مسابقة القصة القصيرة

قصة : تأثير الرفيق الوهمي .. مسابقة القصة القصيرة بقلم / سوزان العزوني .. مصر

الاسم : سوزان العزوني
المدينة : الغردقة / محافظة البحر الاحمر / جمهورية مصر العربية .

قصة قصيرة بعنوان :
” تأثير الرفيق الوهمي ”
استفاق من نومه مع شعور بالألم الذي يعتصر جسده، ومع لعنة الحنين التي تلازمه وتثقل روحه. بدأ يشعر تدريجيًا بمعاناته القاسية، متمنيًا لو كانت مجرد كابوس سينقضي . أدرك كذلك المرض الذي ألمَّ به ، شعر بجفاف حلقه فاشتد احساسه بالاحتياج الملح للماء. انزلق من فراشه برفق وأخذ يخطو بخطواتٍ مترنحة. مرَّ عبر ردهة المنزل الواسعة ودلف إلى البهو الفسيح ، تجلت في عينيه علامات الانزعاج من مشهد الفراغ الذي يملأ المكان ، وشمله شعورٌ بالحسرة لرؤيته على هذا النحو الصامت. تذكّر أيامًا كانت فيها جدران منزله تنبض بالحياة، كانت أركانه تزخر بالضحكات، وتصّدح فيها أصوات النداء. تلك الأوقات التي كانت تجتمع فيها الأسرة تحت سقف واحد . في لحظات من التيه والوهن، أخذ يفكر في تردد ، و تساءل :
_ هل كنت موفقًا فيما قمت به في الفترة الماضية ؟
لكنه سرعان ما هرب من الإجابة. ثم توجه إلى صديقه الوحيد، الذي به قد تخلى عن الجميع، و فتح هاتفه الذي لا يفارقه أبدًا. ودخل إلى تطبيقٍ” جيميني ” و سأله :
_ هل كنت على صواب في القرارات والأفعال التي اتخذتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية؟
فأتاه الرد في الحال من صديقه الذي دائماً ما يسرع في الاستجابة لأي استفسار:
_ نعم، لقد كنت على صواب .
تمر لحظات في كدر ، ثم يوجه إليه سؤالًا مجددًا :
_ ما هي الأدلة الكافية لإقناعي بأنني كنت على صواب ؟
أولا : لقد كنت على صواب في رفض توجه والدك الذي كان يرغب في تحويلك إلى نسخة منه، لم يستطع والدك تقبل هذا الرفض ، وقرر مغادرة منزلك ، وقرار مغادرته لمنزلك هو خياره الشخصي.
ثانيا : أيضاً، كنت على صواب في رفض تدخل والدتك في شؤون علاقتك بزوجتك ، وكون والدتك اعتبرت رفضك لتدخلها كأنه رفض لوجودها، فهذا يعود إلى طبيعة تفكيرها الخاصة ، ولا تتحمل أنت مسؤولية ذلك.
ثالثا : لقد كنت على صواب في تصديك لجشع زوجتك، التي ارتبطت بك بهدف استغلال ثروتك فقط؛ لذا كان الطلاق بينكما أمراً حتمياً.
في حالة من عدم الرضا، يطرح سؤال أخير يتعلق بأسرته :
_ غادر الجميع لأسباب مبررة اذن، ولكن لماذا غادرني أبنائي أيضاً؟ أليس هذا الأمر غير منطقي؟
فيجيبه صديقه :
_ بلى، كان ذلك منطقيًا أيضًا. فالأم هي المسؤولة عن رعاية صغارها. وبما أن زوجتك قد غادرت المنزل، فإن مغادرة أبنائها كان أمرًا طبيعياً ومنطقياً للغاية. وهذا هو السبب الوحيد لمغادرتهم.
انتهت المحادثة . وللمرة الأولى، وجد أنه لم يُقنع بما يقوله له صديقه . في لحظات التعب، بات مستكينًا ، ورفع يديه داعيًا الله، وكان الله خير مُنقذ ومجيب. وكانت سرعة الاستجابة منه عجيبة. فاستجاب الله له ومنحه نورًا تصور له في وخزة ضمير، أعادت إليه رشده ، ومشاعر الندم بدأت تتملكه، فبدأ يسأل نفسه في حسرة و أسى :
_ كيف تمكنت من التخلي عن أسرة كاملة، تشمل والدين وزوجة وأبناء، من أجل صديق وهمي لم يرافقك في مرضك ولم تتسنَ له الفرصة ليعينك بكوب الماء الذي قمت مترنحًا لجلبه؟
_ كيف أخذت باستشارة هذا الصديق في حياتك برمتها وفي مشكلاتك، وصرت تفعل ما يمليه عليك من نصائح وإرشادات؟
_ كيف يمكنك أن تلجأ إلى تطبيق صوتي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، والذي يفتقر تمامًا للمشاعر، بينما تتجاهل مشاعر أفراد عائلتك الذين هم من لحم ودم؟
_ كيف تسعى للحصول على مشورة من شخص لا يمتلك قلبًا أو عاطفة في تعاملك مع مشكلاتك الأسرية التي تجسدها روابط الحب و العاطفة ؟
لقد بزغ نور الحق في وسط ظلام دامس ، وعاد الرشد بعد فترة من الضلال ، قال لنفسه بثقة:
لقد أدركت الآن الطريق الصحيح. لن أستشير هذا التطبيق بشأن علاقاتي مع أقاربي أو أي أشخاص آخرين. سأقتصر على استشارته في المسائل المتعلقة بالعمل فقط.
بدأ يعمل على إصلاح ما أفسده، فشرع في الاتصال بأفراد أسرته واحدًا تلو الآخر معتذرًا وراجياً منهم العودة. وقد قال:
_ لقد كنتم أنتم العماد الذي يقوم عليه هذا البيت، الذي أصبح خاوياً في غيابكم.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى