ط
مسابقة القصة القصيرة

تجربة ..مسابقة القصة القصيرة بقلم / نجلاء غانم محمد

د.نجلاء غانم محمد
المنيا – مصر
قصة قصيرة

تجربة

أمسكت بانبوبة الإختبار وأخذت تضع فيها الكميات حسب المعادلة وأثناء تركيزها فى هذا طُرِقَ الباب فسمحت للطارق بالدخول دون الإلتفات إليه وظلت مركزة فيما تفعله ولكن لم تكن النتائج المرجوة من الإضافات الكيميائية كما ينبغى . أما الشخص الذى دخل فقد اختار أقرب مقعد بجوار الباب وجلس عليه وظل صامتا وإلتفتت أخيرا لترى من دخل وكانت المفاجأة هو . . فى معملها والآن بعد كل هذا الزمن . . أعطته ظهرها ثانية ووضعت الانبوبة التى كانت بيدها على حاملها وحاولت أن تنظر بعيدا إلى الأفق فاصطدم بصرها بالحائط وارتد إليها واقتربت منه فى خطوات ثابته وجلست على مقعدها وسألته : متى عدت ؟
– منذ أيام . . لقد حصلت على الماجستير والآن لابد أن أعمل .
– بالطبع . . .
عندما لم يجد منها أى دافع للحديث أكمل قائلا : – لقد عُينت هنا .
– ماذا ؟
– هل تمانعين أن أعمل معكِ ؟
نظرت إليه ثم وقفت وتشاغلت بفحص أنابيبها فأردف قائلا :
– سوف تصبحين رئيستى . . فهم هنا يعترفون بأقدمية استلام العمل لأننا نتساوى فى الدرجة العلمية.
– أفهم ذلك.
وظلت تنظر فى الاختبارات السابقة ونتائجها إلى أن قال :
– اعتقد أن التجربة التى كنت تجرينها وقت دخولى عن الــ . . .
– لا شأن لك بما افعله.
– آسف، ولكن أردت أن أخبرك إنه فى الخارج هناك جهاز يمكنه إجرائها بنجاح وفى أقل جزء من الثانية.
– أول شيء أريدك أن تعرفه الآن لا تتحدث عن الأجهزة في الخارج فأمامك كل ما نملك من أجهزة ومطلوب منا أن نجري كل التجارب بنجاح.
– لازلت كما أنت لا تحبين إنصاف الحلول.
– لانها لا تكون دائما متعادلة .. والآن لابد أن أغلق المعمل وميعاد العمل في الصباح الساعة الثامنة ومكتبك بجوار هذا المعمل وهذا مفتاحه.
نظر إليها ولم يدر ما يقول ودار في ذهنه كيف سيتعامل معها بهذا الأسلوب ولكنه تناول المفتاح وانصرف وعادت هي إلى البيت ودخلت غرفتها التي هي عالم في حد ذاتها يتوسطها السرير وحوله الكثير من الأرفف وضع عليها كتب في جميع المجالات لكن اليد الطولى للشعر والقصص والروايات وارتمت على سريرها وظلت تبكي دخلت اختها إليها وسألتها عن سبب بكائها فحكت لها ما حدث وأكملت: – كيف سأعمل معه؟! منذ فترة كنت أتمنى أن اخترع مادة أقوى من حمض الكبريتيك لأصبها عليه ولكن الآن عندما رأيته أشعر إنه يتحداني وأنا أريد فقط الإبتعاد عنه وعدم رؤيته.
– إنها فرصتك رغم إنك رفضت السفر إلا إنك الآن أصبحت رئيسته يمكنك التحكم في ….
– لا أنت تعلمين إني أرفض هذا المبدأ.
– إنك يا أختي تتعبين نفسك تغمسيها في عالم من المنطقية والعقلانية ثم تخرجيها لتغمسيها في عالم من الرومانسية والأحلام وتنسين العالم الواقع بينهما إنك تمرين به مغمضة العينين بل وتصرين على تجاهله رغم إنه هو أوقع من العالمين.
– أرجوكِ كفى ، لماذا كل ما أهرب من الحيرة تلاحقني وتظل تطرق بابي؟! اتهمت بإني لا أحب أنصاف الحلول والآن لا أريد أن أعيش الواقع … واقعكم هذا فظ غليظ القلب إنكم أنتم من اخترعتموه.
وفي الصباح ذهبت إلى المعمل ووجدت التجربة التي فشلت بالأمس نجحت ونتائجها مكتوبة وسمعت صوت من الخلف يقول : – لقد صنعتها manual يدويا دون جهاز فما رأيك؟
نظرت إليه في لحظة تساوت فيها كل الأشياء وكانت بلا إحساس وسألته: – لماذا عدت؟
– كان هذا أول سؤال انتظره ، والإجابة إنه كان لابد لي أن أعود حتى وإن لم ترغبي في ذلك.
– لست أدري ماذا اقول ولكنك إنسان بـ ….
– أرجوكِ لا تصدري أحكاما قبل أن تسمعي تفسيري.
– إن عملنا يعتمد على الملاحظة والإستنتاج.
– لكنه قد يفشل أو ….
– لكنه لم يفشل معك … بل أعطيتني الدلائل.
– أرجوكِ ، غيري الأبيض والأسود هناك ألوان أخرى إذا رأيتها ستجدين الأمور أسهل ومعقولة.
رمقته بنظرة لا يدري ما معناها ومدت يدها إليه بمجموعة من الأوراق وقالت : – هذه الإختبارات مطلوبة منك لابد أن تنتهي منها في خلال ثلاثة أيام.
تناول الأوراق وهو يتمنى من كل قلبه أن يكون قد حرك ذاك المفهوم المتحجر في رأسها وانصرف وأغلق خلفه الباب وجلست هي في المعمل ونظرت حولها فلم تجد سوى ملح الصوديوم والرصاص.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى