادنُ الغيابَ
تلك الحمامةُ التّي باضتْ بخاطري
لم تعدْ هذا المساء! هي لن تعودَ.
تركتْ بيضهَا في عُهدتي
وغادرتْ قبل اِنبلاجِ الحلمِ من شرنقةِ الوهمِ
على وجه السّماءِ
رأيتُ أسرابَ غربانٍ تحجبُ الشّمسَ
وبعضُ العناكبِ تنسجُ المصيدةَ
وتُحصي الغنائمَ..
هكذا أغلقت الصّخرةُ
على المدينة بالرّقيمِ
ونِمنا طويلاً…ونمنا كثيرًا
وعالجْنا الهزائمَ بالتّمائمِ
وحلُمنَا بأطلال الأمسِ
وتنافخنَا في الحلم أمامَ العالم.ِ..
بسيوفٍ من خشبٍ
وعندما نالَ من أجسادِنا التّعبُ
عُدنا للنّوم مجدّدا…
فليس هناكَ ما يدعُو للصّحوِ
من سببٍ
أنا حرٌّ كشعاعِ شمسٍ تسلّل من شقٍّ بجدارِ الرّوحِ
وفيٌّ لعقيدةِ الحرفِ كعبّاد الشّمسِ
أنا حرٌّ كنسمةِ هواء تعبث بلباسٍ حريريٍّ لامرأةٍ مشيدة من مريَة الحلمِ
أنا حرٌّ، ولي كاملُ الحريّةِ في أن أصرخَ
والصّدى حرٌّ، وله كامل الحريّة في أن يُعيدَ صوتي إلى مهْبط الألمِ
أنا حرٌّ، ولي جاذبيّةُ وجعي تؤنسنِي حين يخرس ُنبضِي..
هكذا فقط
أحيَا سالمًا معافًى من عبثيّةِ الحياةِ
أنا حرٌّ، ولي حلمان توأمانِ:
أولاّ..
تأجيج النّار التّي خبتْ بمحرقة الكلماتِ
ثانيًا..
اِقتفاءُ أثرِ الأيائلِ الهاربةِ من وقع خطواتِ القصيدةِ على صفحةِ روحي الجريحةِ
أولئك العابرونَ
أنا أراهم رأيَ العينِ
يمرّونَ أمامي مِرارًا
وفي كلّ مرّةٍ يمرّونَ…
تنسربُ روحي من وراءِ ظلّي…
وتلحق بصفوف الحيارَى
يقول الطّفلُ المحمولُ على الأكتافِ:
اِشتقتُ إلى قطّتي…
وإلى مدرستي…
وإلى تلك الشّجرةِ المعمّرةِ بساحة بيتنَا
دانيةَ القطافِ
أقول لطفلٍ كنتُه ذاتَ فرحٍ
نمْ يا حبيبي قليلاً..ونمْ يا حبيبي طويلاً
لكي لا تسلب أصحاب الفخامةِ
لذّةَ التّماهي مع الكبسة ولذّة الخمر بالقدحِ
وهزّاتِ الأردافِ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى