مسابقة القصة القصيرة
قصة : عزف منفرد. مسابقة القصة القصيرة بقلم / ابتهال خلف الخياط . العراق

ابتهال خلف محمد زبيد
الاسم الادبي ابتهال خلف الخياط
العراق\ ديالى
قصة قصيرة\ عزف منفرد.
*
قال : أنتِ غير موجودة عليك أن تصدقي ذلك .. لقد صنعك عقلي في عالم وحدتي كي لا أنسى الكلام و الإحساس بالحب ، فالسجن الانفرادي وضع فظيع جدا ، عليك أن تفهمي ذلك.
قالت: أفهم ماذا ؟ لكنك تحدثني الآن فكيف لا أكون.
قال: سأتوقف عن حواري معك وأمتنع عن إحساسي بك و برؤيتك فصدقا أنا لا اؤمن بالأشباح ، لا أعلم إلا هذه الحقيقة . ربما أكون حينها قد جننت هههه . أنا الآن لست مسجونا و لا أحتاجك.
قالت : لكنني أحبك جدا ولن أبتعد عنك.
قال : لن تبتعدي ؟
أنا من صنعتك و كما أحب و أريد و حتى تفكيرك و أحلامك و ما ترتدين من ملابس و كيف تضعين مكياجك ، لا وجود لك فانتهي.
قالت : لا يهمني ما تقول لأني لا أفهمه ، فقط أحبك.
قال : انظري .. في محاولة كي لاأجعلهم ينجحون في تدميري في ذاك القفص الحيواني ومن حولي أقفاص القردة و الكلاب و الطيور و أنواع كثيرة من الحيوانات التي كانت تتعالى صرخاتها في رأسي و لأيام عديدة و ليال طويلة أظنها أعواما وليس ثلاثة أيام كما قالوا لي حين أخرجوني ، كان علي أن أنجح في الحياة القصوى ، أقصد أن أحافظ على عقلي ففكرت بكتابة خطوطا لحياتي وأحلامي التي لم أكن أظنها ستتحقق ، أشياء كثيرة تبدأ بإسمي و عمري و ماضٍ مختلف و نجاح مستمر ، حتى غيرت شكلي ، كما نوع دراستي و وظيفة و بيت و أصدقاء صرت أشعر بقوة هائلة ، أردت أن أصنع أبوين وأخوة لكنني فكرت باستحالة كل ذلك ، فقط من الممكن أن أصنع امرأة لأنني كنت في سن الثلاثين وأحتاجها أكثر من غيرها ، اجتهدت كثيرا في صنعك ومزقت الكثير من الصفحات حتى اكتملتِ كما أنتِ الآن و ما أروعك ! هكذا صرنا معا نعيش في دفتر واحد عنوانه يحتوينا و لن تنتهي سعادتنا إلا معًا .
قالت: كم يعجبني ذلك كله .
قال: لكنه جنون . لا يمكن أن تكون حياة .
قالت: ولهذا رميت دفترك لتجعلني أخرج منه ؟
قال اجل : لقد اكتفيت من الوهم إنني الآن رجل عجوز وأعيش لنفسي براتب يكفيني فما معنى أن أتعلق بكِ ؟
إنك كعاهرة تنتظرني كل يوم لتقوم بعملها .
قالت: لن أسمح لك بأن تحدثني هكذا إن صنعتَ مني عاهرة فتلك مشكلتك وحدك ، لأنني قد خرجت من قبضة قلمك الآن ولن تسيطر علي.
قال: أنتِ ملكي وقررت أن لا تكوني .
قالت: حاول فقط أن تكتب ، إرفع دفترك عن الأرض أيها العجوز وسترى.
( تناول دفتره وتلفت باحثا عن قلمه بغضب ) ..
قال : أين قلمي ؟ هل ترينه؟
قالت: أراه ؟ وهل أنا موجودة عزيزي عليك أن تعترف بوجودي كي أعينك .
قال : ههههههه أراكِ تنتصرين عليّ . هيا أين هو؟
قالت: إنّه في داخل الدفتر.
قال: نعم كبرت كثيرا ومازلتِ شابة تنعشين ذاكرتي ،كيف سآمحوك ؟
لكن وجودك يهين عقلي لعلمي أني وحيد .
قالت: ليس شرط الجنون بوجود أرواحا تتقرب منك لأنك تشبهها قد أكون روحا هائمة حضرت هواجس محنتك فبقيت قربك ؟
قال : حقا ؟ هل ممكن ؟
قالت : ممكن جدا ومسألة أنني شابة تستطيع أن تغيرها في دفترك لتجعلني اكبر في السن معك ، أحببتك و أحببت وجودي بقربك ، كانت سنين طويلة .
قال : فكرة جيدة ، لكن لن أجعلك تبدين مسنة ..هههه.
كانت تنظر إليه بصمت وهو يمسك بالقلم و يبدأ بشطب صفحات عديدة حتى وصل إلى صفحة ما فصاح :
ها هي هل تذكرين حين أخرجوني من القفص وأعادوا إلي إنسانيتي ، لم يضعوا من ظلمني فيه بل اكتفوا بإطلاق سراحي و بأن أصمت فوافقت و أخذت المال الذي أسكتوني به ومضيت معك حيث هنا ، يا له من صمت ولولاكِ لكنتُ انتحرتُ إنني آسف إن فكرت بالتخلي عنك ، إنما هي لحظة هلع وكره لكل شيء عزيزتي فاغفري لي فما أنا إلا إنسان يعيش في قفص أكبر قليلا من قفصي ذاك.
قالت :أعد كتابة ذكرياتك معي بسعادة و اصنع حياة أجمل.
قال: لكنها لن تزيد عني وعنك فلا وجود لآخرين من حولي . هل أصنع أولادا وحديقة أزهار و بيت واسع و أشياء كثيرة لأعود فأفقدها ، فلو كان لي أولادًا كنتُ سأراهم قربي وأحفادي أيضا . لن أصنع المزيد فكل شيء عداك سيكون ألمًا فقط وسأضطر لأن أدبر لهم ميتة ما أو هجرة بعيدة بلا عودة.
قالت : أمنياتك لها زمن بعيد جدا وكما تقول لتكتفي بي فكلانا بداية و نهاية .
قال : يا لها من جملة ، أجل سأكتب عني وعنك فقط وبأجمل أيام و أعذب الليالي وسنجلس نتسامر وأجعل رأسي في حضنك وتُقبلين جبهتي ، وحين أموت ستكونين حرة.
قالت : بل سأموت معك عزيزي.
……………………….
ابتهال خلف الخياط
فعلا ابداع، تسلل الاحداث والكلمات والحوار تستاهل الفوز وبجدارة
شكرا علا ..تحياتي والورد
ابتهال الخياط كما عرفناكِ دوما مبدعة في مجال الأدب.
شكراا والورد
تحياتي وتقديري