ط
أخبار متنوعة

كسوف الشمس … قصة قصيرة .بقلم / الشاعر فهد الفقية العذرى

فهد الفقيه

جلست تنظر بعين دامعة لبقايا الدار المنهدم .. وتفرك شعر اخيها الرضيع الملقى على حجرها الصغير … ظلت تطيل النظر للدار التي كانت زاخرة بالحياة ، ولم تستطيع الصغيرة على البقاء فسارت بخطى ثقيلة ، تحمل أخاها على كتفها الضئيل ، ودمعها يقطر بصمت ، ليستقر على خدها الأيسر !!
أبصرت الفتاة داراً كبيراً ، مليئة بالكلاب والقطط ، كانت المعركة محتدمة بينهم ،
وبقايا اللحم متناثرة هنا وهناك …. أقتربت بخوف من الدار العامرة ، فأبصرت رجلاً ضخماً مورد الوجه ، غليظ الأنف والشفتين ، متضخم البطن.. وعلى ذراعيه تعلقت امرأة ممتلئة الساعدين تلتحف بإزاراً شفافاً ، يبين من جسمها أكثر مما يخفي !!
وبإبتسامة مريرة نظرت الطفلة المنهكة نحوهما .. فانطلقت ضحكة مبتذلة سخيفة من المراءة أهتز على إثرها البالون الأدمي اهتزاز مخيفاً، فأرتسم الفزع على محيا الطفل ، ودفن وجهه في صدر أخته خوفاً وهلعاً !
وبصوت مملوء بالألم والكبرياء الفطري، ألقت الصغيرة سؤالها : –
– هل يمكن الحصول على بعض من الطعام والماء لأخي الرضيع؟؟
وبحركة مهينة ، تنم عن ابتذال وضيع أشارت المرأة العارية بأصبعها نحو المعركة الدائرة خارج الدار بين الكلاب والقطط وأزدادت الضحكات المبتذلة دوياً وأزداد البالون الأدمي أنتفاخاً .. فسرت في جسد الصغيرة رعشة الألم والمرارة والهلع . وسارت بعيداً عن الدار العامرة ، تحمل على كتفها إبتسامة مرسومة على شفاة طفل تشرد مبكراً!!
وعلى قارعة الطريق الطويل المدمر ، حملت رحالها وهي تتطلع نحو السماء ، تتابع الدخان الأسود الكثيف الذي يغطي وجهها ، وظلت تطيل النظر علها تبصر وجه الشمس الهارب من الدخان الأسود ودمع حزين ينحدر بإباء صامت من عينيها ، فيبلل ويرطب شفاة طفل رضيع ملقي على حجرها ، فتزداد ابتسامته اتساعاً لتشمل الطريق الطويل المدمر كله !!!….

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى