ط
مسابقة القصة القصيرة

حلم فى المصحة.مسابقة القصة القصيرة بقلم/ حنان مداس .الجزائر


مُسابقة همسة

الفَرع:القصَة القصيرة
الاسم:حنان مداس
البلد:الجزائر
البريد :[email protected]
العُنوان: حُلمٌ فِي المَصحَة
مرّتْ أربعة أشهُر عَلى مُغادرتِي المَصحَة ،العَالَم قبيحٌ جداً خارِج جُدران غُرفَتِي ذاتْ الرَقم 17 ،الوجوه تُشع نفاقا ًگانَ الجَميعْ يُنادوننِي بِـ “المُختلَة عقلياً”، سئمتُ مُعاملتَهم الزَائِفة لِي،ينتابُنِي شعورٌ بِـ الإهانَة کلماَ ذهبتُ مَع أمّي لِـ مكانٍ عام،الجِميعْ ينظِرون لِي بِـ ذهول وَ گـ أنِّي گائن فضائي غريبّ، أصبحتُ منبُوذة فِي مُجتمعِي سئمتُ هذاَ الصنف من الأشخاص،
حتَّى أمِّي ،گثيراً ماگانت تُنادينِي بِـ “المَجنونَة”!ْ
حقيقَةً تَعَفَنت مِن قُبحِ هَذا العَالَم، بلغتُ مِن الخيبات و الصَدماتِ أقصَاها، ما عُدتُ أَعرِفُني!
الأمرُ مؤلِم جداً،أن ُاقهقِه بِـ صوتٍ عالٍ بِـ ضحكةُ مُزيفة أعلِن بِها للعَالم انّي بِـ خير، و بِـ صمتٍ قاتِل ، أجلسُ وحيدة أتشَرد فِي زاوِية غُرفتِي المُظلمة أحتضنُ العُزلَة وَ أتوهُ طويلاًْ…أحدّق عميقاً فِي السقف! لاشيء غير الفراغ،
هُنا كُل مَا حَولِي يؤول إلى البؤس!
كُل الأصواتْ تتزاحَم عَلى مسامِعي صارِخة بـ أنَّ لاَ مكان لي هُنا…
گم أشتاقُ لِـ عَالمِي النَّقي حيثُ لاَ نفاق و لا خُبث ، أشتاق لِـ غرفَتِي “17” ،َ لِـ الجَمال الداخلِي ، لِـ أصدقائي!
لِـ صراخ الأنسَة “سَمر”،
أحتاجُ لِـ حُقنَة مُهدِئَة،لِـ جرعَةٍ مُتزايدَة تمنحنِي ساعات لاوعيٍ لحظيَِة،
ثُم أسارِع لِـ أنشرَُ أشلائِي فوقَ كفَنِي الدافئ أدفِن وجهِي الشاحب فِي الوِسادَة،و أغوصُ فِي اللامُتناهِي! …
استيقظتُ صباحَ اليَوم المُوالي و كُلِي رغبَةٌ فِي الإختفاء و وضعَ حدٍّ لِـ هَذه المَهزلة ،غادرتُ المنزِلَ أجرّ خيباتِي خلفِي،جميعْ مَن قابلتُهم گانوا يضعونَ أقنعَة تُغطي وُجوههم،شعرتُ بِـ الذعر أردتُ العودَة لكنِّي تذكرتُ نظراتهِم المُقززة لِي، تابعتُ السيرَ لِـ وحدي، توجهتُ نحو محطة القِطار ، حجزتُ مقعداً فِي أول قطارٍ يغادر و لاَ أعلمُ وِجهتِي بالضبط!
كُل ماَ أردتُه الإبتعادَ عَن هذاَ الصخَب،جلستُ أتأملُ المارَة مِن نافِذة القطارَ حتّى سمعتُ أحدُهم يصرُخ بِـ وجه امرأَة ،”خُذي ابنتَكِ ،و اذهَبي من هُنا، لَم أدفَع مالِي لِـ أجلِس مَع هكذاَ أناس” ،گان الجَميع يَنظُر إليهاَ بِـ غباء وَ بِـ دورِي لَم أفهَم شيئاً ،حتَّى انتبهتُ لِـ فتاة تُحاول أن تُخفي وجههاَ الغَريب خلفها،تحملٌ بيدهاَ دباً محشوا و بِـ اليدْ الأخرَى تتشبثُ بِـ قَدمَ والدَتها،
كانتاَ تَمران بِـ هُدوء وَ الجَميع يزفرونَ نظرات استغراب و تقزز وَ خوف من تلكَ الصغيرة..و همهماتهُم لَم تتوقفْ عندَ هذا الحدّ فقط..
وقفت تبحَث عَن مكانٍ تجلس فيه،رغمَ أنَّ مُعظم الأَماكِن گانت فارغَة لكن و لِـ غرابَة وجهِ ابنتهاَ لَم يرغب بِها أحد على القطار!
لَم أتردد وَ دعوتُها لِـ تجلِس بقربي:
-هَذا المگان فارغ،تفضلِي..
-شكراً جزيلاً لكِ يا ابنتِي!
أتت بِـ هُدوء وَ جَلستْ وَ وضعَت ابنتهاَ فِي (حجرها)،گانت تشعُر بِـ الإحراج و تلتفتُ يميناً و شمالاً فِي مُحاولةٍ يائسة لِـ إبعاد نظراتهم الحقيرَة عَن صغيرتها
شعرتُ بِـ توترها فَـ حاولتُ تهدئتها و أعطيتها قليلاً من العصير الذي گان بيدي لهاَ و لِـ الصغيرة،،شعرتُ بِـ غرابَة وجههاَ حينَ نظرت إلي، گانت تُعاني ندوبات جِلدية گثيرة ،بِـلا فكْ سُفلي و تشوه على مستوَى أذنيها، لَكنها گانت تملكَُ عينان لوزيتان،سُبحانَ خالقهما!
نظرتُ إلى براءتها و هِي تلعبُ بِـ دُبّها،و قلتُ فِي نفسِي؛:
” !أعتذر منكِ يا عزيزتي فَـ أنتِ أكبر من أن تراكِ عيونٌ صغيرةِ وَ أعلى مِن أن تحْتضك عقولٌ اعتادتَ الإنشغال بِـ التَفاصيل التافهَة ،وَ أنقَى من أن تحتويك قلوبٌ ملوثة، ليسَ ذنبكِ أنكِ تحملينَ عَلى عاتِقك خطيئَة العالَم التِّي لا تُغتفر!
أعتذر فَـ هذه الأرواح تجرّدت مِن انسانيتها”
 
كنتُ أراقبها بِـ صمت،حاولتُ أن أكونَ طبيعية على قدر الإمكان َ، انتَبهتْ الصغِيرة لِـ نظرَاتِي ،ثُم قالت لِي بِـ همسٍ خافت :
-“أترغبينَ بِـ اللعِب مَعِي”!
-طبعاً صغيرتِي ،سَـ ألعبُ معكِ بِـ شرَط ،فقط إن أخبرتنِي عَن اسمك!
-حسناً، اسمِي “ليلياَن”،ماذا عنكِ!
-اسمكِ جميل يا ليليان وَ اناَ اسمِي “حنِين”!
ابتسمتْ و عيناهاَ تُشعانِ براءة و نقاء، شعرتُ بِـ سعادَتها و أنا أُلاعِبها،
لاَ أكذب إن قلت أنّ سعادتِي فاقَت سعادَتها بِـ گثير،َ گـ فرحَة الأطفال عِند شِرائهم ثياب العيد..
تحدثتُ مطولاً لِـ والدَة (ليلياَن)، وَ أخبرتنِي أنّ ابنتهاَ تعَرضت لِـ حادثٍ تسببَ فِي تَشوه وجههاَ، -“خضعتْ لِيليان لِـ 7عملياتْ تجميليَة وبعد جهدٍ جهيد ظَهرَ هذاَ الوَجه، لَم يتقبَل والدهاَ الأمر فَـ هجرنا ،أماَ أنا فَـ لم أستطعْ التخلِّي عنها ،صبرت و احتسبت، لكن أشدّ ماَ آلمنِي هُو مُواجهة حماقات البشر!
نظراتُهم، شفقتهم، تقززهم، و استهزاءهم فِي أغلب الأوقات!
لكِ أن تتخيلِي إحداهن تقولُ لِـ زميلتها “المسكينَة،انظري گيف يبدو وجهها گـ الگائنات الفضائية”،ليس هذا فقط، رفضتْ دور الحضانَة انضمامها و قبولها بِـ حُجَة أنها تُخيف الأطفال…
لكنِّي لا أكترِث لتفاهاتهم أبدا،ابنتِي مُختلفة وليسَت مشوهَة،هُناك فرق..
أؤمن أنها سَـ تكبر و تكون يوماً ما تريد وسَـ أفخر بها حتماً ، يكفينِي مِن الدُنيا ضحكَة ليليان لِـ أگافح فِي معرگة الحياة “
استغربتُ مِن قوتها و شعرتُ بِـ الخجلْ الشديد أثناءَ حديثها التزمتُ الصمتَ ،لِـ تكسِره صغيرتِي (ليليان) قائلَةً:
“لَقد أخذَ اللهُ وجهِي فِي الدُنيا لِـ يمنحنِي وجهَ سندريلا فِي الآخرة، هذاَ ما أخبرتني بهِ أمِّي…
شعورٌ غريبٌ ذلكَ الذي انتابنِي،َ استيقَظتُ و صُورَةٌ ضبابيَة تمرّ بِـ خاطري.. ماذاَ حدث ! أينَ (ليليان)
تأملتُ الغرفةَ جيداً،گانت أول مرةٍ أرى بشاعَةَ لونِهاَ الباهِت،أخذتُ أمررٌ ناظرِي و أدقق فِي أغراضِي المُلقاة عَلى الأرض،أبحثُ عنْها، أبحثُ عنِّي، عَن هُويتِي، عَن انتمائي!
لاشيء ،فقطْ شريط ذكرياتٍ مُخزَنة مُنتصفه مَثقوب!
 
سمعتُ صراخَ الآنسة “سَمر”، أدركتُ حينهاَ أنِّي لَم أغادِر المَصّحَة وأنهاَ کانتَ مُجرد حُلمً ،و ماَ أجمله مِن حُلم!
 
گلماتُ فتاٍة صَغيرة أمطرتنِي سعادةً و فرحاً..
ابتسامتُها رُغمَ الألَم گانت سبباً گافياً لِـ إعادتي لِـ الحَياة،
أزاحَت بِـ براءتِها غُيومَ الحُزن عَن سمائي و مَنحتني مخزوناً إضافياً من الأمل..
جاءت (ليلياَن) بِـ گامل تشوهها لِـ تُكفِر عَن قُبح العَالَم!.
 
ثُم فِي رِحلَةٍ مَجهولَة..فِي حُلُمِي

وجدتُنِي أنا!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى