ط
هنا الجزائر

ثقافة التنابز بقلم الدكتور رياض فرج شديفات

مكتب الأردن:
منال أحمد

11225402_1598555190439908_2873710094682185080_n

ثقافة التنابز..
في الثقافات السطحية والضحلة في التفكير والمنطق ينشغل الناس بأكل لحوم بعضهم ، والانتقاص من غيرهم بوصفهم بشتى الأوصاف التي تنال منهم ، فتجد الذم والقدح والتحقير والتشهير ، وتجد الاتهام بتهم الفساد أو الجبن أو البخل من غير بينة ، وتجد التحاسد بعبارات ” متى صار فلان ” على سبيل الانتقاص لمن انعم الله عليه بنعمة أي كان نوع هذه النعمة ،وتجد الغيبة والنميمة والفساد ، وتجد القيل والقال ولغو الكلام والجدال ، وتسمع التنابز بالألقاب واللمز والغمز، وتجد الفحش من الكلام والسباب .
كما يلاحظ أن المجالس واللقاءات في المناسبات العامة والاجتماعات تتحول إلى مهاترات كلامية لا تقدم أي بعد علمي، أو ثقافي ، أو قيمة اجتماعية ، أو اخلاقية تضاف للرصيد الحضاري للمجتمع ، وغالب اللقاءات يظهر فيها سطحية التفكير بدليل العقليات القبلية التي تنطلق من منطلقات ضيقة تستند إلى العصبيات العشائرية ، كما يلاحظ البعد عن جوهر القضايا التي يجب أن تعالج في المجتمع من مثل ضرورة مناقشة العادات والتقاليد التي تتناقض مع تراث المجتمع وثوابته الفكرية ، أو وضع المواثيق التي تعالج الخلل في منظومة العادات والتقاليد ، وقضايا الصحة والنظافة والبيئة وغيرها .
وإن محاولة تحليل الخلفيات الفكرية والثقافية والنفسية تدلل على وجود نفسيات لوثت بملوثات الثقافة ومورثات الثقافة السلبية التي تغذيها التناقضات المجتمعية ، كما تدل على مقدار الشوائب التي دخلت على الثقافة المجتمعية مما انعكست سلبا عبر المزيد من الأمراض الاجتماعية والأخلاقية ، وأن هذه المورثات الثقافية والاجتماعية غدت سمة بارزة في مجتمعاتنا ، فثقافة التنابز هي جزء من تأثير هذه المورثات الثقافية السلبية في مجتمع من المفترض أن يلتزم أحكام الشرع الإسلامي الذي يحرم التنابز ويصف هذا السلوك بوصف ” الفسوق ” مع استخدام لفظة بئس للنفير من هذا السلوك المرفوض دينيا واجتماعيا .
فكم من السلوكيات اليومية تندرج تحت تعبير بئس ، فبئس ثقافة التنابز ، والظن السيء ،والحسد ، والغيبة ، والنميمة ، والهمز واللمز ، إذ هي تتناقض مع قيم الثقافة العربية الإسلامية والقيم الإنسانية النبيلة ،وهي أمراض اجتماعية ونفسية ، وسلامة المجتمع تكمن في خلوه منها ، ولا يقوم بنيان المجتمع وهذه الأمراض تفتك به ” فكلكم لآدم وأدم من تراب ” فهنيئا لمن سلم الناس من شره وأذاه ، وهنيئا لمن عاش سليم الصدر ينظر إلى غيرة نظرة الإنسانية والتواضع ، وهنيئا لمن حارب هذه الثقافة السطحية وترفع بسلوكه وتفكيره عنها خدمة لمجتمعه ووطنه ، وجميل ما قاله الشاعر : لكل شيء زينة في الورى وزينة المرء تمام الأدب
قد يشرفُ المرء بآدابه فينا وان كان وضيع النسب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى