ط
مقالات بقلم القراء

أشهر رسائل الغرام في التاريخ / من كتاب أنور الخالد . سوريا

من كتاب لأنور الخالد

( أشهر رسائل الغرام في التاريخ)

 

الرسالة الأولى

 

من مسز هملتون إلى الأميرال نلسن

 

المرسل: مسز هملتون

المرسل إليه :الأميرال نلسن

 

نص الرسالة

لا يشفع في كتابتي إليك إلا ذكرى أيامنا الماضية وأحلام الصبى التي كنا نتعلل بها. وقد انطوت اليوم صفحة تلك الآمال وانقضى ما بيننا من عهود كانت أشبه بحلم أعقبته يقظة هائلة.

 

كيفما التفت أرى العالم أشبه بفراغ لا تستطيع الكائنات جميعها أن تملأ زاوية من زواياه. ذلك لأن قلبي الذي كان طافحاً بأحلام السعادة قد أصبح اليوم خالياً ولعل قلبك أيضاً مثله فلا حب ولا آمال ولا عهود ولا وعود.

هل تذكر أيامنا السالفة والعهود التي كانت تربط قلبينا معاً رباطاً كنا نهزأ إذا قيل لنا أن الأيام ستفت فيه؟ أمل تقل لي يومئذ أنك تحب الحياة لأنني في الحياة، وتخشى الخلود لأنه قصير المدى في أعين المحبين؟ فأين ما كنا نتعلل به من أحلام الشباب؟

 

* * *

 

. . . . أنا جالسة إلى نافذتي اكتب إلي هذه الأسطر ولا اعلم أين أنت. أنت بعيد عني ولعل بين وبينك شقة شاسعة من الماء والفضاء. أرى الشمس وقد أوشك قرصها أن يختفي وراء الأفق وهي تنثر التبر من أشعتها الذهبية. كنت أود لو أنها لم تكن مشرقة على هذا العالم لأن ذلك أدعى إلى مؤاساة الحزين ولأن في ابتسامتها شماتة بالقلب المنكسر. وما أوقعها عظمة في النفس وهي واقفة تلقي على الكون حية الوداع.

 

* * *

 

لست ألومك لما جرى. . . ولكنني آسف لزهرة غرسناها فلما آن قطوفها لفحتها ريح محرقة. فإذا كانت الآلهة تستطيع أن تعاقب البشر فهذا منتهى الشدة في العقاب. ألم أحب

 

الآلهة لنني أحببتك؟ ألم أتمثلك دائماً الكل في الكل؟ ألم أقل لك أنني أخشى أن ينتهي الخلود قبل أن يشبع القلب من حبك؟.

 

* * *

 

لزمت الفراش مدة فلم أترك غرفتي قط. لا أزال أشعر بضعف وشقاء. في لجو غيمة، وفي قلبي غيوم. ليتني أنسى الماضي وأعود إلى ابتسامتي السالفة. أتذكر يوم كنت تقول لي إن ابتسامتي مسروقة من ثغور الملائكة؟ فأين أنت اليوم لتنظر ما قد حل بتلك الابتسامة؟

 

حقاً ما أظلم الآلهة: إنها تمنح الربيع للطبيعة، والأريج للأزهار، والحب للقلب، ولكنها تمنع الابتسامة عن ثغور الحزانى فما أشقى القلب الحزين – الحزين بسبب الحب!

 

* * *

 

فكرت فيك اليوم ملياً لسبب لا أدريه. ذكرتك فتمثلت نفسي كمن يستيقظ من حلم هائل. أصحيح أن ما بيننا قد انتهى؟ أصحيح أن صفحة الماضي قد انطوت؟ إذن لماذا لا تنطوي معها هذه الحياة؟ لماذا لا تخمد نبضات هذا القلب وتهدأ دقات هذا الفؤاد؟ أإلى هذا الحد يبلغ بالمرء الشقاء؟

 

* * *

 

إن الزمان هو الطبيب الأكبر يا. . . . هو سيشفيك من مرض الحب الذي ألم بك ردحاً من الأيام، وربما لا تزال آثاره في زوايا قلبك الذي كان قبلاً مسكناً لي. سوف يأتي يوم لا تذكر فيه من هذه التي تخاطبك الآن سوى شبح يتضاءل كلما مرت به الأيام إلى أن تسدل عليه حجاباً، وتقذف به في هاوية الماضي. وما أعرب تلك الهاوية اللاقرار لها – أبدية تفغر فاهاً لتبتلع كل تذكاراتنا العذبة، وأحلامنا الماضية – رحماك أيتها الأبدية بتلكم الآمال!

 
* * *

قلبي مفعم غماً وآلاماً مبرحة. ونفسي تميل اليوم كثيراً إلى الدير. ولكنني كلما ثبت إلى نفسي رأيت الدير أشبه بمقبرة تزج فيها الفتاة نفسها وتقضي على البقية الباقية لها من الآمال في هذه الحياة. يقولون إن الدير أول محطة على الطريق إلى السماء. ولكن فاتهم أنه أيضاً مقبرة للأحياء تدفن فيها المرأة ما أبقى من حشاشتها الغرام. . .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى