ط
مسابقة القصة القصيرة

حب على الفايسبوك.مسابقة القصة القصيرة بقلم / ليندة كامل من الجزائر

ليندة كامل / الجزائر
نوع المشاركة قصة قصيدرة
العنوان : حب على الفايسبوك .
———————————
فتح باب الأمل في وجهها هذا الصباح بعدما وصلتها رسالة ؟ أجل رسالة نزلت كغيث البشرى، رسالة مباغتة تراوغ حسها ورغبتها في كسر هذا الصمت الطويل الذي نخر عباب عمرها ،
رسالة واحدة كانت كافية لتغيير مجرى تفكيرها .. ! ها هى تفتحها مرات عدة بالدقيقة الواحدة
لتقرأ ما جاء بها, كأنها لم تقرأ شيئا من قبل .. لينسدل الفرح على روحها كالمن والسلوى ..
تنتشي من همس تلك الكلمات التي تنزل على قلبها كحبات المطر في أرضها الجافة
منذ زمن، وهاهي ورود الغبطة تنبت فوق بساط روحها ليزرع الجوري على وجنتيها ,
فتضحك في صمت , و تواري ابتسامتها من نظرات المحيطين بها ومن شكهم بها .. !
شاردة الذهن تفكر فيما جاء بالرسالة.
هل ستجيب صاحبها ؟ لربما يعتبرها متلهفة ؟ أو يعتبرها مثل باقي البنات الطائشات و الباحثات عن مسخرة مع رجل، لأضاعة الوقت ..
ستتريث قليلا كي يتأكد من أصلها الخلوق،و من رصانتها .. فهي على كل حال غير متعودة على الدردشة , ليعتقد ما يعتقد عنها .. هكذا هم شباب اليوم لا يظنون إلا السوء بالنساء .
اهتدت إلى أن تطرز جدار صفحتها بآيات قدسية وأحاديث و أحكام لأشهر الفلاسفة والمفكرين ,
فالأخلاق صارت مجرد إظهار ما يجب إظهاره أمام الآخرين حتى يعتبرونك خلوقا ..!

تباغتها رسالة ثانية، بها إصرار شديد وإلحاح على الحديث معها , كأنها أصابع تضغط على قفاها للبوح ..
الفرح يغمرها ودقات قلب متسارعة ولهفة وفرح وأحاسيس اختلطت فيما بينها, كأنها ابنة العشرين.. أيعقل أن يكون الحب بلا عمر!, لا يحدده التاريخ كأنه مولود جديد , يولد بين أحشاء قلبها..؟
ثم توالت الرسائل كسيل جارف يجرف معه قلبها وكل إحساس جميل بها , ورقم هاتفه يتراقص أمامها يترجاها أن تكلمه ..
يا لسخرية الموقف , هي من كانت ترجو القدر أن يقع رقم مجهول لاحدهم بالخطأ على هاتفها، هاهو يأتيها بلا موعد آو انتظار ها قد جاءها كما تشتهي ..
فكرت أيحق لها أن تكلمه؟ تكلم شخصا غريبا لا تعرف عنه غير جدار زاخر بالكلام الجميل؟
ثم كيف له أن يجرؤ ويضع رقمه هكذا؟ ألا يخشى أن يسقط في أيدٍ طائشة ؟!
تجاهلت الرقم , وأكدت له أنها لا تتحدث على الهاتف،فالرسائل تكفي وهي أقل إحراجا بالنسبة لها ..
الفرح يكبر والأحلام تملأ الأفق فقدطلب صورتها , فأعطته صورة لفتاة غيرها، باهرة الجمال ..طلبت صورته فأعطاها صورة لشاب يافع وسيم ..!
يالسعادتهما ببعضهما كل ما حلمت به صار بين يديها , لقد فتح القدر طاقته لها ..
جاءها الحب على طبق من حلم , يالهذا العالم الافتراضي! كأنه عصا موسى يحقق بها ما لم يحققه الواقع.. كم من رجل حلمت به والحظ يخلف وعده معها، وكم من حلم راح ضحيته.
تواعدا على لقاء حقيقي في مقهى غالبا لا يرتاده أحد ..
أتفقا على الملابس والمكان والشكل.. كل الأحلام صارت تراودها عن نفسها، تفتح الخزانة وتبحث لها عن ثوب جميل يظهر مفاتنها ويزد في جمالها، أي نوع من الألوان تضعه على شفاهها , وأي عطر ستبخه على جسدها .. تستلقي على الفراش مرة , ثم تقفز إلى المرآة أخرى, تنظر إلى لون شعرها ثم إلى وضع ابتسامتها ثم إلى عينيها.. ولون الحياة يبعث فيها إحساسا لذيذا لا تتمناه أن ينتهي، تعد الساعات والدقائق وهي على أهبة الاستعداد للقياه .. وهاهي تجلس إلى طاولة غير تلك التي حددتها معه خلال المحادثة , غير مرتدية الملابس التي اتفقا عليها ولا تحمل حقيبة أيضا.. وهو ينظر إليها من خلف زجاج النافدة , يتمعن تفاصيل وجهها ..
يتقدم نحوها بعد ساعات من الانتظار, يدفعه أحد الأصدقاء على كرسي متحرك , بينما يقول النادل لها : ” سيدتي ، انتهى الوقت وسنغلق المكان هلا تفضلتي بالخروج ؟ “.
ظل هو بمكانه لم يحرك ساكنا , ينظر إليها وعيناه ملئ بدموع الوجع، وهي تلملم أغراضها وسحابات الألم تعتصر مقلتيها ،ودوامة الأسى تمور فى أعماقها.. لجمت الكلام بداخلها وراحت تجر أذيالها .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى