بقلم : د. قمره بنت حطاب السبيعي
أستاذ القيادة الإدارية والتعليمية وبرامج الموهوبين المساعد
أثناء حضوري لأحد الملتقيات العلمية، جلست بجوار رجل مسن لم ألتقِ به من قبل. في لحظة عابرة، سأله أحد الحضور عن مهنته، فأجاب بثقة وهدوء:
“I am a financial professor.”
بدأ الجواب بسيطًا في ظاهره، لكن صداه في داخلي كان مختلفًا.
تساءلت:
هل يعني ذلك أنه ثري؟
هل يدير أمواله بوعي واتزان؟
هل يعيش ما يُدرّسه لطلابه؟
وهل كل من يُلقّن الآخرين مبادئ مالية هو بالضرورة قد أتقنها في حياته؟
تلك الإجابة، بصياغتها الواثقة، دفعتني إلى مساحة من التأمل.
أدركت أن كثيرًا من المهن والتخصصات تحمل افتراضات ضمنية؛
فنحن نظن أن الطبيب لا يمرض، والمدرب الرياضي لا يرهق، والمستشار النفسي لا يعاني، وأستاذ المالية لا يُخطئ في إدارة ماله.
لكن الواقع أكثر تعقيدًا.
قد يتخصص الإنسان في علم، ويبدع في تدريسه، ويمتلك رؤية نقدية وتحليلية عميقة، دون أن يكون قد مارس كل تفاصيله بعد.
قد يرى الطريق بوضوح، لكنه لم يَسِر فيه بعد، أو يسير فيه بخطى مترددة، كما يفعل كثير من البشر.
فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون