تركتُ الأهلَ والأولادَ والأحبابَ والجيرانْ
ذهبتُ وبين أجنحتي بقايا قلبيَ الحيرانْ
غريبًا في بلادِ اللهِ لا صَحْبٌ ولا خِلانْ
تصارعُني همومُ العيشِ في بحرٍ بلا شطآنْ
تُمزقُني وتُلقيني على عتباتِ كلِّ جبانْ
يراني دونَه عبدًا ذليلاً جائعًا عطشانْ
فيرمي فضلَه منًّا عليَّ ويلتوي غضبانْ
فيقتلني بنظرتِه ويسحقُني بكلِّ مكانْ
ولو أنِّي وجدتُ العيشَ في وطني كما الأوطانْ
لما ذقتُ الأسَى مرًّا وما ذقتُ الأسَى ألوانْ
لقبلتُ الحصَى حبًّا وقدمتُ الهنا قربانْ
وألفيتَ الرِّضا عندي على وجهي كما العُنوان
أيا وطني ومنكَ أعيشُ محرومًا ومنكَ أهانْ
مضى عمري بعيدًا عنكَ والأشواقُ كالنيرانْ
وأولادي يصارِعُهم فِراقٌ ما له رُجعانْ
وأصحابي وأحبابي غَدَوا في قبضةِ النّسيانْ
رفيقةُ عمريَ المنثورِ تشكو البُعدَ والحرمانْ
ورغم جفاكَ يا وطني فإنّي العاشقُ الولهانْ
أحنُّ إليكَ مشغوفًا كماءِ الغيثِ للبستانْْ
أحنُّ لنظرةٍ تحيي مواتي في دجَى الأحزانْ
أحبكَ يا عصيَّ القلبِ مهما كان من عصيانْ
فلو أنِّي رجعتُ إليكَ بعد الموتِ بالجُثمانْ
فلا تبخلْ على جسدي وجُدْ بالقبرِ والأكفانْ
طه متولي العواجي
