ط
الرسم والتصوير

حصان الخشب قصة قصيرة بقلم حسيبة طاهر – كندا –

حسيبة طاهر

غرفة الطفل بسيطة فارغة إلا من سرير معدني باهت اللون و أفرشة رثة و حصان خشبي مُلأ خدوشا و جروحا … قالت لزوجها مسكين هو طفلي لا يمتلك إلا هذه اللعبة الوحيدة النتنة التي وجدتها مرمية أمام بيت أحدهم ملّ بشاعة منظرها المقرف فرماها……سمع الحصان كلامها فانقبضت نفسه و ضاق صدره ، وتذكر حين جِيءَ به من دكان لعب راق ، و كيف كانوا يحتفون به بداية ، و يلمعونه بمحلول خاص بالخشب و إن غيروا مكانه حملوه برفق ……ثم مرت الأيام به و السنين ،فبدأ بريقه يقل و جماله يبهت فأصبحوا يتركونه في الحديقة تتهاطل عليه أمطار الشتاء و تدفنه الثلوج ،و تحرقه شمس الصيف، و تلهو به يد الخريف , إلى أن قرروا رميه في القمامة و لم يمنحوه حتى فرصة توديع أصدقائه اللعب و الطفل صاحبه .

ظل مرميا تلفه القادورات و الخردوات ، إلا أن مرّ هذا الرجل فحمله لبيته ، نضفوه و منحوه للطفل، كان الطفل سعيدا به يركبه يتمرجح بلطف يداعبه …… لكن رغم معاملة الطفل الحسنة له ، إلا أنه كان تعيسا فهذا البيت خال من اللعب إلا منه ، و قد ملّ الوحدة ، كما أن الغرفة باهتة لا صور لا ألوان…..
ذات يوم سمع الرجل يقول لزوجته : لقد قبلت في الوظفة الجديدة و المرتب جيد و الحمد لله .
قالت : أول شيء نزين غرفة الطفل و نغير أثاثها، ونشتري له لعبا كثيرة .
حاضر حبيبتي أدكيد – قال –
فرح الحصان و انشرح صدره أخيرا سيعيش في غرفة جميلة و ملونة و سيكون له أصدقاء أيضا .
أصبحت الغرفة ملونة علقت عليها صور جميلة و غُيِّر السرير بسرير جميل فرش بأفرشة ملونة ، امتلأت الغرفة بلعب جديدة فيل ,سلحفاة ,زرافة ,غزالة ………..كان حصان الخشب سعيدا جدا ، أكيد يسيصادق الفيل و ستكون له أخيرا حبيبة ……. آ يختار الزرافة أم الغزالة ؟؟؟ أمممم….. ،الغزالة أجمل لكن لا يهم جمال الشكل فجمال الروح أحسن و أبقى و الأهم من كل ذلك الحب … فإن أحبته الغزالة كان بها , و إن أحبته الزرافة سيقبل ، غفت عينه فرأى نفسه في أحضان الغزالة يشبعها قبلا و تشبعه همسا، إستيقظ فزعا على ييد تشده بعنف قائلة هذه اللعبة القدرة لم يعد لها مكان هنا , و فتحت الموقد و رمته تلتهمهالنيران وسط الحطب.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى