ط
مسابقة القصة القصيرة

كان وهما .مسابقة القصة القصيرة بقلم / أمانى جمال صبحى شوقى من مصر

الاسم: اماني جمال صبحي شوقي
الايميل: [email protected]
رقم التليفون: 01008763970
قصة قصيرة: كان وهماَ.
تجلس كالمعتاد في شرفتها تنظر للسماء قبيل الفجر ..تلك السماء التي لا يشوبها غيوم او سحب واضعة –الهيدفون- تستمع الى أغاني غير مرتبة لم تخترها قط..لم تعتد ان ترتب لشيء ..دائماً ما تؤمن ان ما يرتب له يُخرب..،حين يبدأ النيام بالأستيقاظ تذهب هي للنوم في غرفتها الزرقاء التي تبدو مثل سماء الفجر الصافية.
تستيقظ لتواجه العالم بضوضائه مضطرة لان تذهب الى جامعتها ,فـلا تجد مخرج غير الموسيقى لتبتعد عن الضوضاء والزحام وفضول البشر..، بينما هي تسير شاردة اذ تلتقي عيناها بأعيُن وسيم عيناه تلمعان، تلك اللحظة التي تحدث في الافلام والدراما الرومانسية، لكنها لم تهتم لدقات قلبها او لتورد خديها ولا لذلك الشيء الغريب الذي يشبه توقف الوقت فجأة..، عادت لما كانت عليه فقط لتكمل سيرها الى المحاضرة معتقدة انه مجرد حادث ومجرد شخص لن تلتقِ به ثانيةً..
انتهت من محاضراتها وعادت الى منزلها وحيدةً..ف هي لا تؤمن ان هناك علاقة صداقة حقيقية ف الكثير وضعتهم تحت مسمى الصداقة وخذلوها..،وهي في طريقها الى المنزل عيناها كانتا تبحثان عن ذاك الشاب ..كانت تحاول ابعاد تفكيرها عن تلك التراهات..، تصل الى منزلها لتعد الى قوقعتها الزرقاء مرة أخرى تقرأ احدى الروايات لتنتهي منها وتشاهد فيلماً رومانسياً قديم الطراز..وقبل ان تنم قليلاً حتى تفرغ الشوارع من الناس لتجلس في شرفتها تتصل بعائلتها لتطمئن عليهم..، ذلك الروتين اليومي الذي لا ينتهي..
في اليوم التالي تستيقظ لتذهب الى جامعاتها..وتسير مع اغانيها ذات الطراز القديم الى ان تصل الى محاضرتها ..، تنتهي من المحاضرات لتعد الى الموسيقى مرة أخر ، تقف منتظرة عربة المترو وهي تأكل قطع الشوكولا غير مبالية لما يحدث حولها..تصعد الى المترو وتجلس وتسمع من يتحدث بجانبها ظنت انه يتحدث في الهاتف.. لم تدرك انه ذلك الشاب الذي التقت عيناهما ببعضهما إلا حين نزع السماعات من أُذنيها لتنظر اليه مندهشة من ذلك التصرف لتلتقي أعينهم من جديد، ذلك الضوضاء من حولهم ادركها الموقف وابعدت عينها مرتبكة..
– مـ..ماذا!!
= كنت أُحدثكِ..
– عذراً لم اسمعك.
= أعلم ذلك…
أدركت ان التقاء أعينهما ليس بـ حادث بل هو لعبة القدر..ذلك القدر الذي لا يرد تركها وحيدة الى الأبد، تعرفا على أسميهما ظلا يتحادثا طوال الطريق وكأنهما يعرفان بعضهما منذ سنون عديدة ..كانت تلك المرة الاولى التي لا تستمع الى موسيقاها وكأنها استبدلت صوته بالموسيقى..ذلك الصوت الساحر كعيناه تماماً..، كلما انتهى الحديث بدأ بفتح موضوع آخر حتى لا يصمتا..الى ان وصلا الى محطة الوصول..، ظلت ساكنة لا تنطق بكلمة لم تعلم ماذا تقل في تلك اللحظة..
= سأركِ مرة أخرى..
ثم أمسك يدُها وكتب رقم هاتفه ..، اندهشت مما فعله وسحبت يدها بسرعة ورحلت..
مر يومان ولم تره كانت كل لحظة تسير فيها كانت تجول عيناها بحثاً عنه..
كانت قد فقدت الأمل ان تره ثانيةً الى ان وجدته يجلس بجانبها فجأةً في المترو..
= انتظرت ان تتصلي..
ابتسمت ولم تقل شيء ، اعتذر لها عما حدث اذا آساءت الفهم وانه لم يقصد على جرحها..، كانت سعيدة برؤيته بعد أن كادت تفقد الأمل..، انقطعت الكهرباء عن المترو فجأة انزعج الناس وازداد ضوضاء المكان من بكاء اطفال وصريخ أمهاتهم بهم على غير حالهما كانا يودان ان يظل الامر هكذا لمدة طويلة ممسكان بـ أيدي بعضهما حتى تعود الكهرباء وتسير عربة المترو وتفترق يديهما..، تحدثوا الى ان وصلا الى المحطة لكن هذه المرة أصر على ان يوُصلها …
= بيتك قريب؟!
-نعم..
=أظن أن والداكِ ينتظرانك بقلق..
-لا..فـ أنا اقنط هنا بمفردي..
= أهما متوفيان! معذرةً..
-لا لا..فقط في بلدة أخرى.. انا أُقنط بمنزلنا هنا للدراسة.
= لما لستِ بالمدينة الجامعية.. أظن انه افضل من ان تكونِ بمفردك..
– لا.. فـ أنا احب الحرية.. لا احب الالتزام بتلك القيود بمساكن الطالبات..قوانين سخيفة..،وصلنا شكراً على ايصالك..
= ايمكنني الحصول على بريدكِ الإلكتروني..
– بالطبع…
روتين يومُها تبدل للأفضل استبدلت الموسيقى بالحديث معه حتى جلوسها قُبيل الفجر في الشرفة تحادثه، أقتربا كثيراً من بعضهما.. تحبه كأم تخاف أن يمرض او يحدث له سوء ..فهي بمثابة الطاقة الايجابية بالنسبة له ،هو أيضاً يحب الحديث معها وإخبارها عن كل تفاصيل يومه التي هي جزء من تلك التفاصيل..حتى تلك الاخطاء التي كان يرتكبها كان يخبرها بها لتغفر له دون مجادلة رغم ذلك الألم الذي تشعر به لكن حبها له يداويه، لا يتخذ قرار إلا بعد ان يسألها عن رأيها لو عن شئ تافه كـ أختياره لما سوف يرتديه.. كانت جزء من حياته..، وهو كان حياتها.. تحملت كثيراً من مسافات سفره للدراسة وعمله فهي مؤمنة ان ذلك الأفضل بالنسبة له ولا يجب الوقوف أمام حُلمه،كانت تكتفي فقط بمقابلته في عطلته ومحاثته حين يكون متفرغ..، حديثهما كان أقل عما اعتادا عليه لكنها لم تنزعج من ذلك الشيء ف هي تعلم جيداً صعوبة الدراسة..كانت كل ما تريده فقط الاطمئنان عليه..، كانت في بعض الأوقات تشبه الوردة الذبلة حين يكن هو متعب او منغمس في مشكلات دراسته..و أحيان اخرى تكن وردة ربيع حين يحادثها بكلمات طيبة..، لم تكن كالأخريات تضغط على أعصابه تحت مبرر الشعور بالغيرة فـ كانت تثق به وتثق ان علاقته بالفتيات لا تندرج الا تحت مسمى الصداقة او علاقة العمل ..كانت تحاول الاقتناع بذلك حتى لا تغضبه..، الى أن بدأ حديثه معها يقل تدريجياً ..، كانت تقنع نفسها بأنه مشغول بدراسته وعمله وحين يفرغ سيحادثها..،حين يحادثها يكن الكلام جامد تحاول هي تلطيفه في عقلها ..
تلك المرة التي حدثها فيها لم يكن كلامه جامدً كان حجارةً مشتعلة تقذف على قلبها ..
= علي الابتعاد ..
-ابتعاد!!
= أجل الابتعاد.. لا أريدك أن تُظلمي وتنتظري كثيراً ..ف أنا لن أعد ثانيةً
-لما..ماذا حدث؟! لما ذلك القرار فجأة..
= لقد رتبت حياتي وعملي ودراستي هنا اذا عدت سيضيع كل شيء..
– و أنا؟!
= لا أريدك أن تُظلمي وتنتظري وهم..
-…
=لقد تزوجت ايضاً..فذلك شيء أفضل أن احصل على الجنسية..
– تزوجت..
= لا اريدكِ ان تُجرحي..
-أُجرح.. لقد قُتلت..مبارك..
=…
لم يكن ذلك بجرح صغير..كان ذلك بطعنة سكين في قلبها تتألم وتنزف منتظرة الموت كي تتخلص من ذلك الألم..،لم تتفوه بكلمة بما تشعر به كي لا تهتز كرامتها..فهي لا تقبل ان يشفق عليها ذلك المحتال الأناني..، لقد سلب منها قوتها وبراءتها حتى أصبحت هشة جداً من الداخل..قلبها مجرد حطام..،كرهت الحب ودراما وافلام الحب ، فهي أصبحت تؤمن أنه لا وجود للحب…

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى