ط
الشعر والأدب

قصيدة (أَوَّاهُ “ماميلا”) للشاعر / د. أحمد الريماوى .فلسطين

أَوَّاهُ “ماميلا”

“إلى أرواح الشهداء والصحابة والعلماء والفقهاء والنجباء والأعلام، التي تضيء رحاب مقبرة مأمن الله” في القدس، والتي تعرضت للتجريف وللتدنيس والتهويد الممنهج من قبل الاحتلال، مرة بحجة حديقة عامة، ومرة بحجة متحف!!.

شعر:د. أحمد الريماوي

الدمام: 25/ 10/ 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أَوَّاهُ “ماميلا”

(1)

سَحَراً بِلا هَمْسٍ..

بِلا جَرْسِ

يَمَّمْتُ قَلْباً مُدْنَفاً لِمَساجِدِ القُدْسِ

لِمَعابِدِ القُدْسِ

يَمَّمْتُهُ لِشَواهِدِ القُدْسِ

عَمَّدْتُهُ بأَوابِدِ القُدْسِ

أَمْطَرْتُ وَجْداً ساحَ في الساحاتِ

في الطُّرُقاتِ

هَجَّيْتُ المَكانَ مُضَرَّجاً بالذِّكْرياتِ

بِلَوْعَةِ النَّفْسِ

بِغَزارَةِ الحدْسِ

آنَسْتُ في أَرْجائِها نَسَباً..

يَفوحُ بِعاطِرِ الأُسِّ

بِنَداوَةِ الأَوْسِ

أَمْشي الهُوَيْنى والِهاً..أَتَصَفَّحُ القَسَماتِ

والنَّظَراتِ

والحَرَكاتْ

أَرْنو لِصَوْتٍ أَخْضَرِ النَّبَراتْ

يَشْدوهُ شَيْخٌ في رَبيعِ الفِكْرِ

يَسْتَلْقي على جَمْرِ الحَياةِ

يُوَزِّعُ الشَّذَراتِ

والبَسَماتِ

والهَمَساتِ

يَحْضُنُ زَهْرَةً تَلْهو بِأَهْدابِ الشِّماغِ

يَحارُ طَيْرُ البَيْنِ..

يَعْلِكُهُ الفَراغْ

شِبْلٌ تَحَرَّشَ بالدِّمايَةِ .. بالعَباءَةِ

فَزَّ مَحْبوراً، وراغْ

أَغْمَضْتُ عَيْني

شارِدَ السِّرِّ

أَبْصَرْتُ عُرْفاً وارِفَ الخَيْرِ

أَغْصانُهُ تُغْري

أَمُدُّ يَدي لأَقْطُفَ من بريق الأُنْسِ

ما يَسْري..

في دارَةَ الأَمْسِ

***

(2)

يَمَّمْتُ (مامِلاّ) …

لأَتْلو سورَةَ الرَّحْمنِ

أَتْلو سورةَ الإنسانِ

أَتْلو سورةَ الفُرْقانِ

أَزْرَعُ شَتْلَتَيْنِ من الدُّعاءِ

أَذودُ عَنْ وَرْدِ الرَّجاءِ

هِيَ القُبورُ هُنا رِياضُ الجَنَّةِ

الشُّهَداءُ

والعُلَماءُ

مِلْحُ أَديمِها الآسي

هنا النُّجَباءُ والفُقَهاءُ

سادَةُ سادَةِ الناسِ

هَنيئاً تاجَها الماسي

***

(3)

أَوّاهُ بابيلا

أتيتُكِ والنَّصارَى ..

في يدِ الباغي أَسارَى

شَدَّهُم “بابُ الخليلِ” إليكِ

يهدوكِ التَّحايا، والنَّوايا الصادِقَةْ

مِنْ “دَرْبِ آلام المَسيحِ”

أَتيتُ أَلْتَحِفُ السَّجايا البارِقَةْ

زادَ الحَنايا الواثِقَةْ

شاهَدْتُ هيلانا تُجَدِّدُ “ماءَ مِلاّ”

آهِ مِلاَّ

لستُ إِلاَّ..

عاشِقاً حُرًّا تَحَلَّى..

بالمَزايا الشاهِقَةْ

آهِ مِلاَّ

لستُ إِلاَّ..

شاعِراً نَسْراً تَجَلَّى..

بالطَّوايا الخارِقَةْ

آهِ مِلاَّ

لستُ إلاَّ..

حالِماً سَمْحاً تَمَلَّى..

بالوَصايا الذّائِقَةْ

***

(4)

حُيِّيتِ ماميلا

كُنوزُكِ تُبْهِرُ الآفاقَ.. والأعْماقَ آثاراً

تَضُمُّ مَواكِباً للحَقِّ

ما هانوا

وما لانوا

على وَقْعِ الجِهادِ بَنَوا قِلاعَ المَجْدِ

ما بانُوا

وما خانُوا

قَضَوا في الدَّرْبِ أَحْراراً

بِلا وَكْسٍ

بِلا نَكْسِ

يُكَلِّلُهُمْ سَناءُ الفَوْزِ

يَعْتِقُهُمْ مِنَ الهَجْسِ

هُنا في البَرْزَخِ انْطَلَقوا

بِلا هَمْزٍ

بِلا لَمْزٍ

بِلا غَمْزِ

يُتَوِّجُهُمْ هَوَى البَجْسِ

يُذيبُ فَوارِقَ الجِنْسِ

***

(5)

أَتَيْتُكِ (مَأْمَنَ اللهِ)

أَبُثُّ مَزاهِرَ الآهِ

أُدَنْدِنُ يَطْرَبُ الحَجَرُ

أُلَحِّنُ يَرْقَصُ الشَّجَرُ

أُغَنِّي يَسْكَرُ الوَتَرُ

يُعَطِّرُ قَلْبيَ الزَّاهي

بِما في الإِثْرِ مِنْ جاهِ

صلاحُ الدِّينِ قد فَكَّرْ

صلاحُ الدِّينِ قد قَدَّر

أَتاكِ أَمأمنَ اللهِ

أتاكِ بِسِرِّهِ الباهي

أَتاكِ بِشَوْقِهِ الضَّاهي

وقد قَرَّرْ..

نَجِيًّا حَلَّ أَهْلاً، حَطَّ سَهْلاً في حِماكِ

مُجَلَّلاً بالتِّرْسِ، بالقَوْسِ

يَلِجُ الزَّمانَ مُحَصَّناً مِنْ حَوْمَةِ البَأْسِ

يُنْجيكِ مِنْ أَمَّارَةِ الرِّجْسِ

***

(6)

زَحَفَ الغُروبُ على القُلوبِ

تَأَهَّبَتْ (زَيْتونَةُ المِلَّةْ)

فَزَّتْ تُوَدِّعُ صَفْوَةَ الخِلَّةْ

هَجَمَتْ عليها فُجْأَةً جَرَّافَةُ الخَسْفِ

مالتْ عليها شارةُ الحَتْفِ

نَهَرْتُ، صَرَخْتُ: أَنْتِ بِـ(بيتِ ميلَ)

بِقَلْبِ (ماميلو) العليلِ

تَأَفَّفَت، قالت: سَأَبْني مُتْحَفاً

قُرْبَ الحديقةْ!!

قُلْتُ: لا.. وأَلْفَ لا

بل قاتِل الحَقيقَةْ

قد اعتَلَى جماجِمَ المُعَذَّبينْ

قالت بكُلِّ ِخِفَّةٍ:.. ما شَأْنُنا بالمَيّتينَ!!

ما شأْنُنا بالمُبْعَدين!!

ما شأْنُنا بعالَمِ المُهَجَّرينْ

ما شَأْنُنا.. ما شأْنُنا.. ما شأْنُنا

أَجَبْتُها: سَتَنْدَمينْ

وأَنْتِ تُنْهِكينْ..

أَملاكَ بعضِ الغائِبينَ!!

قالت بكل عَنْجَهِيَّةٍ: هي مُلْكُنا

زَمْجَرْتُ، قُلْتُ: لا… وألفَ لا

إِنِّي لَها..

تأَلَّقَت في بُرْجِها شَمْسي

سَما في حُبِّها طَوْسي

دَنا… فَتَزَيَّنَتْ قُدْسي

أَتَى قَدْ هَمَّ بالغَرْسِ

ألا… فَتَرَقَّبي عُرْسي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى