ط
مقالات بقلم القراء

قدماء المصريين والطب الوقائى . بقلم / د. محمود المحمدى

 

كتب

د/ محمود المحمدى عبد الهادى

دكتوراه الارشاد السياحى – جامعة المنصورة

ان العادات والتقاليد المتوارثة من الحضارة المصرية القديمة كانت هى طوق النجاه والمقاوم الاول ضد الامراض والأوبئة التى تعرضت لها مصر والعالم كله فالاوبئة والامراض ما هى الا مرآه لحالة المعيشة الصحية والاجتماعية لمجتمعا ما .

فيحدثنا التاريخ عن وباء أثينا عام 430 ق . م والذى ادى الى القضاء على الالاف من البشر حيث انتشر وباء الجدرى واصاب الكثير من الناس وكان الاطباء اول من تعرضوا لهذا الوباء وانشرت الجثث فى الطرق والميادين.

ويقول المؤرخ اليونانى أرنولد توينبى ان الحيوانات المفترسة والطيور أكلة الجيف كانت لا تقرب من تلك الجثث ولا تاكلها حيث فطنت انها ان تقدمت اليها واكلتها ماتت هى الاخرى.

ولعل تلك العادات والتقاليد هى التى نتج عنها ما يسمى بمفهوم الطب الوقائى الذى يعمل على الوقاية من حدوث الأوبئة الصحية وتحسين الصحة العامة.

ويمكن تلخيص تلك العادات والتقاليد التى تعكس سير الاحوال المعيشية فى الحياة المصرية القديمة والتى عملت على تاصيل الطب الوقائى والحفاظ على صحة المصريين من انتشار العدوى والامراض وسوف نستعرضها معا التحية والسلام والعناية بالشعر والعينين والاسنان والاهتمام بالبشرة وغسيل اليد والقدميين وايضا النظافة العامة.

  • التحية والسلام

عرف المصريين القدماء السلام والتحية عن طريق رفع اليد والقاء التحية وليس عن طريق السلام باليد والتقبيل والاحضان فالمتأمل للنقوش المصرية التى تصور أوضاع التحية عند قدماء المصريين و الطريقة الفنية الى كانوا يستخدمونا للتعبير عن “الاتصال / الصلة” بين الانسان و الالهة , يكتشف أن هناك نقوشا و جداريات أظهرت بعض الالهة و هى تقوم برفع الأيدى بنفس الطريقة أمام الانسان وهناك أيضا أحدى الجداريات التى تصور الملك رمسيس الثالث و هو يرفع كفه بالتحية لأنوبيس و يبادله أنوبيس نفس الشئ فالتحية كانت رمزية برفع اليد والقاء السلام.

  • العناية بالشعر

حيث اهتم القدماء المصريين بحلق شعر رؤوسهم وكان العمال والفلاحين يخرجون الى الحقول عراة الرؤوس فيقول هيرودوت فى هذا الشان بان جماجم المصريين كانت صلبة وقوية حيث كانت تتعرض للشمس فترات كبيرة وايضا ذكر عدم انتشار امراض الشعر كالصلع وغيره من امراض بين المصريين حيث كان الرجال يحلقون شعر اجسادهم مرتين فى الاسبوع وايضا قامت النساء بازالة شهر اجسادها وتعطرت بالعطور  .

  • العناية بالعينين

اعتاد المصريين منذ القدم ان يتكحلوا فكان للكحل فوائد كثير فكان يجلى البصر ويبعد الحشرات عن العين ويعمل على علاج امراض العيون كالرمد الربيع وانقلاب الحافة الجفنية والكثير من امراض العيون التى كانت منتشرة فى تلك الفترة ولم يقتصر التكحيل على السيدات بل كان الرجال ايضا يستخدمون الكحل للزينة وللوقاية من امراض العيون.

  • العناية بالاسنان

عرف المصريين القدماء العنياة باسنان واهتموا بها والدليل على ذلك ظهور الطبيب حسى رع فى الاسرة الثالثة والذى كان متخصص فى علاج ونظافة الاسنان ، واستخدم المصريين القدماء الكندر واليانسون فى تقوية اسنانهم وايضا لطيب رائحة افواههم.

وكانوا يستخدمون أغصان الأشجار العطرية لتنظيف الأسنان لتحل محل فرشة الاسنان وتكسب الفم رائحة جيدة وفى نفس الوقت تعمل على إزالة البلاك وجزيئات الطعام.

الاهتمام بالبشرة والوجه

حيث استخدمت المرأة المصرية القديمة زيت الحلبة، الذي يتميز بقدرته الفائقة على مقاومة التجاعيد وتأخير ظهورها، إضافة إلى أثره الفعال في القضاء على النمش، بغرض العناية ببشرتها والمحافظة على شبابها.

وثامت ايضا بإعداد محمود من الاقنعة التى استخدمتها فمنها التي استخدمت فيها عسل النحل ومطحون الحلبة والأعشاب، وأيضًا العديد من أنواع الزيوت النباتية لترطيب بشرتها وتغذيتها، فاستعملت زيت البابونج الذي بدأت شركات إنتاج مستحضرات التجميل في استخدامه كعنصر فعال في تغذية البشرة والعناية بها، بعد أن تأكد لها أنه أفضل أنواع الزيوت فعالية في هذا المجال لما له من فوائد متعددة ولأنه ليس له أي آثار جانبية.

والمصريون استخدموا الروائح القوية من البابونج واللافندر والقرفة وزيت الزيتون وزيت اللوز مخلوطا مع الدهون الحيوانية والزيوت، وفي العالم القديم أغلى أنواع الروائح وأكثرها جودة كانت من مصر والأكثر شعبية منها كان يصنع من الزنبق والقرفة، والروائح كانت تخزن في زجاجات جميلة من المرمر، وفيه أدلة أنه كان فيه علب زرقاء استخدموها، وأكثر الروائح المصرية شهرة صنعت في مدينة منديس بمحافظة الدقهلية، وكانت تصدر لروما وتتكون من الراتنج.

  • نظافة اليدين والقدمين

كان المصريين القدماء يعسلون ايديهم وارجلهم بالصودا والملح النطرون قبل الاكل وبعد الاكل وايضا فى الصباح وفى المساء وقبل النوم وكانت عادة غسيل اليد والقدمين منتشرة قبل تناول الطعام فى الولائم فى مصر القديمة ولفترة قريبة كانت تلك العادة لازالت قائمة فى المجتمعات الريفية فى ريف مصر .

وذكرت تلك العادة فى التوراه حيث وردت فى سفر التكوين بان سيدنا يوسف امر خدمه بان يغسلوا ارجل وايدى اخواته قبل تناول الطعام.

ونختتم حديثنا عن الصحة الشخصية لدى المصريين القدماء ومعرفتهم الطب الوقائى بما ذكره المؤرخ هيردوت حيث يقول إن المصريون يمارسون الختان حبا في النظافة فهم يفضلون النظافة علي حسن المظهر، وكل يومين يحلق الكهنة أجسامهم حتي لايتوالد القمل لديهم وهم يقومون بخدمة الآلهة، ويظهر هيردوت أن المصريون وضعوا قانونا بأن دخول المعابد دون اغتسال وطهارة، مؤكداً في غير مصر يطلق الكهنة شعورهم أما في مصر فيحلقونها. ويوضح كتاب النظافة اليومية عند المصريين القدماء أن المزين كان يخدم في بيت الصباح وهو المشرف علي تزيين الملك، أما رئيس طائفة المغسلين فهو يرمز له في الكتابة المصرية القديمة، بطائر الزقزاق حيث لاحظ المصريون أن هذا الطائر الذي كان يقوم بتنظيف نهر النيل من الديدان،حيث كان يظهر كزوجين وعادة ماكان يكتب بطائر واحد كذلك لقب غسالي اليدين الملكي حيث عرفت مهنة الغسال منذ الدولة القديمة حيث كانوا يقومون بمهنتهم في غسل الملابس وتعريضها للشمس.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى