ط
الشعر والأدب

شرفة تايكى .قصية قصيرة للأديب/ على السباعى .العراق

شابٌ عراقي ٌ أسمر .. نحيل ٌ.. من مواليد برج ِ الجوزاء .. مثل َ كلكامش عنيد ٍ ، قد يصلُ به الأمرُ إلى محاربة ِ طواحين َ الهواء ، يعمل ُ بائع َصُحُفٍ في تقاطع ِ(الكاردنز)**،كانَ ينظرُ من مكان ِ عملهِ ناحية شُرفةٍ ضمن الطابق ِ الأول ِ لعمارة ٍ بيضاء تنتصبُ بأربعةِ طوابق ٍ،تُطلُ عليه ِ صباح َ كلً يوم ٍ من شُرفِتها .. فتاة ُتتخايلُ بسحر ِ جمالها الذي يخطف ُ الأبصار..تايكي !*

لم يجد اسما ً غيره ُ.. تبدو كحوريةِ البحر ِ وهيَ تضعُ على شفتيها المكتنزتين أحمرَ شفاهٍ جريئا ًدافئاَ 0ً ينطلق ُ في الجو ِ مع إطلالتها عبق ٌ السيمفونية ِالخامسة ِ لبتهوفن.. تتعالى مغردة ً تصور ُ صراع َ الإنسان ِ مع القدر ِ، ثم توافقه ُ مع القدر ِ ، ثم أخوة َ الإنسان للإنسان ..السماء تحلق فيها طيورٌ بيضاء وتحطً ُ على شُرفاتِ المنازل ِ المجاورة ..كان تقاطع الكاردنز حيا ً ونابضا ً بالوجوه ِ، وجوه ِ نساء ٍ ووجوه ِ رجال ٍ.
***

ولدت في فضاءآت ِ الحب ِكلماتٌ تخرج ُ من محراب ِ الروح ِأشواق ٌ لا توصل ُ بينهما إلا همسا َ.
***
ذاتَ صباح ٍ مشرق ٍ مثلَ لون بشرتها الندية ِ أومأت لكلكامش بالصعود ِ إليها أشتعلَ رأسهُ بالأفكار ِ :
– كيف سيكون اللقاء ؟ كيف َ..؟ وكيف ..؟ وكيف؟

طرق َ  باب َ شقًتها ، فتحَ له الباب َ رجل ٌمتوسط ُ العمر بزي َ الخدم ِ ، قالَ لهُ بلهجة ٍ مصريةٍ محببة ٍ:
– السيدة ُالصغيرة بانتظارك َفي شرفتها.
أسرى إلى ملكوت ِ تايكي وبيدهِ صحفه فوجدها مغمورة ً بكل ًما هو مترف ٌ وخلاب ٌ .. ترتدي ثوبا ً عربيا ًتقليديا ً يزيدها أنوثة ً وغنجا ً.. وقف أمامها مبتسما ً ابتسامة ً ذائبة ً من الارتباك..
فصار كلكامش مثلَ قطرةِ ماء ٍ لا لون َ ولا طعم َ له ُ.
إذ طغى على صوتِ السيمفونية الخامسة ِ صوت ُ طائر َ الغاق ِ

وهو يشق ُ الفضاء َ بصراخهِ دُهشَ بأميرتهِ تنتظره جالسة ًفي كرسي ً للمعاقين.
ــــــــــــــــــ
*تايكي:ربة عمون،وهي حارسة لمدينة عمان

**الكاردنز: منطقة في العاصمة الأردنية عمان

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى