ط
ركن الدين

ماهو حكم وقع الطلاق عندما يقال أنت طالئ وليس طالق .د. على جمعة يجيب

أثارت فتوى الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، جدلًا كبيرًا، الذي رأى فيها أن طلاق المصريين لا يقع لأنهم يقولون «طالئ» بالهمزة بدلًا من القاف «طالق».

وقال «الهلالي» خلال حواره مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج «الحكاية»: «إن بعض الشافعية قالوا لابد للطلاق أن يكون بالقاف وليس الهمزة، مضيفًا: إحنا بقينا بندور على الرأي الشاذ عشان البيت ميتخربش».

وكان الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، قد أعد بحثًا عن حكم قول الزوج لامرأته: «أنت طالئ» بالهمزة، مؤكدًا أن بعض الفقهاء رأى أنه طلاق كناية وليس صريحًا ولابد من معرفة نية الزوج.
حكم قول الزوج لامرأته: أنت طالئ
حدد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، في بحثه الذي أعده عن «حكم قول الزوج لامرأته: أنت طالئ»، ورأى أولًا: أنه من المقرر شرعا أن الأصل في الأبضاع هو الاحتياط، ثانيًا لفظ «طالئ» بدلًا من «طالق» كما هو جارٍ على لسان كثير من أهل مصر: يُخرِج اللفظ مِن الصَّراحة إلى الكناية التي تحتاج إلى نية مقارنة للفظ يقع به الطلاق.
وأضاف المفتي السابق، ثالثًا: الطلاق الشرعي لا يقع إلا بلفظ أو ما يقوم مقامه؛ كإشارة الأصم والكتابة، فلو نواه بقلبه مِن غير لفظ لم يقع، رابعًا: إذا أُبدلت الطاء في لفظ الطلاق تاءً مثناة «أنت تالق» لم يقع الطلاق إلا بالنية، رابعًا: العبرة في الطلاق بالألفاظ والمباني لا بالمقاصد والمعاني، سادسًا: الفتوى بالأخف ليست بالضرورة من التساهل في الفتوى؛ لأن هذا الأخف قد يكون هو المترجِّح لدى المفتي، أو هو الأليق بحال المستفتي.
ولخص المفتي السابق بحثه، قائلًا: «إن تحريف لفظ الطلاق الصريح بأن يُنطَقَ “طالئ” بدلا من طالق كما هو جارٍ على لسان كثير من أهل مصر، يُخرِج اللفظ مِن الصَّراحة إلى الكناية التي تحتاج إلى نية مقارنة للفظ يقع به الطلاق، وأن الفتوى بهذا القول ليست مخترعة ولا مصادمة للنصوص، بل هي مبنية على مذهب السادة الشافعية تفريعًا وتنظيرًا، وأن الإفتاء بهذا الاختيار فيه مراعاة لأحوال الناس والزمان، وفيه تحقيق لمصلحة بقاء الزوجية قائمة، بما يستتبعها من الحفاظ على كيان الأسرة في زمن تَهَدَّد فيه بقاء الأسرة، واتجه بالإنسانية إلى الفردانية».
البحث الكامل عن حكم الطلاق بالهمزة 

تابع الدكتور علي جمعة في بحثه، قائلًا: جاء الشرع الإسلامي بلغة العرب، فنزل القرآن الكريم بلغتهم، وتكلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بها، وقد تصرف الشرع في بعض الكلمات، فأخرجها من الحقيقة الموضوعة لها إلى تخصيص في الاستعمال كالحج والصوم والطلاق.

وورود هذا النوع من الكلمات التي خُصِّصَتْ في الإطلاق الشرعي في القرآن الكريم هو قرينة قوية على أن الشرع قد قصد لفظها بعينه؛ ولذلك اتفق الفقهاء على أن لفظ “الطلاق” هو الصريح في الطلاق، وزاد الشافعية في المشهور والحنابلة في قول لفظَيْ: “السراح” و”الفراق”؛ بناءً على أن هذه هي الألفاظ التي وردت في القرآن للدلالة على إنهاء عقد النكاح دون غيرها، وزاد بعضهم ألفاظًا أخرى.

وهذه الكلمات التي يقع بها الطلاق لها نطق يدل عليها في لغة العرب، فإذا نُطِقَتْ محرَّفةً: فإما أن تغير المعنى، وإما ألا تغير المعنى، لكنها على كل حال لم تَعُدْ عربية في الدلالة على معنى الطلاق.

وتحريف الكلمة قد يكون بحذف بعض حروفها، أو بإبدال حرفٍ منها بآخر بسبب تقارب مخرجيهما -كما بين الطاء والتاء مثلا-، بحيث يُخرِج التحريفُ الكلمةَ عن أصل وضعها اللغوي.

وقد يكون الإبدال مقبولا لغة إذا كان قد سُمِع مِن العرب، وقد يكون مردودًا، فيُعَدّ مجرد خطأ لُغَويّ، كما أن حذف بعض الحروف قد يكون صحيحًا لغة كما في ظاهرة الترخيم عند النداء؛ كما في قولنا: “يا عائش”، بدلا مِن “يا عائشة”، وقد يكون الحذف سببًا في عدم ترتب الآثار الشرعية على التصرف؛ كمن قرأ بعض كلمات الفاتحة في الصلاة ناقصة الأحرف.

والمقصود بتحريف كلمة الطلاق: حذف أو تغيير حرف أو أكثر مِن حروف لفظ الطلاق الصريح؛ بحيث يخرج اللفظ عن وضعه اللغوي؛ وذلك كنطقها: “تالق” أو “تالئ” أو “طال” أو “طاق” أو “طالِئ” بدلا مِن “طالق”، وهذه الأخيرة هي التي اشتهرت على ألسنة أهل مصر وغيرهم.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى