ط
مسابقة القصة

الأنَا الآخَر..مسابقة الرواية بقلم / سعاد سحنون من الجزائر

مسابقات همسة الدولية للآداب و الفنون

رواية : الأنَا الآخَر بقلم سعاد سحنون من الجزائر

الَفَصْلُ الأوّلُ :

(( حَالُ الْعَربِيّ سَنَة 2030 م ))

اسْتيقَظَ اللّيل مِنْ سُبَاتِهِ الْعَميق، بَاسِمَ الثّغر كَعَادَتِهِ ، مُحْتَضِنًا وجْهَ الّصُبْح الجميل، الشّمس هُنَاك تُمَشّطُ شَعْرَ الرّيحِ لِتُدَغْدِغَ أنْفَاسَ الْوُجُودِ … ذَاتَ رَبِيٍع مُفْعَمٍ بِحُب الْحَيَاةِ ،يُوَزّعُ الكَوْنُ ابْتِسَامَاتِهِ لِيَمْسَحَ دُمُوع الشّتاء من كل القارة السمراء …تَتَراقَصُ فَرَاشاتُ الأحْلاَم وزَقْزقَاتُ الأَمَلِ مَعَ كُلّ الْكائِنَات الْحَيّة وَالْجامِدَة .
جِبَالُ الإرَادَةِ الصّلْبَةِ فِي فَهْمِ هَذَا الْكَائِنِ الْمَجْهُولِ تَزْدَادُ شُمُوخًا بِدَاخِلِي.
يَعْزِفُ الْيَاسَمِينُ سِيمْفونِيةً حَمَاسِيّة عَلَى كَمِنْجَة الإنِتِصَارِ، فَيَتَرَاقَصُ الأقُحُوَانُ بِدَلَالٍ عَلَى إيقَاعِ أغْنِيَةٍ من التّرَاثِ الشّعْبِي الصّينِي، لَكِنّهَا مَجْهُولَةُ الْعُنْوَانِ مَطْلَعُهَا يَقُول :
حَارِبِ الْفَشَلَ وَاجْعَلْ مِنْهُ آيَةً لِنَجَاحِكَ
امْسِك عَصَا مَاضِيكَ مِنْ كُلّ جَانِبٍ ..عَصَا آلامِكَ، وَأوْهاَمِكَ، وَغُرْبَتِك، وَيَأسِك
وامْنَعِ الْكُرَةَ الأرْضِيَةَ عَنِ الدّوَرَان عَكْسَ طُمُوحِك
كَوِّنْ لِإرَادَتِكَ أرْضِيّةً صَلبَة أكِثَرَ مِنْ صَلاَبَةِ الْحَجَرِ وَأقْسَى مِنْ قَسَاوَةِ كُلّ الْبَشَرِ .
حَارِبْ جَبَرُوت الْقِوَى السّلْبِيّةِ التِي تُهَاجِمُكَ ، وَحَوّلْهَا طَاقَةً إيجَابِيَةً دَائِمًا.
آمنت أنّ الإنْسَانُ فِي حَدّ ذَاتِهِ طَاقٌة إيجَابِيّةٌ وَسِلْبيّةٌ، وقُوّةٌ عُظْمَى (السوبرمان) كَمَا يسَمّيه نيتشه……….. لِهَذا لا بُد مِنْ دِرَاسَةِ طَاقَاتِهِ اْلكَامِنَة دَاخِلهُ وَتَطْوِيرِ مَهَارَاتِهِ وَقُدُرَاتِهِ .
كُلّ هَاتِهِ الْجُمَلِ التِّي لاَ أعْرِفُ مَنْ سَطّرَهَا ولَا مَنْ لَحّنَهَا ،كَانَتْ تَجْتَاحُنِي كَاجْتِياَحِ الضّبَابِ أرْصِفَةَ السّمَاءِ… وَحَاِفزًا أرَدّدُهُ صَبَاحَ مَسَاٍء ،وتُحَوّلُنِي إمْبَرَاطُورًا يَحْتَلّ عَرْشَ الْبَحْثِ السّيْكُولُوجِي الْحَدِيثِ .
لَكِنْ إيَاكُمْ أنْ تَسْألُونِي مِنْ أيّ بَلَدٍ أَنَا ….فَلَن تجدوا سوى كَلِمَة عَرَبِي .. باَتَ مِنَ التّخَلّفِ طَرْح هَذَا التسَاؤلِ الْكلاسِيكِي اْلقَدِيم …. .وَمَمْنُوعٌ أيْضًا أنْ تَسْألَنِي أيْنَ دَرسْت ؟؟؟ لأنّهُمْ قَدْ أغْلَقُوا جَمِيعَ الْمدَارِسِ الْحُكُومِيّةِ، وَأصْبَحْنَا نَتَتَلْمذ عَلَى يَدِ عُلَمَاء كِبَار وَيُقَالُ هَذَا تِلمِيذُ الْعَالِمِ الْفُلاَنِي ….أعْرِفُ أنكُمْ فِي هَاتِه اللّحْظَةِ بِالذّاتِ تَذَكّرْتُمْ تَلَامِذَةَ أفْلاطُون الأوْفِيَاء الّذينَ خلّصُوهُ مِنْ عُبُودِيتهِ عِنْدَمَا بَاعَهُ الَملِكُ بِسَبِ رَفْضِه التّنَازُلَ عَنْ حِكْمَتِهِ مُقَاِبلَ مُلْكِهِ …. لَكِنْ بِإمْكَانِكُمْ أنْ تَسْألُوا عَنْ اسْمِي لأجِيَبكُم أنّني الدّكُتُور جَمَالْ لِلتّشْريحِ النّفْسِي .
كَرّسْتُ كَلَّ حَيَاِتي فِي الْبَحْثِ عَنْ هَذَا الْحَيَوَانِ النّاطِقِ .. الذّي حَيّرَ الْعُلَمَاء……..فَمُنْذُ الْوَهْلَةِ الأُولَى التّي صَادَفَتْنِي مَقُولَةُ سُقْراط الشّهِيرة (اعْرِفْ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ)، وشَهِيّتِي تَزْدَادُ لِفَهْمِ مَا يُؤرِقُنا…. هُوَ نِصْفُنَا الثّانِي الْغَير مَرْئي، والذِّي لاَ يَخضَع لِقَوانِينَ عِلْمِية ثَابِتَة ….نِصْفُنَا الْبَاطِن الّذِي يَتَحَكّم بِظَوَاهِرِنَا ويُتْعِبُنَا ويُؤرّقُ لَيَالِينَا وَيُحِيلُ دُونَ نَجَاحِنَا، بَلْ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْأَحْيَانِ يَهْدِمُنَا كَمَا تَهْدِمُ الْحَرْبُ الأقْلِعَةَ الْحَصِينَة ….لاَ أحَدَ يَهْدِمُ الإنْسَانَ إلاّ مَا بِدَاخِلِ الإنْسَان …إذا ثَبَتَ وَأنْ كُنْتَ سَلِيمًا مُعَافَى مِنَ الدّاخِل فسَتنْجَحُ حَتْمًا ،أمّا إذَا كُنْتَ مُشوّهًا فِي دَاخِلِكَ فَابْشِرْ بِالْعَطَبِ والشّلَل الرّوحِي طَوَالَ حيَاَتِكَ ….. هِي حَرْبُ ذَا تِكَ مَعَ ذَاتِك …نَفْسُكَ ضِدّ نَفْسِك …صِرَاعُ الأنَا الْغيْر مُنْتَهِي ، وما أصْعَبَ تِلْكَ الْحَرْبِ الدّاخِليَة التّي تُفَجّرُ شَرَاَيِينَ قَلْبِكَ وتَنْزِفُ دُونَ أن يَأبَهَ لَضُرّكَ أحَد … رَغْمَ أن عِلْمَ النّفِس لَيْسَ حَدِيثَ الّنشْأةِ ، إلاّ أنُّه ظَلّ عِلْمً نِسْبِي لا يَخْضَعُ لِقَانُونِ نِسْبِي وذَلِك بِسَبَبِ اخْتِلاَف الْحَالَاتِ الْفَرْدِيّة وَتَشَابُكِهَا .
عَام 2030 م …بَعْدَ ثَوَرَاتِ الرّبِيع الْعرَبِي وَمَا خَلفّتْهُ مِنْ دَمَارِ وَتَخَلفٍ ،وعَصَبِيّةٍ ،وَمَذْهَبيّةٍ ،وَطَائِفِيّةٍ……. ، قَامَتْ عَلَى أنْقَاضِهَا ثَوْرَة شَعْبِية أخْرَى تُطَالِبُ بِضَرُورَةِ تَوْحِيدِ الأمّةِ تَحْتَ شِعَارِ (مِنْ أجْلِ إعَاَدَةِ أمْجَاِد الْماَضِي )
وَحَقّقَتِ الثّوْرَةَ نجَاحًا مُبْهِرًا، فَألْغِيتِ الْحُدُودُ…. وَأصْبَحَ الْوَطَنُ كُتلْة وَاحِدَةً . وَأخِيرًا وبعْدَ مُعَانَاةٍ طَالَتْ سَنَوات ، هَا قدْ تَحَقّق الْحلْمُ ……. واعْتَصَمَ الْعَرَبُ بِحَبْلِ اللهِ، وأَصْبَحُوا يَدًا وَاحِدَةً .
أصْبَحَ (سِي قَدّور) خَبّازُ الْحَي يَتسَكّعُ فِي شَوَارِع الّقَاهِرةِ وعلى كُورْنِيش الإسْكَندَريّةِ . ….(والْفتِوّة بَيّومِي) يُصَليّ فِي مَسْجِدِ كِتْشَاوَة بْالْجَزَائِرِ الْعاصِمَة (وأم مُحَمّد) مِنَ الْخَلِيجِ تَطْبَخُ الشّكْشُوكَة التّونْسِية ….. والْكُل يَقّضُونَ عُطْلَة خَيَالِيّة فِي بَيّرُوت السَاحِرَة الْجَمَالِ ….. امْتَصَّ الْوطَنُ سَنَوَاتِ التّخَلُّفِ وَاحْتَضَنَ عَهْدًا جَدِيدًا لِلإزْدِهَار وَالتقَدُّمِ فِي شَتّى الْمَجَالاَتِ… قَضَيْنَا عَلَى كُلّ الْفِتَنِ التّي تَسَببَتْ فِي تَشْتِيتِ العِرَاق – سُورِيَا –فَلَسْطِين -………….لِدَرجَةِ أنّ الأورُوبِي بَاتَ يَحْلُمُ بِفُرْصَةِ الإقَامَةِ بَيْنَنَا ، وأنْ يتَلقى عُلُومَنَا …………أفْلاَمُنَا هِي الْحائِزَة عَلَى كُل الّجَوائِزِ الْعَالَمِيةِ … أفْضَلُ أطِبَاء … بأحْدَثِ الْوَسَائِلِ …أقْوَى إعْلاَم ….أبْرَزُ شُعَراء و روائِيينَ ….. . لَكِنّ الْكَمَالُ لله وَحْدَهُ ، ظَاهِرُنَا كَانَ يَسُرّ النّاظِرَ عَكْسَ أْرْواحِنا التّي كَانَتْ تَنْزِفُ بِشِدّةٍ ،فَتَرَاَكَمَتِ الْهُمُومُ وَالنّوْبَاتُ الْعَصَبِيّةُ….وغَيْرِهَا مِنَ الأزَمَاتِ النّفّْسِيّةِ .
لِهَذَا جَنَحْتُ لِتَرْمِيمِ عَطَبَهِمِ الرُّوحِيّ، وإعَادَةِ بِنَاءِ نَفْسِيتِهِمْ وَبعْثِهِمْ لِحُبّ الْحَيَاةِ مِن جَدِيدٍ .
..صَوْتُ الرّصَاصِ الْمُدَوّي لاَ يَزَالُ يَنْخُرُ طَبْلَةَ الآذَانِ …وَذَاكِرَةُ الأرْصِفَةِ تَحْتَفِظُ بِصُوَرِ الرّؤوسِ الْمَقْطُوعَةِ وَالأشْلاَءِ الْمُتَنَاثِرَةِ …مَشَاهِدُ الرّعْبِ تَتَكَرّر ….يَسْتَنْشِقُ الْوَطَنُ الْعَرَبِيّ أنْفَاسَ شُهَدَاءِ ثَوْرَةِ إعَادَةِ أمْجَادِ الْمَاضِي، وَيؤَرّخُ تَارِيخًا دَامِيًا .
لا يَحْتَاجُ الإنْسَانُ فِي الْحَقِيقَةِ لِدِراسَةِ كَيفِيّة مُسَاعَدَةِ الآخَرٍين ،فَعِلْمُ النّفْسِ لَمْ يُقَدّمْ لَنَا شَيْئًا مَلْمُوسًا رَغْمَ أنّه عِلْمٌ قَدِيمٌ جِدّا، نَحْتَاجُ فَقَطْ إنْسَانًا يَهْتَم بِالآخَرِين وِبمُعَانَاتِهِمْ بِصِدْقٍ .
اكْتَسَبْتُ حُبّ الْفلْسَفَةْ، وَعِلْمِ النّفْسِ مِنْ أمّي التّي كَانَتْ مَهْوُوسَة بِدِراسَاتِ التّحْلِيلِ النّفْسِي . أدِرَكْتُ أنّ الْعلْمَ عَاجِزٌ عَنِ الإرْتِقَاءِ بإنْسَانِيّةُ الإنْسْانِ، فَبِالرّغْمِ مِنْ كُلّ هَاتِهِ الْمَعْلُومَاتِية الْمتَدَفِقَة يَوْمِيًا
وَ بِطَرِيقَةٍ فَوْضَوِيةٍ، لَمْ تَجْعَل مِنّا سُعَداَء، بَلْ بِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ ، فَفِي عَصْرِنَا كَثُرَ الْجُنُونُ، وَالإنْتِحَارُ، وَالْهلْوَسَةُ، والزّهِيمَر، والْمَنَاخُولِيَا ، والسّادِية وَالْماشُوسِيّةِ …….وهَذَا مَا أكّدَ لِي أنّهَا حَضَارَةٌ عَرْجَاء تَسِيُر عَلىَ قَدَمٍ وَاحِدَةٍ ……. لاَبُد مِنْ إيقَافِ هَاتِه الْفَوضَى الْعارِمَة التّي احْتَلّت عَقْلَنَا الْباطِنِ .
انْتَحَرْتُ فِكْرِيّا دَاخِلَ كُتُبِ الأنَا ،والْهُو،والأَنَا الأعْلَى ،وهَا أنَذَا الْيَوْمَ مُتَحَصّلٌ عَلىَ جَائِزة أفْضَل رِسَالَةٍ في علم نفس لعام 2030 م ،والتِي دَارَتْ رِسَالَةَ أبِحَاثِي حَوْلَ تَبَادُلِ الأدْوَارِ كَعِلاَجٍ جَدِيدٍ لِكُل مُعَانَاةٍ نَفْسِيةٍ ….
طَرِيقَتِي فِي الْعِلاَجِ مُخْتَلِفَةٌ جِدًا عَنْ كُل مَنْ سَبَقَنِي، فأنا أعْتَرِفُ أنّ أفْضَلَ طَرِيقَة هِيَ التّغْييِر فِي النّمَطِ الْمعِيشِي …كُلٌّ مِنّا يَحْتَاجُ لِفَتْرَةِ هُدُوءٍ وَعُزْلَةٍ ….قَوْقَعَتُنَا دَاخِلَ نَفْسِ الْحَيّزِ الْمكَانِي والزّمَنِي تَجْعَلُنَا كَقُرْصٍ ثَابِتٍ غَيْر مُتَحرّك، والْحَرَكَةُ دَوْمًا تَكْمُنُ فِي اسْتِبْدَالِ الأدْوَارِ …كُلّنَا فِي الَحقِيقَةِ نَحْتَاجٌ إلَى مَسْحِ ذِكْرَيَاتِناَ وَمَأسَاتِناَ التّي عَايَشْنَاهَا فِي السّابِقِ لِنُبَرْمِجَ حَيَاًة أفْضَل .
لِهَذا أتسَاءَلُ دَوْمًا لِمَذَا الْفاشِلُ يَبْقَى فَاِشِلاً، والنّاجِحُ يَزْدَادُ نَجَاحًا ؟ ولِمَذَا الْغَنِيّ يَزْدَادُ ثَرَاءًا ، وَالْفَقِيرُ يَزْدَادُ كَدْحًا ؟؟… فِي عِيَادَتِي فَقَطْ يَتَذوّقُ الْفَاشِلُ طَعْمَ النّجاَحِ وَلَوْ لِفَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ …و يَلْبَسُ الْمُجْرِمُ ثَوْبَ الشّرَفِ وَلوْ لِفَتْرَةِ مُحَدّدَةٍ …هَذَا هُوَ شِعَارِي فِي طَرِيقَةِ عِلاَجِي الْمُبْتَكرَةِ .
الْمَرْضَى عِنْدِي يُسَجّلُونَ أنْفُسَهُمْ مُسَبّقًا ، وَ في كُل مَرّةٍ اسْتَضِيفُ عَشَرَةَ أشْخَاصِ مِنْ نَفْسِ الْعَاِئَلةِ ، وَأحَاوِلُ مَعَهُمْ كُل الطّرُقِ الّنفْسِيةِ الْمُعَاصِرَة ، أسْتضِيفُهُمْ مُدّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ فِي مُرَكّبٍ سِيَاحِي ضَخْمٍ أجّرْتُهُ خِصّيصًا لَهُمْ يَتَمَتّعُونَ بِأشِعَةِ الشّمْسِ ، وَالاسْتِجْمَامِ وَالتّدْلِيكِ والإسْتِرْخَاءِ …يَحْتَوِي الْمُرَكَّبُ عَلَى كُلّ مُسْتَلْزَمَاتِ الْحْيَاِة وَأكْثَر …..يُمْكِنُكَ أنْ تَعِيشَ فِيهِ أَيّ لَحْظَةٍ زَمَنِيّةٍ تحلم بها……. …أعْرِفُ أن اْلعِلْمَ عِنْدَكُمْ توقّفَ عِنْد الْبُعْدِ السّابِعِ أوِ الثّامِنِ فحَسْب ، لَكِنّنَا الْيَوْمَ نَسْتَخْدِمُ الْبُعْدَ الْعِشْرِين ، بإمِكَاننَا زَرْعَ نُجُومٍ حَقِيقِيّةٍ ، أوْ شَمْسٍ حَقِيقِيّةٍ دَافِئَة عَلَى سَقْفِ حُجْرَةِ أيّ مَرِيضٍ …في عِيَادَتِي فَقَطْ ،يُمْكِنُكَ أنْ تَعِيشَ أي فَتْرَةٍ زَمَنِيّةٍ تُرِيدُهَا …..اتّضح لِي أن جُلّ الْمَرْضَى يَعْشَقُونَ الظّلاَمَ كَثِيرًا بِسَبَبِ سَوْدَاِويّتِهِمْ ،وبَعْضُهُم يُحَبّذُونَ النّهَاَر، فَمَا عَلَيْهِمْ إلاّ الإخْتيَار ،مُقابِلَ أنْ يُدَوّنُوا لِي كُلّ يَوْمٍ شُعُورِهم، وَيْفَصَحُون عَنْ خَطايَاهُمْ ،وعما يُؤرّق حَيَاتَهُمْ …مِنْ خِلاَلِ جَلَسَاتٍ يَوْمِيّةٍ ،وَدُونَ قُيُودٍ يُمَاِرسُونَ حيَاَتَهُمْ الْمْخَتلِفَةِ تَمَاًما عَنْ وَاِقعِهمْ، وَكَأنّهُمْ يَعِيشُونَ افْتِرَاضَ مَا يَجِبُ أنْ يَكُون .إضَافَةً لِهَذَا فَلَقدْ وَفّرْتُ لَهُمْ جَمِيعَ النّشَاطَاتِ الثقَافِيةِ التّي يَحْلُمُ بِهَا الإنْسَانُ يَوْميّا ،هُنَاكَ مَسْرَحٌ، وعَزْفٌ عَلَى الْكَمَانِ، وَرَقْصٌ، وأشْعَارٌ، وَرِوايَاتٌ، وَرسْم ، ورِياضَةٌ وألْعَابٍ …ومَا عَلَى الْمَرِيضِ إلّا اخْتِيَاِر نَوْعِ تَسْلِيَتِه الْمُفَضّلَة .ونَوْعَ الْحَياة التّي يَحْلُم بأنْ يَعِيشَهَا .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى