ط
حوادث

تفاصيل مقتل إمام مسجد وهو يصلى بالناس صلاة الجمعة

القاتل .أنا إمامكم وليس هو أنا خليفة الله

المصدر / مصراوى
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
اقرأ آية الكرسي مرتين” بهذه الكلمات استوقف أحد الأشخاص إمام مسجد قبل دخوله لإلقاء خطبة الجمعة، لكن الأخير طالبه بتركه حتى لا يتأخر، فدار حديث حاد بين الاثنين، تدخل على إثره المصلون، ترك الأول المسجد، بينما دلف الثاني لإتمام مهمته، دون أن يدري بأن الفصل الأخيرة من حياته سيكون بشكل صادم داخل المكان الذي طالما تعلق قلبه به.

استيقظ محمد العدوي الطالب بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر مبكرا للاستعداد لإلقاء خطبة الجمعة في مسجد “الرحمة” الواقع في شارع الأمراء بمحطة التعاون بمنطقة الطوابق فيصل غربي محافظة الجيزة، راح يعد جلبابه الذي سيرتديه ويراجع مضمون الخطبة مودعًا أهل منزله وكأنه الوداع الأخير.

مع قرب أذان ظهر يوم الجمعة، غادر الشيخ محمد -كما يلقبه الأهالي- قاصدا المسجد، لكن أحد الأشخاص استوقفه على الباب مقدما بين يديه طلب غريب “يا مولانا.. اقرأ آية الكرسي مرتين” لحظات صمت حاول معها الإمام استيعاب الأمر لكن إصرار الشخص غريب الأطوار على طلبه دفعه لطلب إرجاء الأمر لوقت لاحق.

مع تمسك الشخص بطلبه، احتدم الحديث بينه وبين الإمام وسط مراقبة المتوافدين على المسجد فما كان منهم إلا الفصل بين الطرفين وإبعاد الأول بقولهم “لو مش عاوز تصلي معانا امشي الجوامع هنا كتيرة” ليغادر ممسكا كيسا أبيض قاصدا مسجد يقع في نهاية الشارع.

اعتلى الشيخ العدوي المنبر ليبدأ حديثه عن موضوع الخطبة، وأنهى الخطبة الثانية بتلاوة آية الكرسي وأقيمت الصلاة بعدها. اصطف المصلون لأداء ركعتي الجمعة، وإذا بالإمام يتلو آية الكرسي في الركعة الأولى، ولدى سجودهم تنامى إلى مسامعهم صوت أقدام ظنوا للوهلة الأولى إنها لأطفال لكن مع اقترابها تبين أنها لشخص بالغ كونها “ثقيلة”.

“الله أكبر” قالها الإمام في إشارة للصعود من الركوع والوقوف استعدادا للسجود “الركعة الثانية والأخيرة” حيث اقتربت أصوات الأقدام أكثر فأكثر حتى سمع المصلون صوت صراخ صادر من الميكروفون فامتد لمكبرات الصوت التي قطعت خشوع الجميع لاكتشاف ما يدور.

“الشيخ اتقتل.. إمسكوه”.. قالها أحد المصلين لدى اقترابه من إمام المسجد الذي سالت منه الدماء على سجادة الصلاة وفي ظهره سكين خرجت من القلب، حيث أسرع المصلون لمنع أحد المغادرين للمسجد فكانت المفاجأة أنه نفس الشخص الذي تبادل الحديث مع الخطيب قبل الصلاة.

شل المصلون حركة الشخص، وقيدوه بالحبال وطرحوه أرضًا بينما كان يردد “أنا خليفة الله.. ربنا موكلني أكون الإمام بدل منه.. ده إبليس بنفسه”، وأمسكوا بسكين ثانية بحيازته، وأسرع آخرون بنقل الإمام الشاب إلى مستشفى الهرم لكنه فارق الحياة قبل وصوله ليؤكد مصدر طبي بالمستشفى: “الجاني ضربه طعنتين وساب السكينة في ضهره.. لحد دلوقتي مطلعتش”.

دقائق معدودة تبدلت فيها الأجواء داخل الشارع الضيق الذي لا يتعدى عرضه الثلاثة أمتار، تجمع الأهالي من كل حدب وصوب بعد انتشار الخبر المفزع: “الشيخ اتقتل وهو ساجد ومسكوا القاتل” وأبلغوا شرطة النجدة التي أخطرت قسم شرطة الهرم.

مع وصول رجال المباحث بدأت الحقيقة تتكشف، وتبين أن المتهم يدعى “أحمد.م.م” 41 سنة، مدرس بجامعة المنيا منقطع عن العمل، منفصل عن زوجته، ولديه 3 أطفال “ولدين – بنت”، وأنه يعاني انفصاما في الشخصية إثر أزمة نفسية ألمت به مؤخرا لكنه ظل يردد بعض العبارات الهزلية منها: “أنا خير أجناد الأرض وهصلي بيكم” قبل اصطحابه إلى ديوان القسم للتحقيق.

رحلت الشرطة عقب انتهاء المعاينة من قبل النيابة العامة والأدلة الجنائية، لكن صدمة ممزوجة بحزن سكنت القلوب، الجميع يبحث عن تفسير لما دار داخل المسجد يستنكر أحد الأهالي الواقعة: “ايه الجبروت ده قتلوا في بيت ربنا وهو ساجد” يلتقط منه المؤذن “إسلام هاني” طرف الحديث ليؤكد أن المتهم قليل الحديث مع جيرانه، وأنه يقيم في شقة بالطابق الرابع بعقار سكني قريب من المسجد، لافتًا إلى أنه لم يكن مواظبًا على الصلوات الخمس في المسجد.

“الشاب الطيب اللي بيعلم الناس دينهم اتقتل”.. بهذه الجملة أبدى صاحب محل اندهاشه مما تلقاه لدى وصوله المنطقة، بينما ترحم الأهالي على إمام المسجد الذي كان ينتظر تخرجه في كليته الأزهرية لكن القدر كتب المشهد الأخير في حياته ساجدًا بين يدي المولى عز وجل كما كان يوصي المصلون قبل بدء الصلاة: “أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد” تاركا سيرة عطرة يتناقلها الجميع.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى