ط
الشعر والأدب

أبواب . قصة قصيرة بقلم القاص / اسماعيل آل رجب. العراق

أبواب..
( قصة قصيرة )

طَرَقَتْ البابَ لِتفتَحَ عَلى نفسِها جَحيمَ الذكريات”كانَ يخرجُ لَها وَحولَ جَسَدِهِ هالة ٌمن السّنا،يُحيطُها بذراعهِ الأيمنَ ثمّ يَغلقُ البابَ بيدهِ اليسرى ، المسافة التي بينَهُما تتَصاعدُ حرارتها حتى تَصلَ درجةَ الإتقاد،تشتعل العواطفُ فَتسري في عروقِهما نارُ الحبِّ فيلتَهبان.
في البدايةِ كانتْ خطواتُهُما تَتناثر هنا وهناك، على مسافاتٍ متقاربةٍ بين المعهد في الباب المعظّم،كورنيش الأعظمية،راس الحواش،شارع النهر”
كل شيء في بغدادَ كان جميلا، النهرُ يُفضي عن تنهداتهِ للزوارق وهي تجوب ذهابا وإيابا، تحمل الصيادين والمتنزهين وثغور المصابيح تتساقط كالجُمان على خدود الماء لِترويَ ظمأَ العابرينَ من المساء.
أخذتْ مساحة الغرام تتسع وتتسع معها المسافات،يوما بعد يوم يغادر الطلبة والطالبات ذكريات يوم مضى، يرافقُها إلى مسكنِها في حي اليرموك”تتبعُها نظراتُهُ حتى تغلق الباب خلفها،قالت:
كنتُ آملُ أن أجدَ أبوابَ الأحلامِ مفتوحةً أمام الصور الجميلة،لكنّ الوجوهَ تغيّرتْ ملامحُها وفقدتْ الأشياءُألوانَها،نهرُ دجلةَ يحكى عن الدماء التي اختلطتْ بالأحبار والكتب التي طَفَتْ على سطحه لتغرق في الأعماق يوما ما.وجوه بلا ملامح تفغر افواهها بالصراخ.واصوات تتفتق لها طبلات المسامع
هنا تتكررالمأساة تحتَ وطأة الألم ومناظرالدماء النافرة والأشلاء المتناثرة،بَدَت الحياة معتمة وجميع المسالك تؤدّي إلى ذكرياتٍ تُغرغر كأنّها في سكرات الموت….
أبواب وأبواب وكلما تطرق بابا يخرجُ الظلام يرتدي عباءته السوداء ،ويركض بين الأسلاك الشائكة والحواجز الكونكريتية، الأشياء يُضربُ حولها طوق الحصار.
‘تسأل عنه الأمكنة والجدران تتراءى لها صورته في نهاية الزقاق،يأتي اليها راكضا وهو يفرد جناحيه ليحضنها كعادته في استقبالها حتى وصلَتْ بابَهُ ،طَرَقت الباب”فانفتحَ يعزفُ صريرهُ على أوتارِ قلبِها فَيَتَسارع النبض، ويرتعش القلب وتكاد اطرافها تفقد قوتها ،ظَهَرَت لها من خلال العتمة أرملته تحمل
جنيناً وعيونها دامعة

القاص اسماعيل آل رجب

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى