ط
الشعر والأدب

مشروع الطين…قصة قصيرة بقلم / إسماعيل آل رجب ..العراق

قصة قصيرة
شهقتان بين الماء والطين فتتهاطل عن جبينها قطرات الحياء، حين ادركتها نظرات مشرفة المشغل الطيني وهي تشكّل من الطين تكوينات من اوتاد مختلفة الاحجام،وتحرص على جعلها ملساء شديدة النعومة بادارة القرص الذي ترتكز عليه وسكب الماء،ابتسمت لها المشرفة في محاولة لتبديد انفعالاتها وعادت الى غرفة الادارة، حضرت في تلك اللحظات مواعظ والدتها التي كانت شغوفة بقراءة كتب علم النفس والاجتماع،امسكي نفسك قليلا،خذي نفساً عميقا،ادركي عقلك،ثم اطفأي نار رغبتك بالهروب من الخيال الى الواقع،…….
حذرتها والدتها من ان تكون مثل بغلة القبور،ورددت هذا التشبيه على مسامعها منذ وفاة زوجها قبل ثلاثة شهور،فطلبت بالحاح من والدتها ان تقص عليها تلك القصّة فلم تجد الام بدا من تلبية طلبها قالت:يابنيتي :
بغلة القبوركانت امرأة عاشت في زمن غابر بعيد ، وتعود قصتها إلى أنها كانت تعيش مع زوجها وحدهما حياة كريمة مستقرة ، لا ينقصهما شيئًا من متع الحياة ، وفجأة توفى الزوج وظلت الزوجة الأرملة وحدها فترة الحداد ، لا ترى الرجال إلا عقب مرور أربعة أشهر وعشرة أيام ، ولكن تلك الأرملة ارتكبت خطيئة الزنا خلال فترة الحداد تلك .فكانت عقوبتها ان تحولت إلى نصف بغلة ونصف إنسان ، ولكنها أكبر حجمًا واكثر قوة ،،عيناها حمراوان يتطاير عنهما الشرر ، أقدامها مغلولة بالسلاسل تجرها خلفها ، .صارت النصف بغلة تنام مع الموتى نهارًا ثم تخرج ليلاً تتجول بين القبور ، تهاجم الرجال ، فقط الرجال هم ضحاياها تقتلهم وتدفنهم بيديها أحياء ، تقول بعض الروايات بشأنها أنها تظهر في هيئة أحد معارف القتيل ، ومع حلول الظلام تستدرجه وراءها حتى منتصف الطريق فتعود إلى هيأتها البغلة ثم تنقض عليه ، وتحمله معها إلى القبور لتقوم بتعذيبه والتنكيل برجولته ,ولمّا فرغت الام من القصّة ادرك ابنتها النوم . وفي اليوم التالي استيقظت مبكرة لتذهبت الى المشغل،توجهت مباشرة الى تكويناتها:
قالت في نفسها وهي تعيد التكوينات التى صنعتها الى كتلة الطين…
ان الواعظين كلهم يحاولون ان يغيّروا بالكلام طبيعة الانسان ..
القاص والناقد العراقي
اسماعيل آل رجب

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى