كتب / فاضل العباس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عندما يكون الجهل في قمة صوره، الجهل المسبب للسكينة، فتسوق الخرافة والتنبؤات الإنسانية التي يدعيها بعض الجهلة ويجعل من البسطاء والجهال والفارغين في اي مجتمع كليةً من الإيمان في الحياة اليومية. فالغيبيات التي هي من صفات الله وتميزه وحده بها (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها ألا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورق الا يعلموها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا كتاب مبين) يتباهها فيها البعض ويدعيها بعلمية وتشاور مع قوى خارجة عن الرؤيا ، متاحة لعقله وعيونه ويوهم البسطاء والجهلة على أنها من مسلمات الحياة الدينية وتصبح الخرافة وقراءة المستقبل والطالع والحظ جزء من حياة الملايين في عالمنا العربي ويُريدك الكثير من الشياطين ان تؤمن بها حد النخاع ليحقق في مخططه ما يريده من الاستغفال والاستغلال للعقول فتصبح كالمخمور او المخدر وهو يعمل ما يشاء ويضحك من الاستغفال
كتبت هذه وانا اطالع رائعة الروائي السوداني محمور زيادة( النوم عند قدم الجبل) التي تحولت الى فلم سينمائي بعنوان (ستموت في العشرين)الذي فاز بجائزة افضل فلم اول في مهرجان البندقية والتي تعرض بعد نشره للرواية وكتاباته الجريئة الى الاذى والمحاصرة الثقافية والطرد من الصحف التي كتب فيها وحرق بيته. وهاجر لمصر ليفوز بجائزة نجيب محفوظ للرواية عن رائعته (شوق الدراويش)
ومن الامور التي قالها محمور زيادة وهي مضحكة ان شيخا اصدر فتوى سرقها من كتاب فتاوى للقاعدة .بهذا يحارب اصحاب الفكر والتنوير والوعي بدواعي تحدي الذات الالهية جل شأنها او بالألحاد لكي تخرس الأصوات النيرة وليمضي البعض بالمحاصرة للعقل البشري وتغليب الجهل.
رواية النوم عند قدمي الجبل هي رواية العيش بالوهم في انتظار الموت عند العشرين من نبوءة ساقها شيخ صوفي لأبوي طفل حديث الولادة جعلهم وأياه والقرية يعيشون في انتظار الموت في ليلة عند العشرين من العمر .التي لم تتحقق لكن تحقق تمرد الشاب على حياته وحبسه في النبوءة طيلة العشرين عاما هو وكل القرية واسرته التي تفككت بسبب هذه النبؤة وخروجه من متلازمة داون الى الحرية والحياة والانطلاق وهو يتبع نهر النيل الخالد ويتعمد بالماء الذي كانوا يخوفونه به .الأستسلام للقدر هذا ما يريده دعاة التضليل والمدالسة وتبني الخرافة والخوارق البشرية والتنبؤات خلافا لقدرة الله .لكن بالتنوير والذكاء والوعي والثقافة يفتضح أمرهم.