ط
مسابقة القصة القصيرة

لغة تليق بالطير .مسابقة القصة القصيرة بقلم / فتحى محمود اسماعيل من مصر

مسابقة القصة القصيرة
فتحي محمود إسماعيل – مصر
[email protected]
01112318770
لغة تليق بالطير
اغتسلت جيدا، و ضمخت جسدي بعطر نفيس (استعرته من صديقي الموظف الحكومي) وذهبت لسيدي أتمتم أثناء سيري بما أحفظ من الدعوات، مرّت أزمان لم أزره ولذا ترددت كثيرًا وأنا أقف غير بعيد من صومعته، أحاول ترتيب كلمات الاعتذار عن غيابي، أما مطلبي فكان محفورًا بعقلي .. مكتوبًا على الفراغ الذي يملأ عينيّ بسطور لم تمحها أي من مشاهد الحياة الصاخبة التي مررت بها.
لا أدري كيف اكتشف وجودي، هل لأنه “عارف منكشف عنه الحجاب” أم لأن عطر صديقي كان نفّاذًا؟
فعلا صوته ببحته المحببة إلى أذني:
– أقبل غير ملام، ليس بين المحبين عتاب.
تنحنحت ولاحت على شفتي ابتسامة ارتياح، فقد أُعفيت عناء اعتذار يليق، جلست بين يديه، ركبتاي تلامس ركبتيه، مد يده ووضعها على صدري، كانت رائحة المسك مختلفة هذه المرّة، بهتت بجانبها رائحة العطر النفيس الذي أغدقتُ به عليّ.
شهق .. وغاصت عيناه في عيني ..وتمتم بكلمات لم أتبينها جيّدًا ثم همس :
– أراك عاشقًا .. وروحك تهفو لانطلاق .. أتبحث عن انعتاق.؟
قلت:
– آه ..
وقبل أن يفوه بكلمة .. سارعت بإلقاء مطلبي، الذي طال مسعاي إليه وما وجدتني محتاجًا إلا له، وخفت أن تسلبني نصائحه القدرة على الإفصاح به:
– أي سيدي .. كل مبتغاي أن تعلمني مما عُلِمت الشيء اليسير .. وما أحوجني الآن للغة الطير .. علمنيها أكن لك من الشاكرين.
وكنت أتوقع أن تلوح على محيّاه أمارات دهشة أو استغراب، ولكن شدّ ما فاجأني أنه اتسعت ابتسامته واستلقى للوراء، ووجدتني أقع في لجة ارتباك حين انخرط في نوبة قهقهة خلتها غير منتهية، ثم ردد بينه وبين نفسه:
– أيها المسكين .. و هل اعتقدت أن عالم الطير يخلو من شرور.
ثم أشار لي بيده أن “قم”.
غادرت صومعته وأنا أتعرقل في ارتباكي وخيبتي، ورائحة المسك وقهقهة السيّد لم تفارقانني حتى وأنا أنزل من التبة العالية وأختلط بالزحام.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى