ط
هنا الأردن

للنضال أشكال أخرى بقلم / د. صفاء الحسبان ..الأردن


مكتب الأردن
منال أحمد الحسبان
للنضال اشكالٌ اخرى
وتبقى الام هي رمزاً للنضال في كل العصور بالرغم من تغير الظروف…فامهاتنا عانوا من قساوة الحياة ومرارة الظروف ما عانوه،. وبالرغم من ذاك أنشأوا جيلا طموحا يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه وعائلته ووطنه وعلمه…
واليوم … رغم سهولة أمور الحياة وتوفر الماديات بشكل غزير … الا ان النضال ما زال يتوج حياة الأمهات … نضال بشكل اخر ومختلف… فالآن الام المتعلمة العاملة عليها تجهيز أبناء عصر الديجيتال بكل متطلباتهم صباحا للخروج الى المدرسة فرحين … وعليها تدبير منزل مكتظ بالأثاث والحاجيات اللازمة وغير اللازمة .. وعليها ان تعد الغداء قبل الذهاب الى العمل … ثم هي موظفة مجتهدة تعمل ثماني ساعات متواصلة … لتثبت وجودها ولترتقى بوظيفتها الى اعلى المراتب…ولتنافس زملائها ولا ترضى ان تكون في الصفوف الخلفية أبداً … ثم هي طموحة تحاول ان تزيد من علمها ومقدراتها على الاكتشاف والتواصل العلمي مع زملائها في التخصص .. وتأبى الا ان تكون في المقدمة ..و هي سائق تحت الطلب ٢٤ ساعة عليها توصيل من يحتاج ، وهي مراسل للأبناء ولاصدقائهم لإحضار كل ما يلزمهم لئلا يشعروا بالنقص…ثم هي سيدة مجتمع عليها الظهور دائماً بأفضل مظهر امام العالم … وهي مرشدة اجتماعية في حال حدوث مشاكل من اي نوع بين المعارف..وهي مربية عليها ان تربي أبناءها بطريقة افضل من الآخرين … وعليها ان تجد مبررا لكل المتناقضات حولهم وإجابات لكل الأسئلة، عليها ان تنشئهم بحيث لا يقارنوا انفسهم بغيرهم ويرضون بما قسم الله لهم في زمان كثر فيه النصب والاحتيال والغنى المفاجيء…. ثم هي محاسبة عليها إدارة المصروف من بيت ومدارس ومشتريات … ثم هي زوجه عليها ان تكون جميله ولطيفة ومبتسمة دائماً ….. ثم هي طبيبة نفسية عليها ان تراعي شعور الجميع ولا تجرح احد …ثم هي معلمة في البيت لعدد من الأطفال بإعمار مختلفة تحفر العلم في عقولهم الشارده كالنقش في الحجر…
وأخيرا هي محارب ومجاهد ففي ظل التوتر والقلق الذي نعيشه نتيجة لمستجدات الحياة … أزمة السيارات الخانقة … مشاحنات العمل والموظفين …غلاء الأسعار… المناسبات الاجتماعية…تقلبات الطقس… الأمراض ….الغش…. الخداع .،،الجرائم اليوميه … المشاكل ،…التقلبات السياسية … الربيع العربي…التهديدات الخارجية والداخليه عليها ان تجعل من ابنائها رجالا مسؤولين … عليها ان تتحدى واقع الألعاب الالكترونية والإنترنت والتواصل الافتراضي واحلام الفوز بنادي رياضي او عرب ايدول وتصنع منهم شبابا مثاليين أذكياء كأطفال القرى والبوادي قديما ..
لم تعاني الأمهات سابقا من كل هذه المتناقضات والملهيات … أولادهم درسوا وتفوقوا على ضوء السراج دون ان تتابع معهم درسا درسا وسؤالا سؤالا؟؟؟ منذ عشرات السنين لم تكن الام ترتجف خوفا بمجرد وقوف ابنها بجانب باب البيت بسبب وجود الغرباء والمجرمين ومدمني المخدرات المنتشرين في كل زقاق ؟؟ لم تكن تتصل مئات المرات بالمدرسة اذا تأخر الباص خوفا من ان يخطف تجار الأعضاء البشرية طفلها …لم تكن تعاني من تعب نفسي اثناء تدريس أبنائها… لم تكن تراقب هواتف وتحركات الأبناء لتتأكد من شبكات الأصدقاء
يبدوا ان الامر يزداد صعوبة مع مرور السنين … فمهمة امهات الماضي كانت اسهل من مهمة امهات الحاضر… و قياسا على ذلك مهمة امهات الحاضر ستكون اسهل من مهمة امهات المستقبل …ففي الماضي كانت حياة بسيطة خالية من التعقيدات والسباقات اليومية والقلق والتوتر … نعم تعبوا كثيرا… لكن حصدوا نتيجة تعبهم خير حصاد …. أبناء وبنات متعلمين وخلوقين … أسسوا عائلات وبنوا بيوت من تعبهم وكدهم … أبناء بارين بوالديهم وبكل من حولهم … لقد تعبوا و زرعوا وحصدوا … اما نحن أمهات وآباء هذا الجيل …. فالله اعلم متى سيكون حصادنا ..بعد كل التعب الذي نتعبه وسنتعبه لاحقا .. ماذا سنحصد يا ترى في عصر حليبه منزوع الدسم … ورزقه منزوع البركة … وشتاؤه منزوع المطر … وربيعه منزوع الخضرة … وعلمه منزوع الفائدة …. ماذا سيكون حصادنا … ..في عصر ….. إنسانه منزوع الانسانية…. !!!
بقلم الدكتوره صفاء الحسبان
جامعة آل البيت

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى