ط
الشعر والأدب

إبليـــسٌ شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو

  • جنيدو
    إبليـــسٌ

    شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو
    ـ1ـ
    يا إبليسَ القهر ِ.
    من يكفرُ بالتفَّاحةِ؟!
    من يشربُ زيتَ البحرِ؟.
    وجميعُ الناسِ صيامٌ….
    بعضُ صلاتي في جنحِ ظلامٍ..
    خوفُ حياتي من سرب ِحمامٍ…
    ولغاتُ العالمِ تمحوني،
    تجعلني شراً في شرِّ.
    حانوتٌ يكفي،
    كي ترفعَ عنكَ مساماتِ الكسرِ.
    تابوتٌ يكفي،
    كي تحملَ فيهِ ملايينَ البشرِ.
    أشتاقُ يا عمْرَ العمْرِ.
    كفني زبدُ البحرِ المالح ُفي الأشواقِ.
    قدري الموتُ الرائعُ في الأعناقِ.
    سلطاني يصرخُ في الأوراقِ.
    فسلاماً، من يأتي بعد القدرِ.
    يا مولوداً من بطْنِ الريحْ…
    وفضاءُ النسيانِ رحيبٌ، وفسيحْ…
    أنقلُهُ ..من حيٍّ،
    يأتيهِ جريحْ…
    وملايينُ الأحزانِ تنامُ على نفْسِ ضريحْ…
    وأنا بالوحدةِ أهوي،
    أسجدُ، كلُّ سلاحي بدعاءٍ
    ولساني أقصرُ من كانونَ،
    سلاحُ النصرِ قصيرٌ،
    ويدُ الضاربِ أطولُ من سيفِ النصْرِ.
    يا إبليسَ القهرِ.
    ـ2ـ
    يا إبليسَ القهرِ.
    يا شيطانَ مؤخِّرتي،
    سأبيضُ لتأكلَ قاذوراتٍ،
    فدمي مصنوعٌ من لحظةِ صفْرِ.
    والوقتُ الحالي قاربَ عمرَ الصبرِ.
    شلالُ الدمِ مدفوعٌ،
    والدافعُ يصبحُ نسراً،
    والمطمورُ سيصبحُ تحت َالقبرِ.
    يستصرخُ،
    أنْ أعبرَ خاتمتي،
    فتموتُ الأصواتُ على مسمعِهِ،
    ينتصرُ القادمُ من هاماتِ الغدرِ.
    عَزَفَ الليلُ المخمورُ أغانينا،
    وتمادى العزفُ،
    إلى أنْ وَصَلَ الشيخُ الطاعنُ بالجور ِ.
    فخلعْتُ ثيابَ النبلِ عن الجسْمِ المسقومْ …
    مازلتُ أحاولُ مهموماً، سأقومْ…؟
    ما وصلَ الشيخُ الطاعنُ بالعسرِ.
    مدَّ بساطَ الغربةِ قبلَ طلوعِ الفجرِ.
    ما صلّى وقتاً لكنْ بصلاتِهِ ..
    بانتْ بارقةُ العمرِ.
    يا إبليسَ القهرِ.
    مصنوعاً من كمخِ النسيانِ…
    مذاقُ الإنسانِ
    وهذا النغْلُ يباركُ موتَ الشرفاءِ،
    وحالتُهُ …فوقَ قضيبِ السترِ.
    يا إبليسَ القهر ِ.
    ـ3ـ
    فرطَ العقْدُ المشكولُ من البلوى
    والسلوى جائعةٌ،
    والأخرى في السلوى،
    فغدا الليلُ من الأضلاعِ سلاماً
    وبمنتصفِ البرْدِ عراةٌ بلا خبرِ.
    جوعُ الأيّامِ على فمِهِ يحملُنا،
    يقتلُنا … فوق الوترِ.
    يسقي أطرافَ الشوقِ بمنديلٍ،
    وسفينةُ آخرِ ليلٍ عابرةٌ،
    تمحو ذاكرةَا لشهرِ.
    جثثُ الأشواقِ المطروحةُ
    فوق رصيفِ السطرِ.
    تكتبُنا من يبقى دونَ الحرفِ الممنوعِ،
    ومن تكتبُ نارَ السرِّ.
    نزلَ العشّاقُ من الأصقاعِ،
    تحلّى من زينةِ أهل ِالكدرِ.
    ممنوعٌ أنْ تأتي زوجتُك المسجونةُ
    في دوّامةِ هذا العصرِ.
    ممنوعٌ أنْ تحيا إنسانَ،
    دعاةُ الأسرارِ …
    وراءَ الأخبارِ..
    سيرمونَ الأطفالَ إلى النهرِ.
    ونخيلُ الجوعِ يباسٌ،
    يأكلُ من لحمِ الآباءِ رحيقَ التمرِ.
    ماءُ الياقوتِ،
    وياقوتُ الماءِ أنا،
    يمكنُ بوحي في الدفترِ،
    من ظلٍّ ممتدٍّ في السلوانِ،
    وفي أغصانِ الشجرِ.
    يعبدني قلمي وأنا مطرٌ مبثوثٌ،
    وقصيدةُ ليلى نائمةٌ،
    أطلالُ الماضي حاضرةٌ،
    وأنا من جعلَ الترحالَ نزيلَ العسرِ.
    في سيفي نبتَ الصدأُ التاريخيُّ،
    ونامتْ راياتُ النصرِ.
    يا إبليسَ القهرِ.
    يا شيطاني الساحرَ،
    إنّي مفتقدٌ أنواعَ السحرِ.
    ـ4ـ
    وأرى وجهَكِ،
    يأتيني مع حبّات ِالمطرِ.
    يغتالُ خيالي،
    ينساني،
    لا أكتبُهُ .. لا يكتبني،
    لا يرحلُ،بلْ يرحلُ في آلامِ السفرِ.
    وأراكِ مسافرةً في جسدي كدمٍ مغشوشٍ،
    أسألُ نفسي هلْ جاءتْ خطري؟! .
    يا إبليسَ القهرِ.
    ما عادَ يفيدُ دقيقُ النظرِ.
    ـ5ـ
    من يشبهني ؟!
    أنا يشبهني الموّالُ وبعضُ الموتِ.
    إنّي الغارقُ في أنسامِ الخوفِ،
    ركبْتُ قطارَ الصمتِ.
    رغم التأخير ِرضعتُ سمومي،
    رغم السم ِّ أتيتِ.
    مكتئبٌ يفصلُ تأويلي عن تأهيلي،
    تنزاحُ على صولاتي أركانُ الوقتِ.
    وجعلْتُ لصبّارِ الشعرِ سقيماً،
    لألوذَ إلى جائعةٍ،
    ورغيفُ الخبزِ الهاربِ من أسنانِ الحوتِ.
    لا يسرقني،لا أسرقُهُ ..
    لا يمضغني،لا أمضغُهُ ..
    لا أخرجُهُ.. معفوناً يخرجني،
    يا جائعةً تسرقُ أوهانَ القوتِ.
    ما من بؤسٍ
    إلا مولايَ القابعَ فوق رقابِ النسرينِ،
    فما أروعَ بردةُ تشرينِ،
    فما من صبرٍ إلا وتجلّى كحريقِ الوردِ
    فأبعدَ من صوتي ذاك الصوتِ.
    ـ6ـ
    ملعونٌ قلبي حينَ أحبُّكِ،
    واستسلمَ للإدمانْ.
    ملعونٌ ذاك الرمشُ الفتّانْ.
    ملعونٌ إنسانٌ،
    لا يحملُ في ذاتِهِ إنسانْ.
    يا نارَ الأسرارِ الملفوفةِ بالأليافِ البشريةِ،
    من جلدٍ يأتيها مهزوزاً فارسُها النسيانْ.
    لا أعرفُ صحراءَ غيرَ فؤادي،
    لا أسكنُ في عينيكِ البستانْ.
    شغفي يأمرُ،
    يصبغني بملامحِ طفلٍ نورُكِ يا سيّدةَ الألوانْ.
    لدخانِ الأملِ المدفونِ أحرّرُ ذاتي،
    لضياعِ الأملِ المقتولِ أكرّرُ حلمي،
    يشبعني الليلُ بصبغتِهِ..
    يتربّعُ فوق جبيني الهذيانْ.
    ـ7ـ
    يا كلَّ العمرِ أحبُّكِ،
    يا كلَّ العمرِ تعالي،
    مشتاقٌ والشوقُ يؤرّقني.
    وحدي في الليلِ،
    وخوفُ الوحشةِ يأكلني.
    ما من آلامٍ في الأرضِ تمرُّ،وألا تعرفني.
    في أغنيتي صوتُ الحبِّ، وفي ذاتي معضلةٌ،
    فمتى تأوي الأوكارَ ذئابُ الرعْبِ؟!
    ولا تنوي تصنيعَ عواءٍ،لتعودَ تكسّرني.
    يا كلَّ العمرِ أحبُّكِ،
    والحبُّ دمٌ يجري،ويحطّمني.
    دقّتْ ساعاتُ الرحلةِ يا راحلةً،
    في أضلاعي ونخاعي وضياعي،
    مرغمةٌ أوقاتي أن تنتظرَ النجمَ العالي،
    وقطارَ الربعِ الأوّلِ من ترحالِ الوجدانْ.
    ملعونٌ قلبي حينَ أحبُّكِ،واستسلمَ للإدمانْ.
    ملعونٌ إنسانٌ،لا يحملُ في ذاتِهِ إنسانْ.
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    2001

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى