ط
مسابقة القصة القصيرة

ليالي سمر مع جارية الجمر.مسابقة القصة القصيرة بقلم / إيمان لعمش من الجزائر

إيمان لعمش/الجزائر/ تواصل عبر الإيميل
قصة قصيرة: ليالي سمر مع جارية الجمر
جميلة كانت، كومضة نور تهدي السبيل من كان في العتمة. في القرب منها دفء يحتضنك إذا استوطن البرد. ويحلو عندها السمر، ويطول بجوارها السهر، غارقا بناظرك فيها وهي تتراقص وتتمايل، لن تغادرها إذا جعت، فطعامك جاهز بين أيديها، ستكمل معها السهر حتى الفجر…
جلستُ إليها أتأمل رقصاتها وهي تردد لحنها الذي دائما ما تنشده، سألتها عن سر هذا اللحن الغريب الغامض، فرفعت صوتها في وجهي ثم خفضته، وكأنها تقول لي: “لا تسأل، لا أنا أريد أن أجيبك، ولا أنت تود سماعها، تلك الإجابة!!”
كانت كلما بدأ صوتها يخبو، وتعيا عن الرقص، أضع في ثغرها لقمة، فيعود نشاطها، ونكمل السهرة.
دامت حالنا هذه عدة ليال، أتركها عند الفجر، ونلتقي عند المغيب. كانت أنيسي حقا، رفقتَها كنت أنسى وحدتي في تلك الليالي الباردة. وذات ليلة باردة جدّا، ما إن اقتربت منها أكثر أطلب الدفء حتى لسعتني من يدي. قالت في حزم: لا تقترب أكثر، الزم الحدود، أمدك بالدفء دون أن تلمسني، ابق بعيدا..
بقيتُ متعجبا من ردة فعلها تلك، ضمدت جرحي وجلست أحدق في رقصاتها، وأحاول فهم نغماتها، والحزن باد على وجهي. وبعد ساعات، قطعت ألحانها وحدثتني: “هكذا خُلقت، ولهذا خلقت! أنتم تستخدمونني لأغراض شتى، فأنا نعمة الله عليكم في هذه الأرض، وكإخوتي من النعم تستخدمونني أحيانا لأغراض سيئة جدا. هذا هو حالكم، في كل واحد منكم خير وشر، هناك من يغلب خيرُه شرَّه ويكون من الصالحين، وهناك الذين غلَّبوا الشر على الخير فيهم أولئك هم الخاسرون؛ أولئك هم سكاني، أولئك من ستتلقفهم ألسنتي وسيكونون طعامي حين يأذن لي ربي.
هل فهمت الآن سر ألحاني ؟!!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى