ط
مسابقة الشعر الحر والتفعيلى

ألا يسمعنى أحد؟ مسابقة القصيدة النثرية بقلم /العيد ميلودي- الجزائر

خاص بالمسابقة
فئة: القصيدة النثرية
بعنوان: أَلاَ يَسْمَعُنِي أَحَدٌ ؟
بقلم / العيد ميلودي- الجزائر
هاتف: 213.0698.640.246+
البريد الاكتروني: [email protected]
قال تعالى: { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانَكُمْ فِي الدِّينِ}، الآية 5،الأحزاب
كُنْتُ سَاهِراً مَعَ حُرُوفِي أُرَاوِدُهَا
جَلَبَةٌ اقْتَحَمَتْ صَمْتِي وَ صَخَبٌ
سَارَعْتُ إِلَى الشُّبَّاكِ بِفُضُولٍ
وَ انْتَابَنِي شُعُورٌ غَرِيبٌ وَ رَهَبٌ
زُمْرَةٌ مِنَ الشُّبَّانِ يَتَشَاكَسُونَ
وَ فَتَاةٌ مَاضِيَةٌ فِي طَرِيقِهَا
نَزَلْتُ مِنْ غُرْفَتِي مُتَعَجِّلاً
عِشْرِينِيَّةٌ بِوَجْهٍ شَاحِبٍ
أَقْبَلَ الْفِتْيَةُ نَحْوِي ، يَتَمَايَلُونَ
وَ يَهْذُونَ بِكَلِمَاتِ غَرَامٍ وَ طَرَبٍ ،
قُلْتُ: مَا خَطْبُكُمْ؟
قَالَ أَحَدُهُمْ: وَ مَا يَعْنِيكَ شَأْنَهَا،
نَحْنُ نُرَاوِدُهَا، نُغَازِلُهَا،
فَقَطْ نَبْتَغِي سَهَراً وَ لَعِباً،
صَرَفْتُهُمْ بَعِيداً ، تَرَاجَعُوا،
بَعْدَ جُهْدٍ مُضْنٍ وَ تَعَبٍ،
اقْتَرَبْتُ مِنْهَا ، كَلَّمْتُهَا،
وَقَفْتْ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ،
وَ قَدْ بَدَا عَلَيْهَا إِعْيَاءٌ وَ نَصَبٌ،
زَفَرَاتٌ تَلْفُضُهَا،
مِنَ الْأَعْمَاقِ تُخْرِجُهَا،
اِخْتَلَجَتْنِي قَشْعَرِيرَةٌ ،
وَ أَحْسَسْتُ أَنَّهَا تُخْفِي أَهْوَالاً وَ كُرَباً ،
قُلْتُ: اخْبِرِينِي مَا وَرَاءَكِ
لِهَذَا الْوَقْتِ مَا بَقَاؤُكِ ؟
مَنْ عَكَّرَ صَفْوَ مَسَاءَكِ ؟
مَنْ رَمَاكِ بِسِهَامِ عَطَبٍ ؟
هَمَسَاتٌ خَافِتَةٌ مِنْ شَفَتَيْهَا
حَدَّقَتْ فِي عَيْنَيَّ
لَمْ تَتَمَالَكْ عَبَرَاتِهَا
وَ أَجْهَشَتْ بِالْبُكَاءِ
وَ أَمْطَرَتْ مِنْ كَثِيفِ السُّحُبِ
قَالَتْ: – وَ السَّيْلُ يَخُطُّ عَلَى ِوجْنَتَيْهَا –
أَنَا ضَائِعَةٌ مَا لِي أَحَدٌ
هَائِمَةٌ ، لاَ أَدْرِي سَبِيلِي
رَفِيقِي حُزْنٌ وَ كَمَدٌ
سِنِينٌ حَفَرَتْ جُرُوحاً غَائِرَةً
أُكَابِدُ الْخَوْفَ ،
وَ اللَّيْلُ يَزِيدُ هَمِّيَ مَدَداً
أَمْسِي قَهَرَنِي بِقَسْوَةٍ
تَرَكَنِي غَرِيبَةً ،
مَا لِي اِسْمٌ ، مَا لِي عُنْوَانٌ ،
مَا لِي سَنَدٌ
أَحْمِلُ أَثْقَالاً ، تَهُدُّ جِبَالاً
تَصْعَقُ سَمَاءاً ، تَخْرِقُ أَرْضاً
مَاذَا أَحْكِي يَا أَخِي؟
طَوِيلَةٌ قِصَّتِي ،
بِقَدْرِ مَا تَلْفِضُ الْأَبْحُرُ زَبَداً ،
عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَجَدُونِي مَرْمِيَّةٌ ،
رَضِيعَةٌ بَرِيئَةٌ ،
فِي عُلْبَةِ ” كَرْتُونٍ ”
بِاحْتِقَارٍ
جَعَلُوهَا لِي مَأْوىً وَ مَهْداً ،
فِي عِزِّ الشِّتَاءِ ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ،
رَمُونِي بِلاَ رَحْمَةٍ
بِلاَ حِسٍّ ، بلا كَبِدٍ ،
لاَ أَعْرِفُ أُمِّي
حَائِرَةٌ أَنَا ، حَقِيرَةٌ أَنَا ،
لِمَاذَا تَتْرُكُنِي هَكَذَا ؟
لِغَدْرِ الذِّئَابِ ، لِقَانُونِ الغَابِ ،
لِقَهْرٍ مَا لَهُ أَمَدٌ
وَ جَنَتْ عَنِّي الْأَيَّامُ ،
وَ تَجَرَّعْتُ مِنْ مَرَارَتِهَا ،
أَلْوَاناً مِنْ عَذَابَاتٍ ،
أَصْنَافاً مِنْ جِرَاحَاتٍ ،
أَأُحْصِيهَا مَا لَهَا عَدَدٌ ،
لَا أَنَامُ كَالْبَشَرِ ،
يَحْرِقُنِي اللَّيْلُ ،
يُغْرِقُنِي السَّيْلُ ،
يَعْرِفُنِي الْوَيْلُ ،
أَتَقَلَّبُ مِنْ وَجَعِي ،
عَلَى فِرَاشِي، عَلَى قِطَعِ الْكَرْتُونِ
كَلُعْبَةٍ تَافِهَةٍ ، كَمُكَعَّبَاتِ نَرْدٍ
الَكُلُّ يَرْمُقُنِي بِخُبْثٍ ،
يَرْمِينِي بِعَبَثٍ ، بِاشْمِئْزَازٍ،
أُمْضِي لَيَالٍ جَائِعَةً ،
أَبِيتُ عَلَى الطَّوَى ، أَشُدُّ بَطْنِي ،
لاَ يَسُدُّ جُوعِي اَحَدٌ،
وَ أَنَا فِي الشَّارِعِ ،
أَرَى الطِّفْلَ يُدَاعِبُ أُمَّهُ ،
يَشُدُّ يَدَ أَبِيهِ ، يَحْمِلَهُ فِي حُضْنِهِ
يَعْتَصِرُ قَلْبِي ، يَتَأَجَّجُ حَنِينِي ،
يَلْتَهِبُ شَوْقِي ،
لِأُمِّي ،لِأَبِي ،
أَيْنَ هُمْ ؟
لِمَنْ هَذَا الْوَلَدُ ؟
مِنْ جُنُونِي ؛
أَسْأَلُ: أَيَّتُهَا السَّمَاءُ ،
هَلْ يَأْتِي يَوْمٌ أَسْتَرِيحُ فِيهِ ؟
هَلْ يَنْتَهِي الْعَنَاءُ ؟
هَلْ تَمْسَحِي دَمْعَتِي ؟
هَلْ يَخْتَفِي الشَّقَاءُ ؟
هَلْ تُرجِعِي لِي بَسْمَتِي ؟
هَلْ أَعُودُ كَمَا كُنْتُ حَسْنَاءَ ؟
هَلْ أَفْرَحُ بِحُبٍّ ؟
وَ أُزَفُّ إِلَى حَبِيبِي ،
إِلَى عُشِّ بَيْتِي ، إِلَى أُنْسِ خِدْرِي ،
هَلْ يَعُودُ لِي شَرَفِي؟
هَلْ أَعُودُ كَمَا كُنْتُ عَذْرَاءَ؟
هَلْ تَعُودُ لِي أُمِّي ؟
هَلْ تَذْكُرُنِي؟
فَأَلُوذُ إِلَى حُضْنِهَا ، أَغْفُو لَحْظَةً فَقَطْ ،
تَمْحِي أَيَّامِيَ التَّعْسَاءَ ،
أَسْتَنْشِقُ صَدْرَهَا ، أُقَبِّلُ جَسَدَهَا ،
وَ بَعْدَهَا أَمُوتُ ، لاَ أَخَافُ الْفَنَاءَ ،
أَمْ تُرَى لاَ تَذْكُرُنِي ؟
وَ رَمَتْنِي كَقِطْعَةِ لَحْمٍ ،
وَ يَحْتَرِقُ عُمْرِي جَفَاءً ،
أَسْأَلُ : أَيُّهَا الْلَّيْلُ !!
هَلْ يَعُودُ أَبِي ؟
كَيْفَ أَهُونُ عَلَيْهِ لِهَذَا الْحَدِّ ؟
أَأَصْبَحْتُ شَيْئاً رَخِيصاً ؟
أَلاَ أَخْطُرُ عَلَى بَالِهِ ؟
كَيْفَ يَصُدُّ هَذَا الصَّدُّ؟
لِمَنْ يَتْرُكُنِي؟
أَلَسْتُ مِنْ صُلْبِهِ ؟
كَيْفَ يَتَنَكَّرُنِي؟
أَلَسْتُ فَلِذَةَ الْكَبِدِ؟
أَمْ أَنَّهُ تَبِعَ غِوَايَةَ النَّفْسِ ، شَهْوَةً عَابِرَةً ،
يَتَبَاهَى بِنَفْسِهِ ،
صَالَ صَوْلَةَ الْأَسَدِ ،
نَزْوَةً خَسِيسَةً ، مُتْعَةَ الْجَسَدِ ،
أَنَا لاَ أَطْلُبُ شَيْئاً ،
سِوَى نَظْرَةً ، سِوَى لَفْتَةً ، سِوَى قُبْلَةً ،
مِنْ أُمِّي ، مِنْ أَبِي،
تُطَمْئِنُنِي ، تُهَدِّئُ نَفْسِي ،
وَ لَكِنْ هَيْهَاتَ ،أَسَفاً ،
لاَ مَعْنَى لِحَيَاتِي ، لِأَيَّامِي ،
فَكُلُّهَا هُرَاءٌ ،
أَنَا جُثَّةٌ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ،
لَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ مِنْ دُنْيَاكُمْ ،
فَقَطْ أَنَا جُثَّةٌ تَرَى الشَّمْسَ فِي اللَّحْدِ ،
صَامِتَةٌ ،
أَلاَ يَسْمَعُنِي أَحَدٌ ؟

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى