ط
كتاب همسة

الملابس في مصر القديمة.بقلم الباحثة الأثرية / ميرنا أيوب

كتبت الباحثة الآثرية/ميرنا أيوب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
 
لا شك أن أزياء الملابس هي سمة من سمات الإنسان الخاصة، وأحد العوامل التي تعكس لنا مدي تطور وثقافة الشعوب.
والمتأمل في حضارة قدماء المصريين يجد أنهم قد برعوا في صنع وتصميم ملابسهم، فقد ظهرت لنا طرز وأنواع مختلفة من هذه الملابس سواء لمختلف الطبقات الاجتماعية علي جدران المعابد والمقابر أو ما تبقي منها حتي الآن.
ففي باكورة حياة المصري القديم،قد لجأ إلي استخدام جلود الحيوانات التي يصطادها وخاصة ذات الفراء، وربما أستمر علي ذلك فتره طويله من العصور ما قبل التاريخية إلي أن عرف الإستقرار عن طريق الزراعة، وربما كان هذا العامل الأساسي في معرفتة الملابس المصنوعة من الألياف النباتية.
ويعتقد أن المصري القديم قد توصل إلي طريقة صناعة الملابس من الألياف والخيوط عن طريق الصدفة، فكان يقوم بتعطين أعواد الكتان في الماء حتي تنفصل عن بعضها وبدون قصد فقد تركها في الماء لعدة أيام، فحدث لهذه الألياف إنفصال وتفسخ عن اللب الداخلي وعن طريق برم هذه الألياف نتج ما يعرف بالخيوط ،فكان يأخذ هذه الخيوط بعد أن يقوم ببرمها ولفها علي بكرات أو قطع من الفخار ،استعداداَ لنسجها وغزلها، وقد أمدتنا النقوش المصرية القديمة بمناظر جميلة تصور هذا العمل الرائع والمميز من نوعه، كما ظهر هذا في مناظر مقابر بني حسن في المنيا، فتظهر فتاه جالسة فوق مقعد صغير وتقوم بغزل هذه الخيوط بكل براعة ومهاره .

ولعل أيضأ من أهم النماذج وأروعها علي الإطلاق، تلك التي تجسدت في ماكيتات الموظف مكت رع من الدولة الوسطي ،والنموذج يصور مصنعاً للنسيج وكان الهدف منه هو إمداد مكت رع بكل ما يحتاجه من ملابس في العالم الاخر ،فنري في النموذج ثلاث من النسوة يجلسن علي الأرض ،وأمامهن ألياف الكتان بحيث يقف بجوارهم من الناحية الاخري ثلاث نساء أخريات يقمن بغزل الخيوط وتقبض كل منهما بيدها اليسري علي مغزل تحركه بيدها اليمني علي ركبتها ومن الناحية الاخري تقوم بعض النساء بالعمل على النول ،والذي كان من النوع الأفقي .
والجدير بالذكر ان المصري القديم بجل وعظم هذه المهنه والعاملين فيها ، فقام بتقسيم عمال النسيج إلي طوائف ويتم منحهم بعض التكريمات تقديرا لما يبذلونه من أجل صاحب المقبره في ورش النسيج، فكانت هذه التكريمات عباره عن الذهب ،أو الفاكهه، أو الملابس، أو الحلي المختلفة وذلك بحسب الدرجة الوظيفية.

كما أن هناك العديد من الأرباب والمعبودات التي أرتبطت بهذه المهنة، مثل:-
١- المعبودة تاييت” T3yt ” وقد عرفت منذ بداية الدولة القديمه حتي العصور البطلمية ،وقد أرتبط بها صناعة خمسة أنواع من الأقمشة كما ورد بالنصوص، وهم: idmy – mss- mnḫt – t3it- wryt ، وقد أضافت النصوص في العصر البطلمي تسعة أنواع أخري.
٢- المعبود حج حتب” ḥḏ ḥtp”
ظهر حج حتب منذ الدولة الوسطي وأشترك مع المعبوده تاييت في الإشراف علي صناعة النسيج، كما أحتل مكانة بارزة في خلق وإنتاج العديد من الأقمشة وهي:- الكتان الأحمر “idmy , والنسيج الاخضر “واجت wꜣḏt ، وكذلك النسيج الأبيض حدجت “ḥḏt”.
وهناك معبودات أخري مثل:-
ايزيس، ونفتيس ،و رع، وحورس، وسرقت وسخمت، ونيت ،ورننوت .
والجدير بالذكر ان الملابس في مصر القديمه لم تأخذ نفس الشكل والنمط في كل عصورها ، فكان لكل فتره ما يميزها دليلا على التطور ومواكبة العصر ، كما أنه كان لكل طبقة من طبقات المجتمع الملابس الخاصة بها والتي تميزها عن غيرها ، ففي عصر الدولة القديمة تميزت الملابس بالبساطة ، فلا تحتوي علي أكتر من إزار للرجال وقميص للسيدات ، فكانت ملابس الرجال تعتمد علي ستر الجزء الأسفل ،أما الجزء الأعلي فكان عاريا ً وكانت في بادئ الأمر عباره عن حزام مشدود حول الخصر ثم تطورت وصارت فيما يعرف بالشنديت وقد تطور أيضا هذا الشنديت في أشكاله مع مرور الوقت، كما كان هو الزي الشائع لكل طبقات المجتمع ولكن مع إختلاف الشكل والطراز، أما بالنسبه لملابس السيدات، فقد أهتمت المرأة فقيرة كانت أم غنية، بأناقة مظهرها وهندامها ، فجاءت ملابس الفقيرة بسيطة لكن مقبولة علي عكس التي كانت من أفراد البيت المالك والنبلاء والكهان واللائي كن يرتدين الملابس الخفيفة الشفافة والمطرزة والمحلاة بالألوان الزاهية ، وكانت ملابس المرأة تخضع لحكم ظروف زمانها وتقاليد عصرها، بالإضافة إلى الوضع الإجتماعي والدور الوظيفي.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى