ط
هنا الجزائر

هل نحن طلبة أم شوارد متفرجة ؟؟  بقلمـ : بشيرباي محمد أمين

 (مستغانم – الجزائر)
———————————————————————————

الحمد لله الذي وفقنا لتعلم بعض أساسيات الكيمياء، التي عرّفتنا على الكثير من المصطلحات العلمية الحديثة، من بين تلك المصطلحات، مصطلح “شاردة” ،ولمن لاعلاقة له بالكيمياء أو ذو معرفة محدودة في مفاهيمها، أقول له أن الشوارد عناصر ذرية فقدت عددا معينا من الإلكترونات -غالبا ماتكون بين إلكترون واحد حتى ثلاث إلكترونات- حسب قدرة العنصر على الإستقرار
… ما يهمنا هو أن هذه الشوارد لها ميزة معروفة ألا وهي قابلية التفاعل بسرعة مع الذرات الأخرى.
لكن توجد حالات شاذة في بعض الشوارد التي لاتتفاعل أبدا مهما طالت مدة التجربة وهذا رغم تواجدها في الوسط الملائم للتفاعل وتلك الشوارد تسمى بــــ”الشوارد المتفرج”…
وهي موضوعنا، فعادة ماتكون موجودة كمُحفز أو كَحِملٍ ثقيل إقتضت الضرورة وجوده لإستحالة الحصول على الشاردة المقصودة وحيدة.
ونحن طلبة هذا الجيل صرنا شوارد متفرجة في وسط جماعي مهيأ للتفاعل ، فرغم إمتلاكنا تكنولوجيا عصرية (الإنترنت) ،وسهولة الوصول إلى المعلومة، إلى أننا لم نتحرك كما ينبغي حيث تركنا الجوهر وولّينا إهتمامنا للتفاهات ووقعنا مرة أخرى بدل النهوض ، سواء خارج الجامعة أو داخلها ، فمثلا معظم الطلبة مع إختلاف السنين التي قضوها بين أسوار الجامعة يجهلون أبسط حقوقهم والكارثة يتامدون في جهلهم دون مبالاة…
دعونا نعود لموضوع التفاعل ، أي تفاعل أقصد؟؟
التفاعل المقصود هو الحركة الطلابية الجادة التي تُعَرفُ الطلبة حقوقهم وتحميهم من سياسات الإستحمار التي تمارسها عليهم الإدارة ثم تدافع فعلا عن تلك الحقوق بشفافية وإخلاص تام، إيمانا منها أن الطالب قوة ومستقبل وضرورة
. وبعد وعي الطلاب لدورهم الذي تَكفَلُهُ لهم حقوقهم، سيمتلكون القدرة التي تخولهم لتحليل مايدور حولهم من تغيرات نظامية خاصة ما يمس سياسات التعليم المتجددة التي تؤثر فيهم بالدرجة الأولى.
أما أن يأتي الطالب ليدرس المدة المبرمجة له ثم يعود لبيته دون أدنى اهتمام لما يحدث حوله، متحججا أن غايته من دخول الجامعة هي الدراسة ثم الشهادة وفقط أما باقي الأمور فلاتهمه.

فعذرا فهذا الطالب لايملك حس الفضول ولاطموح له، أوا لايحس بأي خلل في النظام التعليمي والفجاوت التي تعطل فعاليته؟! أم أنه اعتاد غَضّ الصرف عنها كأنها أمورٌ لاتعنيه ؟

شخصيا لاأعتقد أن طالبا كهذا تأسره اللامبالاة ستعقد عليه الأمة الأمل ليترك يوما ما مقعد الدراسة والقلم ،ويحمل السلاح -إذا اقتضت الضرورة- كما فعل أسلافه الذي ضحوا بالغالي والنفيس من أجل حريته التي ينعم بها الآن ، لأنه حسب تخميني ليس مؤهلا مادام لم يتفاعل في فسحة ،فكيف سيتحرك وينشط في ضيق وشدّة ؟
بقاء الحال على ماهي عليه سيجردنا مع مرور الزمن لقب الطالب ،لقداسة ما تحمله الكلمة من معاني الوفاء والتفاني. لحظة، أنا لم أتحدث بعد عن النشاطات الثقافية والفكرية التي تساهم في إثراء الزاد الفكري والمعرفي لدى طالب فهي قمة الوعي والنُضّج .
وإقامة مثل هذه التظاهرات دليل قاطع على أن الطلبة تجاوزوا مرحلة المراهقة الفكرية، ونزعوا عنهم رداء السخافة ولبسوا الزي الرسمي للجد والتفاني تاركين وراءهم فكرة الجامعة (بوابة العمل)، بل مدركين كل الإدراك أن الجامعة مؤسسة ينضج فيها المراهق ويخرج منها متمكننا وأهلا لحمل راية البناء والتشييد مُقَدِمًا الإضافة التي يحتاجها مجتمعه.
لا أن يبقى شاردة متفرجة على فساد إداري وصل حد التخمة ،بعد أن تفنن في خلقه مجرمون تنكروا وراء بدلات رسمية، حتى أنه صار بديهيا ومؤلوفا لدينا توالي وتناوب الأساتذة على رئاسة الكليات والجامعات دون أن نفهم لما استقال فلان؟ وكيف وصل الآخر إلى أعلى هرم في الإدارة؟؟
لتبقى الجامعة لغزا محيرا ومركزا إستثماريا – في نظر أشباه الإداريين- ذو طابع إستهلاكي محض ، فالمليارات التي تُضَخُ في حاسبها لم تكفي بعد لتُحسن مركزها المتدني في ترتيب الجامعات العالمية ،بل زادتها ثقلا لتتراجع كل مرة نحو ذيل التصنيف.
ويبقى الطالب عنصرا مساعدا لهذا الفساد وعنصرا محفزا لتواصل هذا التخلف والتدني مدام جبانا صامتا لايقحم صوته لامن قريب ولامن بعيد ،مكتفيا بالتفرج مثله مثل الشوارد المتفرجة في الكيمياء.
ولا تفوتني الفرصة لأحيي كل طالب تأثر بما يحدث وتأسف للحالة التي آلت إليها الجامعة ولو بقلبه وذلك أضعف الإيمان.55

زر الذهاب إلى الأعلى