ط
الشعر والأدب

قصيدة بطن يخلو من الكراكيب للشاعر الكبير / فتحي عبد السميع

فتحى عبد السميع

رسالة من قنا / محمدعبدالله صالح

بطن يخلو من الكراكيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{إلى بَرَّايةٍ وقلمِ رصاصٍ أعرفهُمَا جيدا}

بَرَّايةٌ تدورُ على إصبعٍ
صرخةٌ مملوءةٌ بالزغاريد
دَمٌ يَسيلُ ولا يَضيعُ.

قامَتي مُنْتَصِبَةٌ
حتَّى وأنا نائِمٌ
رقيقٌ ولا أُصاحِبُ إلا الأنامِلَ
كُلَّمَا اتَّسَختْ بي وَرَقةٌ
كَبِرَتْ في أَعينِ الناس.
أنا الوَسَخُ العظيم
أَمُدُّ ذِرَاعيَّ عاليًا
كأيِّ إنسانٍ
يَصِلُ إلى قِمَّةِ الجَبَل.

في البَرَّايةِ يرتاحُ القلمُ
في القلمِ ترتاحُ البَرَّاية
يموتُ ظِلُّنَا
إنْ لم نُجدِّدْ رؤوسَنَا باستمرار
ثَمَّةَ بَلْطَةٌ صغيرةٌ لا بُدَّ مِن احترامِها
لترقُصَ الحياة .

لَسْنَا بَشَرا
لِنَحتفِظَ بأعضائِنَا الميِّتَةِ
حتى نَدخلَ القبرَ
ما يموتُ فِينَا
تَحمِلُه بَلْطَةٌ إلى الهواء
يَصيرُ طائرا ويرفْرِفُ
يَظَلُّ عَطِرا إنْ لم تُصِبْهُ نفاياتُ البَشَر.
رَشيقونَ جِدا
وقلوبُنَا لا تَعرِفُ العَطَن
لأنَّ بُطونَنَا تَخلو مِن الكراكيب.

حياتي صعودٌ إلى قِمَّةٍ عاليةٍ
طوالَ الطريقِ
عَرَقٌ يَقطُرُ مِن عِظامي
هَبَاءٌ يَتَطايرُ مِن رُوحِي
تارِكا فوقَ مَسيرتي علاماتٍ خالدة.

في كلِّ خطوةٍ
يَختفي شيءٌ مِنِّي
ما يَسقُطُ مِنِّي يُثْرِيني
ما يَبْقَى مُلتَصِقا بِرُوحي
يَلُمُّ عليَّ الذباب.

حينَ أَصِلُ
لا يَتَبَقَّى مِنِّي
سِوَى عقلةِ إصبعٍ
نواةِ بَلَحَةٍ
لا بُدَّ وأنْ أزهوَ باختفائِها
في كَرْمٍ مَا.

أرنو إلى السَّفْحِ
إلى فَمِ البَرَّايَةِ
وابتسامةِ البَلْطَةِ الصغيرةِ.
إلى رمادٍ خفيفٍ فوقَ طريقي
تَقْشَعِرُّ الأقدامُ حِينَ تَدوسُهُ
يُرْجِفُ الشَّعرُ
ولا يُفهَمُ سِرُّه أبدا.

يَلمَعُ الخلود
هنا في السَّفْحِ ويَختفِي في القِمَّةِ.
وأنا أَبْدَأ
ـ لا حِينَ أَصِلُ ـ
أَمُدُّ ذِرَاعي عاليا
لأُعلِنَ انتصاري على العالَم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{من مجموعة أحد عشر ظلا لحجر)

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى