ط
مسابقة القصة القصيرة

الخلاص المستحيل ..مسابقة القصة القصيرة بقلم / ثورية الكور من المغرب

ثورية الكور من المغرب .
مشاركة فصنف القصة القصيرة.
رقم الهاتف 00212621042979
………………………

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

الخلاص المستحيل
الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال، والشمس هي من حددت ذاك الوقت. تستعد الأم لتقديم تلك الوجبة والأعين الصغيرة تحدق بالطبق ..حبات الزيتون تتراقص بين قطع البطاطس، تنظر الى تلك الطفلة الصغيرة والفرح يتطاير من عينيها، لم تعد كقريناتها من البرئيات، لم تعد تفكر بشئ : لامدرسة ولا ثياب أو أن تكتفي فقط بملاعبة دميتها؛ تريد بيتا يحميها من برد الشتاء القارس، ولقمة عيش تسد رمق جوعها …وأحلى أمنياتها أن تحصل على قطعة شوكولاته، وان تختبىء عندما تتذوقها، لكي لا يزعجها أطفال المخيم بطلب اقتسامها معهم…وهي تحملق في الطبق، تسترجع كيف كانت تعيش ..إنه نفس الوقت، وقت إحضارها بباص المدرسة إلى البيت …وعند نزولها منه ترفع عينيها للأعلى ككل مرة لكي ترى أمها وهي تسترق النظر اليها، تركض بسرعة على الدرج:
– أمي..افتحي الباب، إني أتضور جوعا. ماذا حضرت لنا اليوم يا أمي؟
وما تلبث أمها ان تفتح الباب حتى تتسلل إلى أنفها رائحة طعام شهي، المائدة معدة بطعام من أشهى المأكولات والفواكه.. إنها خيرات الوطن.
شاردة في بحر من الذكريات، يثير انتباهها صراخا قرب خيمتها بالمخيم، تهرول و مسترقة النظر إلى ذاك الطبق، حبات الزيتون وقطع البطاطس ينتظران حتى يعود الوالد، إنه أحمد ابن الخالة فاطمة يتشاجر مع سمير ابن السيد حسن ……تتتبع خطواتهما وهما يتشاجران.
– أحمد.. أحمد ، من أين لك بقطع الحلوى ؟؟؟؟
فلا يرد على سؤالها لانشغاله بالعراك ..تردد السؤال مرة أخرى:
-من أين لك بها يا أحمد ؟؟
يجيب بصوت مرتفع:
– لا أدري يازينب، شخص رمى بقطع الحلوى من نافذة سيارته الفاخرة ورحل، وكان نصيبي منها قطعتين،كل أطفال المخيم كان لهم نصيب منها …..ألم تأخذي يازينب؟
– هات واحدة يا أحمد، أقرضني إياها، وما إن نعود إلى بيتنا سأردها لك.
يجيب أحمد بقهقات هستيرية:
– ما عاد هناك من بيت ولا وطن ….أبي قال أن الوطن قد احترق، واننا سنعيش بلا بيت ولا وطن ….
ترد زينب متسائلة:
– كيف يا أحمد؟ ما معنى كلامك؟ أبي وعدني ان يهيء لي حديقة مليئة بالورود قرب البيت، وأننا نسعود إلى الوطن الشهر القادم …
يصرخ أحمد بزينب:
– لا وطن ولابيت ولالقمة ولا حلوى ..انسي الأمر …
ثم يشد على يدها بقوة ويخاطبها بصوت مرتفع:
– تعالي معي عند أبي، هو سيؤكد لك ذلك، وستصدقين أنه ما عاد هناك من وطن. .
تلتفت زينب إلى نداء باسمها، تتنصل من يد أحمد، إنه والدها يناديها، تعانقه ودموعها منسابة على خديها الزهريي اللون ….تهمس: – أبي، أصحيح اننا لن نعود إلى بيتنا وأن الوطن قد احترق؟ …أجبني ياابي!
يتلعثم الأب ويختنق الكلام بحلقه، يرمق إلى ابنته بنظرات حسرة وانكسار … ثم يردد:
– هيا بنا يازينب إلى البيت، أنا جائع جدا باابنتي.
ترد زينب:
– هل بات لدينا بيت ؟؟
يشد على يديها ليدخلها إلى الخيمة، يجلسان، يتقاسمان تلك اللقمة،تمد يدها إلى قطعة الخبز، تحملق في الطبق،ثم تصرخ:
– أمي، حبات الزيتون تنظر الي، لم يا أمي؟؟ هل لأن شعري منكوش؟ أم لأن وجهي متسخ؟ هل بسبب ثيابي البالية؟
تقهقه الأم بضحات ساخرة:
– يا حبيبتي، حبات الزيتون تنظر إليك لأنك جميلة وتريدك أن تقضميها، وأن تستطعمي لذتها.
تصرخ زينب غضبا:
– لا أريد ذلك، تعبت من الزيتون والبطاطس، لا أريد أي شئ، اريد أن أعود إلى بيتنا. وعلى وقع صراخها، تسقط قذيفة على المخيم، يهرول الكل مسرعا مذعورا…
يا الله، لقد احترق نصف المخيم، ومات أكثرهم نساء وأطفالا ورجالا .. بعدما كانوا أمواتا محسوبين على الأحياء…
يهرب ماتبقى منهم، لايعلمون إلى أين المفر… يتردد على أسماعهم ان قذيفة أصابت المخيم بالخطأ…يحمل الأب ابنته زينب بين
ذراعيه، يركض هو وزوجته، الكل مذعور … تتساءل زينب: .
-إلى أين ياأبي؟ …إلى أين سنذهب؟ هل سنعود إلى بيتنا؟
يرد الاب تاها لا يلوي على شيء:
-لا أدري يازهرتي إلى أين ….الكل يركض، ونحن كذلك سنركض إلى أن يجف الركض بأرجلنا … ….ياابنتي فالسماء تنادينا والأرض تبكينا والوطن لن يأخذ عزاءه فينا #.

بقلمي ثورية الكور .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى