ط
مكتبة الصورمواضيع

الجزء الثانى من حوار الأديبة سناء الشعلان مع المفكر الكبير / د. علاء الجوادى

2222 OLYMPUS DIGITAL CAMERA
الجزء الثانى 

ـــــــــــــــــــــــــــ
توقفنا فى الجزء الماضى عند رؤية المفكر الكبير فى الحلاج وحالته الصوفية وما حدث له واليوم نواصل ع الأديبة سناء الشعلان والمفكر الكبير د. علاء الجوادى تلك الرحلة الروحية الرائعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 من اشرت لهم في اجاباتك يحسبون بصورة عامة على الخط التصوف  السني، فهل لك ان تحدثنا غن تظرائهم عند الشيعة؟

 تتحول التسمية في الاوساط الشيعية، فيطلقون مصطلح “العرفان” على ما يسمى عند السنة بالتصوف. وهو في نظرهم رحلة يقوم بها العرفاء للوصول إلى الكمال والحقيقة. والعرفاء هؤلاء لا شيء يميّزهم. فقد يكونوا بلباس رجال الدين، او بلباس عادي. وقد يكونون تجارا او بحاثين او طلابا او رجال دين او عمالا. ويمكن معرفتهم من نمطهم السلوكي واهتماماتهم وكلامهم عن الاخلاق الحسنة وتربية النفس والعلاقة بالله”.

وثمة اوجه تقارب وتباعد بين العرفان وبين الصوفية. ولعل الفرق الاساسي بين المنهجين هو ان التصوف تتشكل بطرق صوفية لكل منها شيخها التي ترجع له قيادة الامور ومثل ذلك من الصعب حصولة في الوسط الشيعي اذ ان القيادة فيه محددة بشكل واضح بل صارم بالقيادة المرجعية الدينية التي تنظمها علاقة التقليد والاجتهاد. ومن هنا يتمظهر العرفان عند الشيعة بسلوك فردي وشخصي لاناس معينين لهم تعلق كبير ومتميز مع القرآن والنبي محمد والامام علي وغيرهما من أئمة اهل البيت وتربية النفس وتهذيبها بمحاسن الاخلاق، وتجريدها من الاخلاق السيئة.

واعتقد ان هذه المقدمة مهمة من اجل الابحار في عالم روحاني ومعرفي رحيب.

بغض النظر عن المصطلحات وتعاريفها الفنية فانا لا ادّعي نفسيا صوفيا ولكني محبا للمسلك العرفاني بشرط عدم ابتعاده عن الكتاب والسنة والفقه والشريعة وعلماء الدين الربانيين. ومع اعترافي ان كلمتي التصوف والعرفان تم استخدامهما من قبل بعض المنتمين لهما او المخالفين بشكل غير صحيح لا سيما وقد حُمّلت الكلمتان بمعاني معقدة ومختلفة ومتناقضة واصبحت في عرف البعض سُبة وفي عرف اخرين تهربا من الالتزام الديني وتحررا عما فرضه الله على عباده من الطاعات. ولكني في موضع استعمال الالفاظ -مع الالتفات للملاحظة السابقة- قد أراني أستعمل كلمة عرفان وعرفانية وعارفين بالمعنى الخاص بي. فالمعرفة في هذه الحياة هي غايتي، معرفة الله وملائكته وكتبه وانبيائه واوليائه وتاريخ الامم ومخلوقاته من حيوان او نبات او جماد او هواء او مياه وقوانين الوجود المادي والفلك والفيزياء الكونية وعلم الوراثة والجينات وافاق التفاعل الروحي… الخ. وانا اعتقد ان البحث عن المعرفة هو طريق مهم لتهذيب النفس والتقرب من الله وان العلماء من عباد الله هم من يخشونه حق خشيته، فاذا استعملت في حديثي الكلمات المشتقة من المعرفة فانها بهذا المعنى دون الدخول بمماحكات الفرق والطوائف والتجمعات.

ولكن في التراث الفكري لمن انتسب او نُسب للاتجاه الصوفي وشقيقة العرفاني نتاجات رائعة في الشعر والنثر تصل الى درجة الروائع الخالدة التي لا يقدر على اجتراحها الكثيرون. وقد كتبت عن نماذج منها في بحث مفصل لي بعنوانرموز الوجود…الانسان…الجمال، في شعر الغزل

انا عاشق لاشعار الحلاج وابن الفارض والسيد الحبوبي ومن غير شعراء العربية الرومي وحافظ. ولكل منهم جماليته الخاصة في الشعر وقد يصنف البعض اشعارهم ضمن التصوف او العرفان اما انا فاعتبر شعرهم نتاج الوجدان واحتراق داخلي للشاعر يستشمه من هو خارج ذاته المعذبة في رحلتها للحصول على النور، انه انسان عز عليه الفراق فعاش الاغتراب. والاغتراب، يا سائلتي ويا قارئي لا يرتبط بالزمان والمكان او الزمكان فحسب بل الاغتراب هو تعبير عن الخروج من عالم الاستقرار في مسيرة التكوين في عوالم الذر، الى مسيرة الحياة الدنيا القاسية. التي تتصدع بها الكثير من خصائصنا الروحانية بمادية ووحشية الحياة وقسوتها، ولا اقول الحياة الحيوانية لان الحيوان وهو كائن من مخلوقات الله يتحرك بشهوات دون خبث وخداع وحيل شيطانية على العكس من الانسان المنتزع من عالم الروح الى عالم الكدح الذي يمتلك اضافة الى طبيعته الحيوانية طبيعة رحمانية وطبيعة شيطانية والتي تكاد ان تكون هي المسيطرة على وجود الانسان عبر الزمان وفي تسلسل المجتمعات وفي انانية الافراد، ولكن الرحمانية التي يقهرها الانسان في وجوده تبقى تعذبه فتجعله يحن الى عالم الانوار وعلى الاغلب بلا وعي وشعور منه ومنها تنشأ الغربة والرغبه بالهرب الى عوالم النور. فكم من غني مترف يعيش في القصور وهو غريب عما حوله. الغربة والاغتراب حالة ترتبط بالانسان لو تهرب من الحالة الحيوانية التي تعاشر الشهوات واللذائذ الى حالة الوعي الانساني. الزهد والعرفان والنصوف كلها شعور عند الانسان بغربة عن واقع لا يُرضي روحانيته الى عالم الهي يتوق الانسان معانقته ويحس بافاقها من اكتوى في عالم الاغتراب والغربة والفراق ومن تلوذ روحه ببيت الاحباب. فهم غرباء من جهة انهم لا يعرفون احداً يفكر تفكيرهم ولا احداً يأنسون به.فقد ورد في الروايات ان الدنيا سجن المؤمن وماهو بسجين بها فقط بل وغريبٌ ايضاً.اي ان الغربة واضحةً هنا جدا على اهل المعرفة.

 عرفتنا بالتصوف عند السنة والعرفان عند الشيعة، ونتساءل: هل لك تصورات تتبناها في شعرك ونثرك وقصصك ولوحاتك التشكيلية؟ وهل لنا ان نسميها طريقة خاصة بك؟

 أبد الاجابة من نهاية السؤال فاقول بكل صراحة وتواضع، ولا أرى نفسي أكثر من ذرة صغيرة في هذا الوجود الرحيب، فمن أكون بين تسامي المتسامين وما زلت أعيش في دياجير الجاهلين، كلا ليس لي طريقتي الخاصة من جهة ولا اريد ان أكون كذلك، بل انا استفيد من كل المدارس الفكرية والدينية ضمن حدود القرأن الكريم والسنة النبوية الشريفة. واعود لاقول: ذهب البيروني إلى أن الصوفية إنما هي اشتقاق من سوفيا اليونانية التي تعني الحكمة، وهذا رأي يدعم موقف القائلين بأن التصوف هو وليد الفلسفة الأفلاطونية. وعلى الرغم من اهمية قول البيروني هذا الا ان المنهج الصوفي موغل القدم في تاريخ الدعوات الدينية والاصلاحية. ولي في ذلك رؤية اشير اليها باختصار. وهي ان مدارس التنور المعرفي هي اقدم من الحضارتين اليونانية والرومانية وان المتنورين هم فئات ممن انعم الله عليهم بالعلم والعرفة ان جذورها في العراق تحديدا منه الى جزيرة العرب وبلاد الشام ومصر. ولا اقصد بهذه المعرفة المعرفة الدينية البحتة بل اقصد المعرفة الالهية بافاقها المتسعة التي تشتمل اضافة للمعرفة الدينية الخالصة والنقية المعرفة الارضية والعلمية. وكان المتنورون “Gnostics” يكتمون اسرارهم العلمية والمعرفية عن الجهلاء والاغيار، وهؤلاء اهل المعرفة والعرفان في كل زمان ومكان. وقد قابل هؤلاء الرحمانيين مجاميع من الاشرار الشيطانيين وحاربوهم عن طريق السحر والشعوذة وطقوس الظلام ولعل منظمات الغرف السوداء هي امتداد لهؤلاء الاشرار وان رفعوا شعارات الاخيار، بل ان بعض دهاتهم حاولوا السطوعلى تاريخ ابناء النور لصالح دعاواهم الظلامية. لقد أباح الله عز وجل لآدم عليه السلام ولزوجته حواء الجنة أن يأكلا من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة، وهو ما جاء ذكره في سورة البقرة، فعند ذلك حسدهما الشيطان، وسعى في المكر والوسوسة والخديعة ليسلبهما ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن وقال كذباً وافتراء: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين)، أو خالدين، ولو أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما، قال لادم: (قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وقاسمهما أي حلف لهما باللّه (إني لكما لمن الناصحين)، حتى خدعهما وقد يخدع الشيطان المؤمن باللّه. واستمر الشيطانيون يدعون امتلاكهم للاسرار التي تنفع الناس ليحرفوهم عن طريق الله المرسوم، وليسقطوا ببراثنهم فيما بعد.

ولعل البعض يسمي هؤلاء الشياكين بالحكومة الخفية، ولهم اسماء اخرى معروفة وتمتلك هذه التنظيمات السوداء قوة ضخمة تعبر عن قوة الشيطان اعاذنا الله منه. وكانوا دائما منتجين للطغاة وبخدمتهم. وفي قصة موسى وفرعون والسحرة اشارة واضحة لذلك، حيث تصطرع ارادة مؤسسة الظلام والسحر الاسود ورمزها فرعون مع مؤسسة النور النبوية ورمزها موسى عليه السلام. قال سبحانه وتعالى عن نبيه موسى عليه السلام في القران الكريم:(*فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ*وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ*قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ*يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ*قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ*يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ*فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ*وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُون*لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ*فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ*)(قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ*قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُون*فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ*فأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ*فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ*قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ*قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ*قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ*إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا اول الْمُؤْمِنِينَ*)

فالمؤسسة التي تخدم فرعون وملكه هو مجموعة السحرة ويحاول فرعون بواسطة شعوذة مجموعته التي تتعاطى ضمن طقوس وتنظيمات كهنوتية تعاليم لمحاربة الفكر الرحماني لخنق منابع النور. ولم تكن مؤسسة السحرة بما تعنيه من ممارسات وتقاليد بالمؤسسة الصغيرة بل هي مجموعة لها امتداداتها الواسعة واختلف الرواة في عدد السحرة الذين جاء بهم فرعون لمقابلة موسى عليه السلام، فذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنه قيل: كانوا ثمانين ألفا. كما ورُوى عن ابن عباس كانوا سبعين رجلا، وهو ما أكده السيوطي في الدر المنثور: عن ابن عباس قال كانت السحرة سبعين رجلا أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء وللجمع بين الاقوال اقول يمكن ان يكون كبارهم سبعين وامتداداتهم ثمانين ألفا.

وحسب فهمي المتواضع فان حركة الانبياء واوصيائهم منذ أدم عليه السلام كانت متسلسلة ومتواصل ولم تنقطع حلقاتها، وقد أكدت ذلك كثير من الأحاديث والأخبار على تواتر الوصية واتصالها منذ عهد آدم عليه السلام إلى نبينا الخاتم صلّى اللّه عليه وآله وذكروا بعض التفاصيل المتعلّقة بأسماء الاوصياء والأحداث التي واكبت حياتهم. نقل المحدّثون روايات مستفيضة عن عدد الاوصياء واستقصاء أخبارهم ومحتوى وصاياهم، نشير إلى مضمون بعضها مختصراً محيلين إلى المصادر المختصة لمتابعة التفاصيل. عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في حديث طويل يذكر فيه الاوصياء منذ هبة اللّه شيت وصي آدم عليه السلام إلى الإمام القائم عليه السلام. وفي حديث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يذكر فيه الاوصياء منذ آدم عليه السلام إلى الإمام القائم مهدي أل محمد عليه السلام. وعن أم هاني بنت أبي طالب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: “إنّ اللّه جعل لكلّ نبي وصياً؛ شيث وصي آدم، وشمعون وصي عيسى، وعلي وصيي، وهو خير الاوصياء في الدنيا والآخرة…”. وفي حديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ذكر فيه اتصال الوصية منذ هبة اللّه.

كما ظهرت في التاريخ تحركات على المدى الديني والعلمي تشير الى المجاميع التي تتداول العلوم والتنوير على طول الطريق وأرتباط هذه المجاميع يتعلق بطبيعة دعوتها وممارستها ورجالها. ومؤمن ال فرعون ولعله اخناتون: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب· يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا… وقال الذي آمن يا قوم اتَّبعونِ أهدكم سبيل الرشاد) سورة غافر،·وحبيب النجار، (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون *) وقصة موسى مع من اعطاه الله علما لدنياً ولعله الخضر، وقصة لقمان الحكيم وقصة اهل الكهف وقصة الخط الابراهيمي المتواصل من خلال اسماعيل ومن رموزه مضر وقصي وهاشم وعبد المطلب وابي طالب عليهم السلام جميعا.

وان حديث إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، وانتقاله من الديانة المجوسية إلى النصرانية ثم انتقله إلى الإسلام، قد تجسد معنى التجول والترحال للحصول على المعرفة الحقة، ولا شك ان في هذه القصة الطويل لمحات واشارات بها تماس مع المعنى الصوفي او العرفاني وأخذ المريد من مرشده. انها رحلة الوصول وعذاباتها الى معرفة الحق والتنور. فقد التقى سلمان عدة رهبان من رهبان النصارى وأؤكد هنا على كلمة النصارى وليس المسيحيين. وهم الذين ارشدوه الى النبي محمد واقراب يومه وارض خروجه. وراوي القصة ْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عن سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ نفسه ونجد في القصة معانٍ مهمة هي: انه كان رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَكَانَ أَبِاه رئيسا للقرية. يقول رضوان الله عليه: وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ موقداَ النَّارِ لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، ويذكر انه َخَرَج ذات يوم فَمَرَرْ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى، فَسَمِعْ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ… َقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ. ثم يتحدث عن الصراع الذي نشأ بينه وبين ابيه بعدما علم ابوه ما حصل فحَبَسَه فَبَعثَ إِلَى النَّصَارَى ان إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ وجاء ركب من الشام، فاصطحبهمَ إِلَيها، وبحث عمَنْ هو أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ فيها قَالُوا: الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ. فذهب اليه وطلب منه أَنْ يكُونَ مَعَه ليتعلم ويصلي معه. وعاش معه زمنا ليكتشف نفاقه وبعده عن الله. ولما مات، بحث فتوصل الى رجل اخر طلبا للمعرفة ولما حضرت هذا الرجل الوفاة قال له سلمان: فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ وَهو فُلانٌ، فلَحِق بعد موتهُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وقبل ان يموت وجهه بالالتحاق برجل اخر على طريقتهم فالتحق به. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قال لَهُ سلمان: فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ الرجل: أَيْ بُنَيَّ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلا بِنِصِّيبِينَ، وَهو فُلَانٌ، فَالْحَقْ بِهِ والتحق به سلمان فعلا. وقبيل وفاته اوصاه بالرجوع الى رَجُل بِعَمُّورِيَّةَ وقال له: فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا، قَالَ سلمان: فَلَمَّا مَاتَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ، هو مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ. كان هذا الراهب او العالم او المرشد اخر سلسلة العارفين بالامر وكان رجلا صالحا عنده علم عن نبي آخر الزمان، فنصح الراهب سلمان أن يذهب إلى بلاد العرب التي سيخرج فيها ووصفها له، فكانت هي مدينة النبي محمد صلى الله عليه وأله وسلم. يقول سلمان: ُثمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ واستمرت رحلة سلمان طلبا للنور والمعرفة حتى التقى برسول الله وليتحول من سلمان الفارسي الى سلمان المحمدي.

كل تلك الظواهر تدل الى انتقال العلوم النورانية الرحمانية بواسطة عباد الله المكرمين. وللنبي أدريس اهمية كبيرة في التنوير ونقل العلوم للبشرية، وقد نجد صدا لنشاطات بعض الجهات في نقل العلوم وتطوير الانسانية مثل الفيثاغوريين الذين تلقوا علومهم من مدارس الحكمة في مصر التي تلقت بدورها علوم الحكمة من السومريين والاباء الساميين. ولقد كانت مدرسة فيثاغورس وهي مدرسة لا استطيع القطع بمدى نقائها الفكري والسلوكي، ولكن نحن نعرف حسب ما نفهمه من الروايات القديمة المتواترة، انها تطلب من المنتمين اليها من الرجال والنساء أن يجمعوا كل ما لديهم من الطيبات، وأن يتعلموا مجتمعين، وأن يُدربوا على الفضيلة والتفكير الراقي بطريق العلوم الرياضية والموسيقى، والفلسفة، وأن يتقدموا من تلقاء أنفسهم ليكونوا حكام الدولة الحارسين لها. والحق أن الجهد الذي كان يبذله فيثاغورس ليجعل مجتمعه هو نفسه حكومة مدينته العقلية، هو الذي أهلكه وأهلك أتباعه. فقد اندفع المبتدئون من أتباعه في تيار السياسة. وتقول إحدى الروايات إن فيثاغورس -ولد عام 582 قبل الميلاد تقريبا- نفسه قد قُبض عليه وقُتل حين أبى في فراره أن يطأ بقدمه حقلاً من الفول؛ وتقول رواية أخرى إنه فر إلى متابنتم حيث امتنع عن الطعام أربعين يوماً – ولعله كان يحس أنه يجب أن يكتفي من العمر بثمانين عاماً – وأمات نفسه جوعاً… عاش نشاط اتباعه ثلاثمائة عام في صورة جماعات منتشرة في بلاد اليونان، يخرج منها علماء طبيعيون وحكام وكان أفلاطون نفسه يهيم بصورة فيثاغورس الغامضة؛ وهو يأخذ عنه في جميع نواحي نشاطه الذهني وفي اعتقاده أن الفضيلة تآلف، وفي نظرياته عن الطبيعة والنفس، وفي شغفه بالهندسة، وفي إيمانه بقوة الأعداد الخفية. أن فيثاغورس كان له الفضل في وضع أساس العلوم الطبيعية والفلسفة لقد دعى فيثاغورس أتباعه من دارسي الهندسة على عدة أمور قال أنه نقلها عن كهنة منف بمصر المزاولين للهندسة منها: ارتداء الملابس البيضاء، والتأمل في اوقات محددة، الامتناع عن أكل اللحوم. ويعتقد فيثاغورس وتلاميذه أن كل شيء مرتبط بالرياضيات وبالتالي يمكن التنبؤ بكل شيء وقياسه بشكل حلقات إيقاعية. وله النظرية الهندسية المعروفة التي تقول: “أن المربع على الوتر فى المثلث القائم الزاوية يكافئ مجموع مربعي الضلعين الاخرين، وللدقة فقد اخذ فيثاغورس نظريته هذه من حكماء بابل. كان فيثاغورس من أشد المحبين والمعجبين بالأعداد والهندسة وكذلك بالعلوم الأخرى كالفلك والموسيقى والفلسفة والدين وفى هذه الوقت لم تكن الكتب منتشرة فكان يرتحل بحثا عن العلم والمعرفة فكان يذهب الى فارس والعراق وجاء الى مصر ليزداد علما ومعرفة. وقد اسس مدرسة فى جنوب ايطاليا ويعتقد اتباعه ان فيثاغورس جمع فى هذه المدرسة خير الدنيا من المعارف والعلوم وخير الآخرة من الفضائل والأخلاص. وبعد وفاته سنة 497 ق.م او سنة 507 ق.م ظلت تعاليمة ونظرياتة تنطلق الى كل مكان ليجمع بين العلم والفضيلة والسمو عن الدنايا والتمسك بكل ما من شأنه رفع قيمة البشر. ولم تكن الفيثاغورية مدرسة فلسفة وحسب، بل كانت أيضا مدرسة دينية أخلاقية على نظام الطرق الصوفية. ومن الجدير ذكره ان الفيثاغورية مع ما بها من مكارم وعلوم الا انها وقعت بمطبات خصائص الاعداد. ولو اردنا البحث عن امتداد للمدرسة الفيثاغورية لوجدنا ان اخوان الصفا التي يقال انها من تفرعات المذهب الاسماعيلي الشيعي تشتمل على العديد من خصائص الطريقة الفيثاغورية. ومن فرق التصوف ذات الاهتمام بالارقام والحروفة فرقة يقال لها الحروفيَّة أسسها فضل الله بن عبد الرحمن الحسني الإستراباذي، وهو ينس الى شيعة، وكان يتنقل بين مدن فارس، قتل سنة 804هـ، وسميت الحروفية لاعتنائهم الزائد بالحروف وأسرارها على طريقة الأوفاق والطلاسم، والزايرجة واستنطاق الحروف والتنجيم، وقد تسربت هذه الطريقة فيما بعد بطرق صوفية اخرى مثل البكتاشيَّة. ومن رموز هذه الطريقة الشاعر عماد الدين نسيمي (۱۳٧۰ ـ۱٤۱٧) المولود بمنطقة ـ نسيم ـ بضواحي بغداد، وهو شخصية بارزة في الفكر الإسلامي والصوفي وخاصة في الدول الناطقة بالتركية، ويعتبر نسيمي داعية وشخصية قيادية في الطريقة الحروفية وهو منهج صوفي يعظم وتقدس الحروف والأرقام وتركيب الحروف في الكلمات.وتعتبر (الحروفية) الكون مظهراً للوجود المطلق.حيث الدنيا راسخة في علم الكون، وهذا الرسوخ يُعتبر تجلياً للكائنات،وتتأسس أحكام الحروفية على الحروف وعلى أثر انتشار الحروفية انتقل نسيمي من العراق إلى أذربيجان ومنطقة الأناضول لنشر المنهج الحروفي. إستعمل نسيمي أنماطاً شعرية سائدة في الشعر العربي والفارسي كالغزل والرباعية والمثنوي.وقد تمكن من أن يكون أول شاعر عراقي ينظم باللهجة التركمانية قصائد تضاهي ما هو مكتوب في الشعر العربي والفارسي الكلاسيكي مضيفاً إليها نفحات شعرية تعبر إن إيمانه بالمعتقدات الحروفية. ظل نسيمي طوال حياته متأثرا لمصير المتصوف الكبير الحلاج مرددا ذكره باحترام وتقدير بالغين.غير مدرك أن القدر يخفي له مصيرا شبيهاً بمصير الحلاج.

 أقول دوماً ((أنا الحق)) لأني بالحق منصور

من ذا الذي يتناساني وشهرتي تعم الآفاق

قبلة الصادقين أنا، وعاشق المعشوقين

السماء السابعة أنا،وناصر المظلومين

أنا موسى إذ أناجي الحق دوماً

يتجلى قلبي أبداً في طور سيناء

أترع كأس الوحدة منذ الأزل

منذ الخليقة أنا نشوان ومخمور

أنى توجهت عيناي هناك أبصر المحبوب

تأخذني البهجة وأفرج الكرب بالكرب

شاهد الحبيب أنا والكون والأفلاك

النطق الرباني أنا في كل اللغات

كياني مرآة للكون والآفاق

أنا صورة الرب، المستور عن البشر

جوهر نسيمي أنا،كاشف الأسرار

مجنون أنا ومتوله،

أُنظر لي كم أنا ظاهر.

يستعمل نسيمي ضمير المتكلم (أنا) في قصائده ليس تعبيراً عن ذاته بل للدلالة على الإنسان بمعناه العام. اضطر نسيمي إلى مغادرة باكو بعد مقتل فضل الله مؤسس الطريقة الحروفية على يد ميران شاه بن تيمورلنك في ۱۳٩٤ م متوجهاً إلى الأناضول حيث اتصل بالحاج بكتاش ولي (مؤسس الطريقة البكتاشية وهي إحدى الطرق العلوية بتركية) حيث وجد استقبالا حارا من مريديه.ويقال إنهم تأثروا بأفكاره الحروفية التي بدأ بنشرها في الأناضول. ولايزال نسيمي إلى يومنا هذا يحظى بمكانة محترمة بين البكتاشيين والعلويين في تركيا حيث يترنمون بقصائده في طقوسهم الخاصة التي ترتل فيها القصائد وتغنى على آلة الساز. تعرض نسيمي في مدينة حلب السورية إلى مضايقات وتأمر من قبل أعدائه. حيث قام أحد المتآمرين بتمزيق صفحة من القران الكريم ووضعها في خرقته دون علمه. وعندما مثل بعد الوشاية به أمام القاضي الذي قال له (ما الحكم في اليد التي تعبث بالقران؟) فكان جوابه تقطع. وهنا قال له القاضي: (هاقد أفتيت لنفسك). أُتهم بالزندقة، وحكم عليه بسلخ جلده حياً.وعندما بدؤا بالسلخ، شحب وجهه،فقال له القاضي ساخراً:  إذا كنت الحق كما تدعي فلماذا بدأ وجهك بالشحوب ؟ فرد عليه نسيمي قائلاً: الشمس تشحب دائماً عند المغيب لتشرق من جديد!

وعلى اي حال فنحن نتحفظ على التوجهات الباطنية التي تفتح ابوابا على الانحراف دون انكار الجوانب الطيبة في الفيثاغورية واخوان الصفا او الحروفية او البكتاشية والى البكتاشية يعزى تأسيس الجيش العثماني الانكشاري الذي حقق كل الفتوحات الاسلامية في اوربا قبل ان يتغير العثمانيون من الفتح الى احتلال دول المسلمين!!

وهناك امثلة عديدة على من تعاهدوا على نقل نور العلم والفضيلة عبر العهود، قد خلد القرآن الكريم قصص من حمل دعوة الله ونور الرسالة عبر الاجيال بتراث حيً يتلى عبر العهود ليعيش اجواءها من اكرمهم الله تعالى في سلوك طريق الصالحين.

ولا اريد الحديث عن نفسي في هذا المجال بل اترك الحديث الى ما  كتبه لي احد تلامبذي منشورا في احد المواقع، مذكرا اياي بدورس كنت القيها على بعض الاخوة الكرام ممن ارتبط معنا في مسيرتنا العقائدية منذ عقود فقال معلقا على بحث مفصل لي عن بهلول الداعية الحكيم وتحت عنوان “البهلول…عارف في ديار الجاهلين”: تحية لك من الاعماق سيدي الجوادي الكبير. اتشرف ان اكون من تلاميذك النجباء وخريجي مدرستك المخلصين. واتذكر قبل اكثر من ست سنوات كنا في حلقة اسبوعية شبابية بغدادية وكنا بحدود خمسة عشر شابا جامعيا او حديث التخرج. وقد درسنا بها السيد الجوادي مناهج الدعوة لله والدين والاصلاح. وقد تضمت هذه الحلقة دراسات في مناهج:

O مؤمن آل فرعون وتاريخ اخناتون،

O ومنهج الرجل الذي جاء من اقصى المدينة يسعى حبيب النجار،

O الفيلسوف الموحد سقراط الشهيد وفيثاغورس والفيثاغوريين، ونقد جوانب منها،

O والتنظيمات الاسينية الاصلاحية في فلسطين قبيل عصر السيد المسيح ودعوة النبي يحيى.

O والمسيح عيسى بن مريم وتنظيمات تلاميذه من بعده وخطوط هؤلاء التلاميذ والصراع بين خط قريب المسيح يعقوب وذريته وخط بولس الذي اتجه اتجاها اخر فالغى الشريعة. مع دراسة الفرقة الابيونية النصرانية التي تصدت للتحريفات البولصية، وكانت ترفض الغاء الشريعة وتؤمن بالمسيح عيسى بن مريم نبيا رسولا وليس ربا او ابن اله وتبشر بقدم نبي يظهر في جزيرة العرب.

O ومنهج سلمان الفارسي في البحث عن الحقيقية والمؤسسات الدينية التي كان مرتبطا بها قبل الاسلام.

O ومنهج عبد المطلب بن هاشم وابنيه الزبير وابي طالب في الاصلاح وفي التهيئة لظهور النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

O مناهج التحرك عند ائمة اهل البيت والتي غطاها بعدد من المحاضرات عن الامام السجاد والامام الصادق والامام الكاظم والامام الجواد والامام الهادي والامام العسكري والامام المهدي.

O دراسات عن الحركات الصوفية بصفتها اطر مارست الدعوة لله والتربية للمجتمع وتناول فيها طريقة الشيخ عبد القادر الكيلاني والسيد احمد الرفاعي والسيد احمد البدوي والسيد الدسوقي والسيد اسحاق صفي الدين وغيرهم.

O تنظيمات شيعة اهل البيت القديمة الخطوط الصحيحة والخطوط المنحرفة وعمليات الانحراف العباسيين مثالا. وتنظيمات الاسماعلية وجماعة اخوان الصفا وخلان الوفا. وتنظيمات الحركة الصفوية.

O دعوة الامام حسن البنا وجذورها الصوفية الحصافية وامتداداتها.

O دعوة الملا سعيد النورسي وحركة النور التركية، وكان الملا شيخ من شيوخ الطريق.

O وكانت احدى محاضراتها حول منهج بهلول في العمل للاصلاح.

O ومنهج الشيخ عز الدين الجزائري رائد الحركة الاسلامية المعاصرة في العراق. واضاف هذا التلميذ النجيب: واتمنى على سيدي واستاذي علاء الجوادي ان يعيد ترتيب هذه المحاضرات كما اعاد ترتيب محاضرته عن البهلول ويجمعها بكتاب واحد تحت عنوان مناسب يختاره مثل ” مناهج العمل الرسالية”. اما حول هذه المقالة المنشورة في موقع النور فاحب ان اضع خطوطا على اهم ملامح المنهج الاصلاحي الذي دعى له سيدي الجوادي في مقاله هذا عن الشيخ بهلول رحمه الله تعالى. والتي تصلح ان تكون وثيقة عمل لنا في هذه المرحلة وهو يعي ما يدعواليه. واهم هذه الخطوط:

O الدفاع عن الفكر والفقه الصحيحين النابعين من مدرسة اهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام.

O التأكيد على القيادة الشرعية للامة والدعوة اليها.

O كشف ممارسات وعاظ السلاطين والمتلبسين بالدين لخدمة السلطات المنحرفة.

O كشف الخطوط التي تحاول الانتقاص من اهل البيت واتباعهم من المتلبسين بالاسماء الدينية والعناوين الطائفية.

O دعوة المجتمع وعموم الناس الى التقوى والتوبة وعدم الانشغال بالدنيا على حساب الاخرة.

O كشف المغرورين والمنتفخين ومحدثي النعمة الذي يستهزؤون بالفقراء والمساكين.

O تربية الاطفال والشباب التربية تالصحيحة الصالحة.

O النقد الهادف الموضوعي للسلطة الحاكمة ومؤسساتها وهيئاتها القضائية والتشريعية والحكومية.

O تأسيس رابطات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع.

O كشفه الاعيب الاغنياء لابتزاز الفقراء وسرقتهم والتلاعب بهم.

ثم يقول: شكرا لك يا سيدي الجوادي ايها المفكر المظلوم الذي ضيعه قومه كما ضيعوا من قبل الرجال الصالحين. شخصت اهم معالم الخلل ودعوت للاصلاح بلغة هادئة تهدف للاصلاح اكثر مما تهدف الى الانتقام والنقد الجارح للهيئات والاشخاص.دمت لنا ابا مرشدا وقائدا مربيا.

هذه المناهج هي نحو من انحاء التعاطي المعرفي المنبثق من الروحانية التي نتعلمها من اولياء الله وأحبائه. انتهى ما كتبه احد اخوتي المخلصين.

ومعذرة سيدتي الراقية، فقد غلبني طبعي ورحت اتفلسف واردد كلام اساتذتنا الربانيين وانا ما زلت بالجحيم وفي سجن النفس الامرة بالسوء، ولواني ابشر نفس بسرعة اللحاق بالطيبين ممن سبقونا الى طريق الخير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يزال للحديث بقية

 

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى