ط
أخبار متنوعة

“تراب الماس” ما تجمله السينما قد تفسده السياسة!..بقلم الناقد / سيد محمود سلام


كتب  / سيد محمود سلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتأمل للرسائل التي يريد مؤلف “تراب الماس”، والتي تضمنها الفيلم وليس الرواية؛ لأن الرواية التي صدرت في عام 2010، وهي ثاني روايات المؤلف أحمد مراد  في 400 صفحة، سيكتشف أن هناك إصرارًا على ما يمكن وصفه بتفخيم عمله الروائي، ومن ثم السينمائي بالمفردات السياسية، وخاصة ذات البعد التاريخي.

ليس مهما أن تشغل بالك كمشاهد لفيلم “تراب الماس” بالخلفيات السياسية، فهي ليست ذات قيمة، ووجودها قد لا يكون مهمًا إذا ما تابعناه كعمل سينمائي ركز على فكرة الانتقام، وهو عنوان الرواية، “حين يصبح القتل أثرًا جانبيًا.. تراب الماس”، هكذا عنونها المؤلف قبل أن يتم تحويلها إلى عمل سينمائي.. وقدمها أيضًا في الصفحات الأولى بجملة “أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق الوحيد للخير”.

واضح من سرعة إيقاع الفيلم، وتكثيف المشاهد، أن المخرج مروان حامد التزم كثيرًا بما جاء في الرواية ووجهات نظر المؤلف الخاصة  – سواء كانت مع أو ضد الكثيرين.. ومن ثم جاء الفيلم متسقًا معها كثيرًا.. فالعلاقة بين المؤلف والمخرج، وتتطابق أفكارهما مهم في نجاح العمل، فقد سبقا أن قدما فيلم “الفيل الأزرق”، وهي الرواية الثالثة لأحمد مراد، والتي كتب لها المؤلف السيناريو بنفسه.

“تراب الماس” تبدأ أحداثه بداية غامضة بمشهد مقتل حسين الزهار، ومحاولة ضرب ابنه طه الصيدلي.. ثم يلجأ المخرج إلى الفلاش باك مستدعيًا تاريخًا طويلًا بدأ منذ 1952 متنقلًا بسرعة من الرئيس محمد نجيب إلى الزعيم جمال عبدالناصر، مع تنويهات عن الوضع السياسي آنذاك في مصر؛ ليقف بنا عند حارة اليهود في مشهد يشرح للمشاهد كيف كان اليهود يعيشون في “حارة اليهود بالخرنفش حي الجمالية” عام 1954، ونقاشات في منزل اليهودي الخواجة ليتو، والذي نكتشف من الأحداث أنه كان خائنًا عندما أضاء الكشافات لطائرات اليهود في أثناء الحرب ومرورها في سماء القاهرة.

والخواجة “ليتو”، الذي قدم شخصيته بيومي فؤاد، هو صديق والد حسين الزهار، بائع العطور، ومن خلال العلاقة نتعرف على السر في “تراب الماس”، حيث كان اليهودي يعمل في المجوهرات ويستخدم تراب الماس في تلميع الذهب، وعلم الطفل حسين الزهار آنذاك أنه مادة سامة، بعدما استخدمها الخواجة أمامه في قتل القطة بعد إصابتها بالسعار.

وهنا تبدأ معرفة الزهار “أحمد كمال” لسر “تراب الماس”، والذي احتفظ به حتى بعد سفره للخارج وإفلاسه بسبب إيداعه كل أمواله في توظيف الأموال، وإصابته بالشلل بعد عملية فاشلة في العمود الفقري.

أورثه مرضه والفشل الذي أصابه بحالة حقد على كل شيء، فبدأ في التخلص من اليهودي لخيانته للوطن بنفس “تراب الماس” القاتل، ثم بعض الفاسدين من الكتاب، ثم لعضو برلمان بارز “برجاس” قام بدوره الفنان الكبير عزت العلايلي بأن وضعه له في الشاي، ومن مشهد مقتل “برجاس” تبدأ رحلة طه “آسر ياسين” في فك الاشتباك لكل الخيوط، والتي يصبح بطلها .. “وليد بك” رئيس المباحث، الذي قام بدوره ماجد الكدواني، وهو من يستخدم “سيرفيس” محمد ممدوح لتحقيق مصالحه.. ومنها التخلص من والد طه، ثم طه، حتى يتهم في رشوة جنسية تكون سببًا في إحالته للتقاعد.. يلتقي وليد طه ويتفقان على القتل المشترك لمن تسبب له في الرشوة.. ويتحول “تراب الماس” إلى وسيلة للتطهير من كل ما هو فاسد وليد بك، ثم الإعلامي شريف مراد على يد “سارة” منة شلبي، التي تتعرض للاغتصاب منه برغم حبها له واكتشافها خيانته.

فيلم “تراب الماس” عمل سينمائي تميز بأنه اختلف عن كل ما قدم من أفلام خلال الفترة الماضية، أضعفته المفردات السياسية، وحشو أحداث ما كان لها أن تفيد عملًا سينمائيًا عن فكرة جديدة ورائعة.

نجح كل في دوره حتى ضيوف الشرف، شيرين رضا، وعادل كرم، وتارا عماد، ومحمود البزاوي، وسامي مغاوري، تصوير أحمد المرسي، ومونتاج بارع لأحمد حافظ، موسيقى معبرة لهشام نزيه.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى