ط
مسابقة القصة القصيرة

العرض . مسابقة القصة القصيرة بقلم / إيمان أحمد عبده أحمد الزيات.مصر

إيمان أحمد عبده أحمد الزيات
إيمان الزيات
[email protected]
فرع (القصة القصيرة)
قصة: (العرض)

كأي سمكة تقافزت بحثا عن مد .. عن موجة ولو صغيرة تُنهي بقاءها الذي طال على طاولة العرض بلا ماء.
متحلقين حولها وقفوا كمن يتابع لاعبة “ترابيز” في سيرك .. صفق الجميع لطزاجتها مع كل قفزة .. أعينهم مشدودة نحوها بخيوط من الدهشة.

أشاروا إلى التاجر ليضعها في سلالهم لكنه أسكتهم بالتمني .. إنها نوارة العرض ولن يتعجل بيعَها أبدا .. زاد فضولهم حول صاحب الحظ السعيد الذي سيعود بها إلى بيته ..

أعينهم تلاحق حركاتها بنهم كلما كشف الأوكسجين الشحيح خياشيمها الحمراء عن آخرها .. جسدها اللامع يرتعش من حين ﻵخر طالبا النجدة .. وزعانفها الحادة تنتصب بوجه المجهول الذي يشعرها بالخطر والحيرة.
كل ما تذكره أنها كانت تسبح بهدوء حين شدها شىء ما لأعلى ودّعت بشَدَّتِه تلك بحرها للأبد.

يصرخ مُزاحما في التاجر مشيرا نحوها: أريد البراقة..!

يجمع التاجر أصابعه الوسطى والسبابة والإبهام معا ويهزهم لأعلى وأسفل متمهلاً إياه .. ويعلو صفحة وجهه وعد بدنو تلبية طلبه.

لم تعد تقوى على القفز .. عليها أن توفر أنفاسها ما استطاعت لكن الألم يُلَوِّيها .. يعتصرها الاختناق شيئا فشيئا .. فتقرر أن تقوم بمحاولة أخرى لإيجاد ماتحتاج إليه ولا تراه.

تقفز أعلى قفزاتها على الإطلاق فيشهق الجميع وتسقط بعينيها الجاحظتين على آخر صور الحياة أمامها كأنها تُكبِّر اللحظة الأخيرة لتمتد ..
في سقطتها تفكر أنه ليس ما كانت تنتظره أن تنتقل من جفاف لجفاف.

سؤال وحيد يتردَّد برأسها ..
أين ذهب الماء؟!
إن الله أرحم من أن يأمره بجذر بلا مد ..

ينتبه التاجر لسكونها فيرشقها برَشّة ماء شحيحة تصيبها بأمل كذوب سرعان ما تجف يده بعدها .. يلتقطها سريعا ويضعها على الميزان مدعيا غلاوة الزبون .. تستسلم لكفه المنزوع منها الماء والرحمة .. وتسقط في سلة الغريب فوق الأخريات كطابة مثقوبة ألقوها على كومة مهملة راحت تفكر..
لأي شىء ستقفز بعد الآن..؟!

سكنت سكوناً يليق بوجع الإجابة.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى