ط
مواضيع

همسة تحاور الشاعر والأديب اسحق القومي

حاورته / هويدا ناصيف

بلبلٌ حلّق بقصائد الحبّ في سماء الشرق والغرب
وزيّن بالياسمين الشامي حدائق الأدب ترعرع وسط الحروف مناجياً شهد البيان ولؤلؤ الكتب انه الشاعر والأديب اسحق القومي حاورناه وكان لنا معه هذا الحوار ……

١-عرّفنا أولا ً بالشاعر والأديب اسحق القومي ؟

أهلاً وسهلاً بكِ سيدتي ولابدّ أن أفتتح قولي كلّ سنة وأنتِ بألف خير.
اسحق قومي يمكن أن نختصر ما لا يُختصر من مواليد سورية ومن الجزيرة السّورية عشتُ بمدينة الحسكة وتعلمت في المدارس حتى الجامعة بدمشق ، أحببتُ التعليم والتدريس وعلمتُ الابتدائية والإعدادية والثانوية ومعاهد الصف الخاص والمدرّسين والمدرسات لمادة التربية العامة وعلم النفس.

٢- ما هي المؤثرات الخاصة التي تدفعك للكتابة ؟

المؤثرات الخاصة التي تدفعني للكتابة كلّ الأشياء التي تشكل مجموعة أسئلة وجودية كبرى حيث نجد غياب الحق والخير والجمال ومن هنا تكتبني سواء القصيدة أم القصة القصيرة والرواية أم البحث الأدبي أو التاريخي لكن هناك خصوصية لدي وهو أنني منذ الصغر أحمل في داخلي كاتباً أو شاعراً لأن والدي كان يقول الشعر الشعبي رغم أنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة.إذاً هناك شخصية إبداعية تعيش في حالة جنينية بالأساس في تكويني العقلي والنفسي والروحي وهناك طفلاً متمرداً يحاول أن يقارع الواقع بالكلمة ، أجل أنه متمرد ولكنه متمرد يعلم ما يفعل وكيف يصرف أفعاله وانفعالاته الوجدانية .

٣-حدّثنا بشكل مفصل عن مشوارك الأدبي ؟بكل ما فيه من مهرجانات ندوات لقاءات دواوين ووووو .

مشواري الأدبي يمتد على مساحة نصف قرن وأكثر من الكتابة حيث بدأتُ أعاقرُ الحرف والكلمة منذ عام 1963م وتكاملت عندي الهواجس عام 1966م.مع عدم نسيان عشقي للشعر وأنا في الصف الأول الابتدائي حيث أحب الاستظهار( وهو قصائد شعرية) .في كتاب الطارا طارا وعادا عادا..للصف الأول وفي الصف الرابع الابتدائي ألقي القصيدة مع حركة بالأيدي وهكذا تجدني متميزا في الشعر وحفظ القصائد وقد شجعني معلمي وأنا في الصف الرابع وتنبأ على أنني سأكون شاعراً في المستقبل وكان اسمه يعقوب توما عبدي زرته قبل سنوات وهو موجود في السويد حالياً ثم يأتي المعلم الثاني والذي اهتمَّ بي من جانب المطالعة وقراءة الكتب من مؤلفات المنفلوطي وجامع الدروس العربية وكتب طه حسين خاصة حديث الأربعاء في أجزاءه الثلاثة إلى كتب كانت تتوفر في مكتبة ابتدائية البحتري للسريان ومن ثم في المرحلة الإعدادية حيث يشجعنا على العربية عدة معلمين كما وأن تعلمنا للغة السّريانية وإنشاد التراتيل بالسريانية والألحان السريانية كوّن رفداً لمشاعرنا ووجداننا وما إن كنتُ في الثالثة عشر من عمري وإذا بي أكتب أبياتاً شعرية
كتبتُ أولاً الشعر ومن ثم القصة القصيرة وكانت المرحلة الإعدادية مرحلة تحضيرية حيث عام 1970 أبدأ بتقديم أمسيات أدبية كانت الأولى بعنوان الشعر المهجري قدمتها في المركز الثقافي العربي بالحسكة ومن ثم تبدأ مواسم الأمسيات الشعرية منذ عام 1973م وحتى عام 2015م.

٤-أيّ نوع من القصائد تكتب ولماذا ؟

كتبتُ القصيدة العمودية (الخليلية) . وقصيدة التفعيلة ، وقصيدة الشعر الحر أو النثري.وأما لماذا لأنّ الكتابة هي حاجة وضرورة روحية ونفسية وتفجير للطاقات هذه عبر ما يُسمى قصيدة أو نصاً قصصياً أو بحثاً تاريخيا .

٥-ما هو رأيك بالشعر النسائي وبالشاعرات في عصرنا هذا ؟

الشعر النسائي وجد منذ العصر الجاهلي ومروراً بالعصور كلها . يتجلى هنا وهناك وإن كان الوجود النسائي الشعري يتواجد بشكل خجول إلا أنّ ذلك يعود لتأثره بالبيئة الاجتماعية والعادات والتقاليد وما فرضه الرجل على المرأة سواء أكانت أختاً أم زوجة أم …أما عن الشاعرات في عصرنا الحاضر هن قليلات جداً عدا بعضهن يُعاقر الشعر عن موهبة ومعرفة ٍ وليس من أجل الصالونات.قليلات منهنّ من هي متمكنة من ناصية الشعر وتعرف أدواته ..

٦-ما هي حدود القصيدة ؟ ولماذا ؟

القصيدة عالم يكتبني ولا أكتبهُ وهي مشروع الشاعر المبدع ، القصيدة ليس لها حدود وهي منفتحة على تجربة الشاعر في أبعادها ومراحلها تخوض غمار التخوم فتأخذ من كل جهة ما يجعلها أكثر تأثيراً في الوجدان.والقصيدة العامودية هي الميزان الذي تُمتحن به شاعرية الشاعر لأنّ كلّ شاعر ما لم يكن قد وقف على أدواته المعرفية سواء أكانت لغوية أم آليات الصنعة وفن الكتابة فهذا عبارة عن ناثر ليس إلا وهناك خلال مابين النثر والشعر كما هناك خلافاً بين الشاعر والناظم.وأما القصيدة التفعيلة فهي مرحلة أسعفت الشعراء في أنهم تخلصوا من تلك الطوطمية الخليلية .وأما القصيدة النثرية (الحديثة) فإني أرى فيها قدرة على استخراج مكنونات النفس أكثر من البيت الشعري في القصيدة الخليلية.

٧-هل أعطاك الإعلام حقك. كشاعر وأديب ؟

أعتقد بدأتُ أنشر في الطليعة السورية (مجلة) منذ نهايات الستينات وبدأت الإذاعة السورية بدمشق تنشر لي قصائدي عبر الراديو في برنامج الشبيبة منذ نهاية الستينات وشاركت في بداية السبعينات بعدة برامج تلفزيونية أولها برنامج 99 للسيد الياس حبيب.وكتبت في الجرائد السورية كلها ..في أمريكا حررت في صحيفة الاعتدال بنيوجرسي كمسؤول عن الصفحة الثقافية ونشرت في صحيفة الهدى اللبنانية في نيويورك وعملت مع أسرة برنامج كروان الإذاعي من إذاعة ساوث اورنج لمدة ثلاث سنوات كما قدمت على مسارح نيوجرسي عدة مطربين ومطربات أهمهم المطربة دلال الشمالي.
ومنذ عام 1991م حين جئت ألمانيا من أمريكا شاركت في أكثر من مجلة وجريت تكتب بالعربية كما أجرى معي التلفزيون السرياني مقابلة معي وكذلك تلفزيون عشتار وفي العام الفائت 2015م أجرت معي إذاعة إف إم سورنايا عدة لقاء قصيرة لكن أعتقد بأن مساحة الاهتمام بي وبالمدة التي أعاقر بها الكتبة تشكل حالة واحات لا تُذكر قياساً لما لدي من مؤلفات وهم أدبي وشعري وتاريخي.

٨-أين أنت من السياسة ؟ والأزمة العربية بشكل عام ؟

عَملتُ في السياسة منذ نعومة أظفاري وتركتها في واشنطن دي سي عندما التحقت بأسرتي في ألمانيا عام 1991م.
السياسة العربية تمثل الواقع العقلي والروحي والنفسي للشخصانية العربية كما تتجلى عبر حالات تبدو لي أنها سليمة ومفصلة على مقياس واقعنا لأننا لا ولن نعرف كيف نمارس الحرية المنضبطة.العقل الجماهيري الذي ينطلق من عواطف دينية أو سياسية غير ناضجة هو تدمير لمحصلة الجهد السياسي والعملي لبلادنا.
منذ أن كنت تلميذاً ونحن نخرج وندين هذا الرئيس وذاك وأتذكر قول برقيبة الرئيس التونسي يومها حين قال للعرب أقبلوا بمبدأ تقسيم فلسطين فقامت عليه الدنيا ولم تقعد..وماذا وعن ماذا أتحدث عن القمم العربية؟!! أم عن ما سموها الثورات العربية والربيع العربي؟!! الثورة فعل سياسي منضبطة بقدرة بشرية عارفة وليس بفعل يجتمع عليه كل من يظن أنه هو العارف والعالم بالفعل الثوري…لن تنضج لدينا الأفعال السياسية مالم نتحرر من ربقة الفكر المتطرف ….والمجتمعات العربية ضحية أمرين الخطاب الديني المتطرف والمكفر والأمر الأخر ضحية قيادات سياسية تعمل في أغلب الأحيان استجابة لفعل وإرادة الآخر المتمثل في الغرب وأتباعه.

٩-ماذا يعني لك الوطن ؟ وكيف تكتبه في غربتك ؟

الوطن أحد المقدسات…الوطن للمغترب هو عبارة عن مخزون روحي يضخ عبر أنفاسك ملايين من الذكريات والعلاقات الروحية التي تتجلى أمامك فتتبع المقارنة بين الغربة ومحطاتها وبين المكان الذي ولدت وتربيت وتعلمت وكبرت به . حينها تجد نفسك مابين هذا الواقع وتلك الذكريات التي لم تعد إلا في مخاض الروح عبر برازخ الوجد .
الوطن حالة وجدانية أخاف عليه من نفسي .أحبهُ وأقدسهُ ولكنني أرى أنه أصبح مكاناً مشاعاً لكلّ قذرات التاريخ والخلافات المذهبية والسياسية..
أكتبهُ قصيدة ونثرا. أكتبه وجداناً لن تمزقه عواصف العالم.

١٠-ما هي أجمل قصيدة كتبتها ؟ أمتعنا بقراءتها ؟

أجمل قصيدة كتبتها ليست على استعداد أن تتجلى من غير أن أبتني لها هيكلاً أزركشه بوافر الخليل وهي من القصائد التي كتبتها منذ نهاية الستينات فأقول فيها
العاشقة القديمة منى
للشاعر اسحق قومي

تعالي يامنى قلبي تعالي
فإني عاشقٌ حُسنَ الجمالِ
تعالي واشهدي فالحبُّ خمري
وما أحلاه من خمرٍ زلالِ
تعالي أسعدي قلباً معنىًً
وهاتي شربة السحر الحلالِ
عشقتك شادناً ولكم نعمنا.
يُجمّعنا الهوى تحت الظلالِ
تعالي وانظري كلفاً مُحباً
تبدَّى إذْ بدا مثل الهلال
أقول وهلْ يُقال قضى محبٌ
وأذكر ما جرى بين التلالِ
فحسبك كم رميتِ فؤاد صبٍّ
وحسبي كم لقيت من النبالِ
***
الحسكة13/4/1969م.
والقصيدة الثانية رسالة إلى الحلاج لم تُقرأْ بعد.

١١-حدثنا عن مهام ونشاطات الرابطة المهجرية للإبداع المشرق في ألمانيا ؟

فكرة الرابطة قديمة عندي منذ أن قدمت محاضرة أدبية عن الشعر المهجري في عام 1970م وحين توفرت لدي عدة أمور طرحتها فكنت المؤسس وتم اختياري في أول اجتماع تأسيسي على أن أكون رئيساً لها ومسؤلها الإعلامي والرّابطة منبرٌ إبداعيٌّ مشرقي تأسس في ألمانيا عام 2014م .يُعنى بالشؤون الثقافية والإبداعية وهو غير سياسي أو ديني ويرفض التعصب الديني والقومي ويعمل على نشر الثقافة الإنسانية القائمة على التآخي والسلام بين الشعوب.
من أهم نشاطاتها هو تنسيب أعضاء لها من مختلف الأقطار والمستويات الأدبية والإبداعية وأول نشاط لها هو المهرجان الشعري والموسيقي الغنائي الأول الذي أقامته في 23/5/2015م إحياء لذكرى الشاعر والكاتب السّوري الراحل عبد الأحد قومي.وهناك محاولات عدة تم وضع خطة سنوية لإقامة أمسيات شعرية وإقامة حفلات غنائية ومعارض فنية وغيرها نأمل أن يساعدنا الواقع على تحقيق طموحنا لأن البعد بين أعضاء المجلس يشكل عقبة في سبيل تطوير نشاطاتها.

١٢-كلمة أخيرة لمجلة همسة

أولاَ لابد أن أشكرك سيدتي الشاعرة هويدا ناصيف مدير مكتب همسة في انجلترا على هذه التكرمة ولابدّ لي أن أشكر مدير ورئيس تحرير المجلة وأتمنى لكم جميعاً التوفيق والازدهار ومن دواعي سروري أن أبقى على صفحات مجلتكم الغرّاء طيفاً وضيفا. لكم وافر وأنهار من محبتي ونلتقي.
اسحق قومي
شاعرٌ وكاتبُ وباحث وإعلامي سوري يعيش في ألمانيا.
رئيس الرابطة المهجرية .
ألمانيا في 1/1/2016م10418324_1675801969364046_2306621720300731399_n12115418_1675801986030711_5741320792413431860_n 12509388_1675801982697378_3016872151591770850_n 12507474_1675801972697379_1981207874049673771_n 10307423_1675801976030712_181969829076917876_n 10371726_1675801989364044_3086579500251126203_n

زر الذهاب إلى الأعلى