ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة .حين رحل البحر .مسابقة القصة القصيرة بقلم / سارة محمود أحمد .مصر

 الإسم :سارة محمود أحمد
الشهرة :سارة عوض
جمهورية مصر العربية
واتس 01090066635
فئة :القصة القصيرة
قصة بعنوان :حين رحل البحر
اليوم وبعد خمس سنوات قابلته ، ووجدت قلبى يقتله الحنين إليه وشوقه وإفتقاده .
بعد خمس سنوات شحب وجهى وعمري وتقدمت فى السن رغم حداثة سنّي غزى الشيب بعض خصلات شعري ، لا طالما أخبرتني أمي أن الشيب لا يتعلق بالعمر بل بأشياءنا المدفونة فى أعماقنا ، وهو مازال شابا قلبا وقالبا مازال وجهه مبتسما راضيا بما آلت إليه أموره و كسبت يداه.
نظر هو لكلتا يداي فوجدهما فارغتين ، ونظرت ليده فوجدت خاتمه قد شدّ على إصبعه بعدما ضاق عليه حتما هو لا يخلعه ولن يخلعه .
حين ذهب لم يستطع قلبي تجاوزه ورغم ذهابه لم أعلم يوما طريقا للحب بعده أصبح الجميع لدي لا يستطيعون أن يملأوا شبرا من ذلك الفراغ الذى تركه بحياتى ومضى ، لكنه لا يحمل لى شيئا سوى ذكرى من الماضى لكنى لا أمثل له أحدا .
ثم لمحت عيناي زوجته من بعيد بينما ينتظرها ، ضحكها وجهها حتما لو كنت رجلا لوقعت بحبها ، جميلة بحق قوامها ممشوق ضحكتها تعكس سعادتها ، فعلمت أنني لست جميلة كما أدعى البعض هناك أشكالا أخري ومقاييس أخرى للجمال لست أملك إحداها
لست قوية ولا عندى مثقال ذرة من ثقتها ولا شيء من كبريائها
حين رأيته بعد خمس سنوات علمت أنه وجد ما يريده بحق ، ما يحبه بحق وتيقنت أننى خسرت الشيء الوحيد الذى أردته ، والوحيد الذى أحببته ، لم يعش قلبى يوما دون صراع ولكنى تشبثت به ولكنه لم يكن ليأخذ بيدي فكان صراع قلبى للتخلص منه هو صراعي الأكبر فى هذه الدنيا
أقر حينا بخطئي حين أحببته وأن ذهابه حين وقع بحبها كان أكبر كسراتي وأذكر يومها حين خرج أوجع أنين لى ، حين شعرت بالوجع كأننى لم أتألم مرة فى حياتى أقر وأعترف أننى حينما رأيته بعد خمس سنوات أظنني مازالت أحبه ورغم عدم تجرؤ أحد منا على فتح باب الحديث تنهدت بعمق ونظرت إليها مطولا ثم وجهت إليه نظرى لأخبره كم هى جميلة زوجته !!
_جميلة مراتك على فكرة
فرد بروح الدعابة الذى لم يتخلى عنه يوما …..
_إسمها فريدة على فكرة مش جميلة …
ولم أستطع الإبتسام ، فشعر بالخجل وشعر للحظة أنه أمام كيان آخر غير الذى يعرفه ، يعرفه جيدا من أعماقِه وأستطعت أن أرى فى عينيه شفقة على حالى ثم رأى من الفطنة أن يغير الموضوع فسألنى سؤالا أمقته …
_متجوزتيش ليه لدلوقتى ؟؟!
سكت لبرهة ، وكأنه لا يعلم السبب ، كنت أرتب كلمات كثيرة بعقلي ولكنى لم أنطق حضرت الكلمات مرة تلو الأخرى تلو الأخرى وفى النهاية صمت حتى ترقرقت عيناي بدمع مدفون فى قلبى أصبحت تتلألأ عيناي بدمعهما لكنها لا تدمع وهو مازال منتظرا ، وبعيدا عن كل ما كان يجول بعقلى لأرد به علي سؤاله وجدت لسانى ينفلق بكلام آخر …
_هو أنت بتعرف تنام عادى ؟؟!
اندهش من سؤالى ، لم يفهمه فطلب منى أن أعيد عليه السؤال
_لما بتيجى تحط راسك على المخدة بتعرف تنام ؟؟!
_آه عادى
_عارف ليه لسه ماتجوزتش .
_ليه؟؟!
_اليوم اللى مش هتعرف تنام فيه عادى ، هتعرف السبب
لم أقصد أن يكون كلامى له ألغازا ، لكنه لم يعترف يوما أنه فطر قلبِي…
وأننى أدعو عليه كلما خلدت للنوم بعد جلسة البكاء بمفردى ، وكلما جلست وحيدة فى غرفتى وضيقى ، حتى أجر نفسى لصلاة الفجر حاضرة ، واجلس أدعو على سجادة الصلاة أن تزول ذكراه من قلبي ومن عقلي ، وأظن بجهل منى أننى سأقوم فى اليوم التالي أتناساه ، فأجد أسمه يتردد أمامى ، يصبح أسم سائق السيارة على اسمه ، وفجأة يصبح الشاب الذى يجلس لجوارى على إسمه وأخبار العالم كلها بإسمه حتى لافتات المحال أصبحت على أسمه ، حتى أدخل لمكان عملى فأجد زميلنا الجديد على إسمه والمدير الجديد يحمل نفس إسمه وخطيب صديقتى كذلك وصديقتى الأخرى قد أنجبت وأسمت مولودها على إسمه …..
وفجأة أشعر بأن العالم جميعه أصبح يعاندنى ، فأشعر بالإختناق وأشعر أنني حين أهرب منه لا أهرب سوى من نفسى وهكذا مرت سنواتي وأيامي
فى النهاية قررت الإنسحاب من هذا الحديث ، شعرت أن ذلك الرجل لم يكن نفسه الذى أحببته وتنفست الصعداء نفس زفر من داخلى السوء ، ليس السوء بحياتى بعده ، ولكن سوء ذلك اللقاء الذى يعقب الفراق ، فى النهاية جاء اللقاء على غفلة كما جاء الفراق غفلة ، غفلة قلبي ….
رحيله عنى كان كرحيل البحر عن شاطئه ، كلأسكندرية بلا بحرها وكنت الأسكندرية وكان بحرى ، كرحيل الماء وإنحساره ، خلّف وراءه أشياءا لا تُمحى ذهب البحر وبقى الشاطئ ينتظره وينتظر وينتظر وهو يعلم أن البحر قد وجد مكانه ومأواه ولن يعود أبدا ، لكنه ينتظر رغم ذلك ، تُرى هل حين يرحل البحر أيمكن للشاطئ أن يستبدله بآخر ؟؟!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى