ط
مسابقة القصة القصيرة

وثالثهما إنسان مسابقة القصة القصيرة بقلم / أحمد راغب قاسم من مصر

أحمد راغب قاسم
مصر ـ سوهاج ـ سوهاج أول ـ ش عمر بن الخطاب
قصة قصيرة بـعنوان / وثالثهما إنسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثَالثهُمَا إِنسَان
سماء صافية ، وهواء رقيق يداعب وجه سيدة تقف على ضفة نهر النيل الغربية ، سيدة ممشوقة القوام ، ولها نهدان كفاكهة ناضجة للحصاد ، يتطاير شعرها سابحاً فى الهواء ، وتبرز شفتاها كلؤلؤٍ مسحور ، ويعلو وجهها عينان ينطق صخر الأرض لجمالهما ، إنها ملكة المكان السيدة حتشبسوت ، إمرأة سُجل إسمها فى قائمة الرجال ، لقوتها ، ودهاء رأسها ، ورزانة فكرها ، تنظر هذه السيدة نحو صفحة المياه ، ومن حولها يقف الرجال ، والخدم ، فأشارت لأحدهم وكان سنموت ، وفهم بدوره أنه قد آن الأوان للعودة ، وحملت السيدة فوق أكتاف الرجال جالسة فى موكب عظيم ، أحاط به المهللين من الجانبين حاملين الزهور ، والبردى ، ومن الأمام سار الكهنة مطلقين البخور فى الهواء ، ومضى الموكب حتى وصل عند مقدمة المعبد ؛
وهناك فى بلاط المعبد الشامخ ناحية الغرب جلست حتشبسوت فوق كرسى العرش المطعم بالذهب ، والنقوش ، ومثُل بين يديها وزيرها ، وراعى إبنتها سنموت ، وقف مطأطأ رأسه فى حضرتها ، فقالت بصوت حازم إنتفض له الحضور :
ـ ماذا يحدث سنموت ؟
فإنحنى أمامها ، ثم جاء صوته قائلا :
ـ حملة كُبرى تم تجهيزها ، لتبحر اليوم إلى بونت ، كما أمرت سيدة البلاد
وتساءلت بإهتمام قائلة :
ـ كيف يرى الوزير سنموت إبحارى على رأس هذه الحملة إلى بونت ؟
وأجاب مسرعاً :
ـ لا سيدتى نفضل بقاءك هنا لدواعى الأمن ، والسلامة
ـ حسناً ، أحضر لى نجيب محفوظ كبير النحاتين ، والرسامين
تقهقر سنموت للخلف منحنياً ، وغاب وقتاً قليلاً تناولت فيه السيدة قدحا من النبيذ كانت تحمله الخادمة المرافقة ، ثم عاد سنموت وفى صحبته كبير النحاتين وقال :
ـ نجيب محفوظ يمثُل لأوامرك
حياها نجيب مهاباً من حضرتها ، فنهضت من الكرسى وقالت وهى تدور بالمكان :
ـ جناب نجيب تعلم أنه قليلاً وتبحر حملة تجارية إلى بونت أليس كذلك ؟
وتوقفت قليلاً ، وبدوره هز رأسه مصدقاً على كلامها ، ثم أكملت :
ـ تحتم عليك ، ومعاونيك تسجيل كل مايجرى هناك على جدران هذا المعبد العظيم ، لا أريد تقصيراً ، أو تهاون فى هذا الأمر ، إنتبه ، ومن معك لكل مايجرى هناك
هز نجيب رأسه ثانية وقال :
ـ أعلم ياسيدة البلاد ، فلا تجعلى القلق يساور رأسك ، سيجرى كل شيء على ما يرام
ـ هيا إنصرفا
ثم دلفت إلى حجرتها ، ومن خلفها السيدة المعاونة لها ، والقائمة على خدمتها الخاصة ، وكانت الغرفة تحوى مجموعة من صنادق الملابس المذهبة ، ومرآة كبرى فوق صدر الحائط المواجه للباب ، وسرير مغطى بالحرير ، فإتجهت حتشبسوت إلى مرآتها ، ووقفت أمامها بجسدها الغض ، وأخذت تعبث بيدها فى خصلات شعرها ، والسيدة تساعدها فى تبديل ثيابها
وعند مساء اليوم التالى طلب سنموت إذناً بالدخول على الملكة فى غرفتها لأمر طارئ ، فأذنت له ، وأمرت الخدم بمغادرة المكان فوراً ، ولما دخل عليها وجدها بملابس غرفتها ، وقد ظهرت يداها عاريتان حتى الكتف ، وأطل نهداها من خلف قميصها الأسود الحرير ، ورسمت عيناها بقلم الكحل ، فإتسعت وإذدات جمالاً ، وزينت شفتاها بلون أحمر فكأنما النبيذ عليهما ، وإقترب منها سنموت قائلاً :
ـ أعوذ بالله من عنف الجمال إذا طغى
وضحكت بصوت ناعم وهى تقول :
ـ تردد ما قام بنحته نجيب على مقدمة المعبد
ـ إشتقت إليك يا سيدة قلبى
ومدت يديها ، فأمسك بها قائلاً :
ـ تودين الرقص ؟
ـ أود إحتضانك
فسحب جسدها نحوه ، وأحاطه بذراعيه ، وضمها إليه بقوة ، ورغبة مجنونة ، وعبث بشفتيه فوق وجهها وردد على أذنيها قائلاً :
ـ أود أن يشهد كل مكان هنا ، أنك كنت بحضنى ، وأرغب بأن يمتلىء المكان برائحة أنفاسك
ومالت السيدة المعظمة فوق كتفه ، بينما واصل هو حديثه قائلا :
ـ أنتِ لى ، وكل ما بى هو لكِ ، فلا تتركينى الآن ، وإقتربى منى أكثر فأكثر
وفجأة إبتعدت حتشبسوت عن سنموت قائلة بصوت خافت :
ـ هل سمعت شيئاً ؟
ـ لا لم أسمع ، ماذا يحدث ؟
ـ أشعر أن أحدهما كان هنا
وتطلع فى أنحاء المكان من حولهما ثم قال :
ـ سيدتى تعلمين جيداً أن هناك من يتربص بكِ ، ولكن لن يصل الأمر إلى هنا فى غرفة نومك
وأشارت إليه بإصبعها قائلة :
ـ لا سنموت علينا الحذر ، فلا تقترب من هنا ثانية
ورضخ لكلامها ، فهم بالأنصراف منحنياً ، فنادته قبل الخروج قائلة :
ـ سنموت تحرى عن الخائنين
وبعد بضعت أيام عادت السفن الخمس المصرية من بونت محملة بالبضائع المختلفة من بخور ، وعطور ، وحيوانات ، ونباتات ، عادت السفن تشق صفحة النيل وسط أهازيج ، وأغانى المهللين ، والموالين للملكة حتشبسوت التى خرجت لإستقبال السفن فى موكب رسمى تقدمه كهنة المعبد ، ونزل نجيب محفوظ من إحدى السفن متقدما الوفد الذى إصطحبه معه أثناء الرحلة إلى بونت ، وحمل كل منهم لفائف البردى التى دُون عليها كل ما جرى هناك ، وما صادفوه فى رحلتهم ، ونظرت السيدة حتشبسوت نحو الرجال الذين يعكفون على نقل البضائع إلى داخل المعبد ، وقالت موجهة حديثها لنجيب :
ـ كيف سارت الأمور نجيب محفوظ ؟
وأشار لها نحو البضائع ، ولفائف الأوراق قائلاً :
ـ على أفضل حال ، جلبنا كل ما يحتاج إليه معبد ملكة البلاد ، ومنذ اليوم سيجرى نقش كل ما حدث هناك ، ليعلم الشعب بجهود السيدة المعظمة فى سبيل راحتهم ، ورخاء الشعب
وقالت بفخرٍ ، وتعالى :
ـ عظيم . . عظيم
وإبتعد كبير النحاتين عن طريقها ، وتركها تتفحص ما قاموا بجلبه من رحلتهم ، وعاد إلى غرفته متعباً ، ليسند ظهره إلى السرير الخشبى ، ولم يكد يخلد إلى النوم ، سمع طرقات خافتة على باب الغرفة ، فإستعان على يده لينهض متجهاً ناحية الباب ، وهو يقول :
ـ من ؟
ـ خادمك عِزران
وأزاح الباب للداخل ، موجها له السؤال :
ـ ماذا هناك ؟
تلفت عِزران حوله بعينين خائفتين ، ومضى إلى الداخل طالبا الأذن من نجيب ، فأغلق الباب ودعاه للجلوس فقال :
ـ الأمر لا يحتمل هناك لعبة دنيئة تجرى فى بلاط المعبد
إسترعى ذلك إنتباهاً كبيراً من نجيب فإتسعت عيناه قائلاً :
ـ قل لى ، لا تخف ، ماذا جرى ؟
أمسك عِزران بيد نجيب قائلاً فى خوف :
ـ عدنى أولاً ألا تخبر أحد عنى شىء
ـ قلت لا تخف ، قل لى ، أعدك
ـ سيدى أثناء سفرك فى رحلة بونت ، سمعت دون قصد صوت الوزير سنموت بغرفة نوم السيدة حتشبسوت
وتوقف عن الحديث ، فباغته نجيب قائلاً :
ـ أكمل لماذا توقفت !
ـ سألت الخادمة قالت لى أنه بالفعل داخل الغرفة ، والسيدة أمرت الجميع بمغادرة المكان ، ثم تظاهرت بعدم الإهتمام أمام الخادمة حتى إنصرفت ، فنظرت من خلف الشباك المفضى إلى الغرفة ، ووجدتها فى حضن سنموت ياسيدى
ونهض نجيب ولم يبد رداً ، مضى يدور فى الغرفة ، شارد الرأس ، والفكر ، حتى توقف موجه حديثه إلى عِزران :
ـ ماذا إن كان قولك كذباً ؟
ـ سيدى لا مصلحة لى فيما قلت ، سوى أننى أنشد الصالح العام للشعب ، أعرف أنك هكذا أيضا ، ولذلك لم أتردد فى أن أت إليك
ـ حسناً ، إنصرف الآن ، ولا تخش شىء
وفى الصباح عندما بزغ أول خيط للنور كان نجيب محفوظ مستيقظاً ، يمسك فى يده بعض الأوراق ، وقارورة حبر ، وقلم من البوص ، ويخط رسوم ، ونقوش ، وحروف ، تارة يكتب ويتوقف للمراجعة فيشطب على ما كتب ، وتارة يرسم فيشرد ذهنه حتى يسيل الحبر على الأوراق فيفسد رسمه ، ما جعله يستشيط غيظاً ، ويدفع ما أمامه بيده ، فتسقط على الأرض محطمة ، ومبعثرة فى أرجاء الغرفة ، وهام على وجهه إلى الخارج ، وفى طريقه وجد بالخارج النحاتين ، والرسامين إستهلوا عملهم لتسجيل رحلة بونت فى الناحية اليسري ، من الرواق الثانى بالمعبد ، فأمرهم بالتوقف لحين العودة ، ولم يأبه بإستغرابهم ، غير أنه قال لعِزران :
ـ قل لهم أن كبير النحاتين يرى أن يستريحوا اليوم أيضا من إرهاق الرحلة ، حتى لا يؤثر ذلك على جودة الرسوم ، والنقوش
وغاب نجيب محفوظ . وأمام الملكة حتشبسوت أخبرها الوزير سنموت بما حدث ، فلم تثور كعادتها ، معللة أن كبير النحاتين يعرف عمله جيداً ، وأمرت بالترتيب لإقامة إحتفال شعبى كبير بالمساء ، على شرف عودة السفن المصرية من بونت بسلام
بينما كانت الإستعدادات للإحتفال تجرى على قدم ، وساق كان نجيب محفوظ فى جلسة سرية مع تحتمس الثانى الأخ غير الشرعى للملكة حتشبسوت ، والذى تزوجته لتتمكن من الوصول إلى حكم البلاد ، وقامت بتنحيته جانباً عن الحكم لصغر سنه ، وأدى ذلك للبغيضة من جانبه لها ، كان يثق بنجيب محفوظ ، ويقدره أيم تقدير ، وعلى ذلك فقد جلسا يتشاوران فيما حدث ، وفيما عزم عليه نجيب ، وأطلعه على بعض الأورق التى كان قد دسها فى قميصه ، وبعد وقت قصير إنصرف نجيب محفوظ
وفى المساء تلألأت الأضواء الباهرة ، وعلا صوت الموسيقى ، من العازفين ، وتمايلت الراقصات العاريات بأجسادهن فى المنتصف ، بينما تجلس السيدة المعظمة فوق كُرسيها فى شموخ ، وعزة ، وإلى جوارها يجلس تحتمس الثانى متظاهراً بالبلاهة ، وعدم الأهتمام ، وأحاط عامة الشعب الأحتفال يلهثون كالكلاب الجائعة على موائد الطعام التى حملت ما لذ ، وطاب .
فى ظلمة الليل القاتمة ، أمسك النحاتين شُعل النيران لإضاءة المكان ، وعكف كل منهم على العمل بحرص شديد ، كانوا كمن يؤدى واجباً وطنياً ، وكان نجيب محفوظ يتنقل بينهم ليتابع العمل ، ولتحفيزهم ، مذكراً إياهم أنه ينبغى الإنتهاء من العمل قبل شروق الشمس ، وقبل أن ينتبه أحد من تابعى الملكة ، النحت فى الحجر يحتاج إلى وقت طويل ، ولذلك تلاشى نجيب محفوظ النحت الكثير فى هذه المهمة ، بينما إقتصرت على النقوش ، والرسوم ، ومنظر واحد فقط سيتم نحته ، وبين ذلك للنحاتين ، والرسامين من خلال الأوراق التى بين أيديهم ، وقبيل شروق الشمس كان منادى يطوف أرجاء المكان مخاطباً عامة الشعب أنه فى بلاط المعبد الملكة حتشبسوت تنتظرهم لتوزيع الطعام ، فهرعوا إلى المعبد دون تفكير وتجمهر الناس أمام ما تم إنجازه بالأمس ، وكانت الفاجعة الكبرى ما قاموا برؤيته على جدران المعبد الكبير ؛
ـ الملكة ، والخادم ، أحضان لا تنتهى
ـ سِنموت يتطلع للحكم بنزوة عابرة
ـ الجهاد فى سبيل الشهوات
وأعلى الحائط كان هناك نحتاً غائراً للملكة حتشبسوت فى حضن الوزير سنموت ، كُتب أعلاه :
ـ أُسدل الستار
وحضرت الملكة فى عجلة ، وغضب كبير ، وإنتفض الجمع لحضورها ، وأمرت الحراس بفض التجمهر ، والقبض على نجيب محفوظ ومن معه من النحاتين ، والرسامين ، وأعلنت فى التو أنه ستجرى محاكمة طارئة لكل من إشترك فى هذا العمل الدنيئ ، وقُبض على نجيب ومساعديه ، ونادى المنادى ثانية أنه على عامة الشعب حضور المحاكمة المنعقدة قبل مغيب الشمس ، وحضر الجميع ، وجاء الحراس بنجيب محفوظ الذى مشى كالفارس المنتصر دون خوفٍ ، ولا جزع ونادى منادى قائلاً :
ـ بسم الإله آمون تبدأ محاكمة الخائنين
وتحدثت الملكة حتشبسوت إلى الجميع قائلة بلهجة إستعطاف ، وتزلل :
ـ لا شك أنكم جميعاً تعلمون ما فعلته لأجل البلاد ، كان عهدى رخاءاً ، ولا زال ، ولم أنهك قوى جنودى فى الحروب ، آثرت السلام ، والأمان للجميع ، عمدت على تنمية الإقتصاد ، وإرسال الحملات لتجلب للشعب بكل طوائفه الخير الوفير ، وكان آخرها رحلة بونت فماذا طرء اليوم ليحدث ما حدث ؟
وساد الصمت فى المكان ، وإتجهت بعينيها ناحية كبير النحاتين الذى
توسط إثنين من الحراس مغلغل فى قيوده وقالت :
ـ جبنى أنت ، ماذا حدث ، لتثور على الحكم ، وتهدد الأمن العام ؟
ـ الرخاء الذى تقصدينه لم ينعم به سواكِ ، ومن معك ، لكن نحن عامة الشعب ، والعاملين كالعائدين بخفى حنين ، آثرتِ السلام لمصالح شخصية مع أعداء البلاد ، أبرمتم إتفاقيات لا دخل لنا بها سوى أننا كنا الشعب الذى نُحكم ، ولا شيء غير ذلك
ـ وماذا عن رخاء البلاد ، وإستقرار إقتصادها ؟
وتبسم نجيب مستهزأً ، ثم قال :
ـ كان يؤول كل شىء إلى خزينة المعبد ، كنا نعرف ذلك جيدا ، ولا يقو منا أحد على الإعتراض ، لكن وبعد ماحدث ، وما يخطط له من تولى سنموت الحكم من بعدك ، لا مكان للخوف بين أضلُعى
ـ أنت مخطىْ ، أقضى يومى فى سبيل خدمة الشعب ، أتفقد عمل هنا ، وأتابع سير عمل هناك ، وأصدر قرارات الحملات ، وأعمل على تأمينها بالأتفاقيات مع البلدان المجاورة ، وحين يأتى المساء أنا إمرأة ، أتعرف ما معنى أن أكون إمرأة ؟
أنا إمرأة أنهكت جسدها ، وعكرت صفو رأسها فى العمل بالنهار ، وبالمساء أحتاج لمن يلاطفنى ، يداعب أنوثتى ، يقتحم قلاع جسدى ، أنا إمرأة ، وأنا إنسان يشعر ، ومادمت أقضى حاجة شعبى ومصالحهم ، فلا شأن لأحد بما يجرى بغرفتى
وترامات همهمات من الحاضرين بين مؤيد ، ومعارض لفلسفة الملكة حتشبسوت ، وصمت نجيب إعتراضاً على ما قيل ، وجاء صوت الملكة كالسوط على الأجساد قائلة :
ـ أما وإنك قد هددت الأمن ، والسلام الداخلى فقد أمرت أنا الملكة المعظمة للبلاد بأن تُقطع رأسك على العلن فى حضور عامة الشعب ، والكهنة ، والعاملين ، على أن يجرى ذلك صباح الغد مع أول ساعات النهار ، وبذلك كُتبت نهاية كبير النحاتين ، وأُفرج عن البافين لتورطهم فى الأمر ليس إلا كما إدعى نجيب محفوظ ليكتب لهم النجاة ، وأشرقت الشمس ، وتسلل خيط نور من بين قضبان شباك الغرفة التى وُضِع بها نجيب ، وشعر بجزع لم يعتاده ، ها هو الموت ينادى يانجيب ، بعد قليل ستهنأ براحة أبدية طالما إنتظرتها كثيراً ، لتودع حياة الخوف ، والذل ، وأفاق من شروده على صوت الحارس وهو يزيح الباب الحديدى قائلاً :
ـ كُتب لك أن تحيا
وتساءل نجيب منزعجاً فقد ظن أن الحارس يعبث بأعصابه :
ـ ماذا جرى ؟
ـ وُجدت الملكة حتشبسوت غارقة فى دماءها فوق السرير بغرفتها صباح اليوم ، وتم تنصيب الملك تحتمس الثانى ملكاً للبلاد ، وقد أمر بالعفو عنك
وأشاح نجيب برأسه بعيداً ، وإبتسم قليلاً وهو يتذكر ما إتفق عليه مع تحتمس الثانى فى جلستهم السرية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى