ط
الشعر والأدب

بياض..قصة قصيرة بقلم / ادريس حنبالي

ادريس حنبالى
بياض
قصة قصيرة
تأليف : ادريس حنبالي
16 – 01 – 2015
————————————————
مازلت أقبع هنا حتى الآن .. لابد أن الحضور قد اكتمل نصابه ، و بدأت مراسيم الليلة الأربعينية.. تصدح أصوات الذكر تقاطعها -بين فينة و أخرى- أنغام أباريق الشاي كلّما انهالت على أكواب؛ تتوق إلى الدّفء كما يتوق له البشر..
أجريت عدة مكالمات علّها تصلني به.. لم أفلح..لا مجيب ولا ملبّي..يطيب لي المكان و الزمان ..المكان ساحر في عزّ الشتاء ؛ لكن كلما مرّ الوقت، و استطالت قامة الليل يتغير الطعم وينزل الضّيم ..
لابد أن أنصف الرجل..مضياف لكنه لا يحسبها جيدا في الكثير من الأحيان..
الأب الراحل مهاجر يعيش هناك بالشمال” الأشقر”.. قضى حياته هناك.. و الآن قد رحل..إلى جنة أرحب و أوسع.. إبنه “الضال” يسكن منطقة تحتضن مقر عمله؛ بعيدا عن مسقط رأسه و بلدته وعشيرته .. يُحكى أن البرد والجوع التقيا بالصدفة و اتفقا على المكوث هنا على هذا الجبل قصير القامة إذا ما قارنّاه بجبال الريف الشامخ ..
الغريب أن شركة الاتصالات دخلت على الخطّ و صارت تعبث بيننا بالأسلاك:(
!مخاطبُك حدّ الساعة من استقبال المكالمات الواردة إلى هاتفه..هكذا قالت “العجوز”)..
صديق آخر اتّصل وسط النهار ليؤكد على حضوري.. – بتكليف من صاحب الليلة -.. يمتنع الآن عن رفع السماعة..أو على الأرجح يضيع رنين هاتفه وسط أصوات المديح و السماع التي يحفل بها المكان..يذكرني اللعين بخيبة أخرى ..كم أشعر بالغباء..!
صديق آخر..صارت الخيبة تتسع وصرت أنتشي أكثر فأكثر..و أبتسم..
امتطيت ملاكا أقلّني صوب الشمال..شمال أبعد من الشمال..أبعد و أبعد.. وصلت للتوّ إلى زلندا الجديدة..
أكرمت وفادتي أربعينية أخرى..!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى