ط
حوادث

ألقى في وجهها سلة بلاستيكية فقتلته ولتقدم دم الزوج إفطارا

منذ 10 سنوات تفتحت مقلتا “وردة” على أول زهرة تضيء بستانها، رُزقت بـ”آدم” فتمنت له عمرًا مديدًا وحياة سعيدة تمنحه خلالها رحيق وُدّها وحبها قدر ما استطاعت إلا أن حلمها تبدد وأضحى سرابًا، إذ زُج بها خلف القضبان تنتظر مصيرها بعدما حملت لقب “قاتلة” في جريمة هزت منطقة العمرانية بالجيزة.

في حفل زفاف بهيج بحضور الأهل والأقارب تزوجت “وردة” من أحد الأشخاص، تعاهدا على السير معا وتجاوز الصعاب مهما بلغت حدتها إلا أن الأمر لم يدم طويلا، عصفت رياح المشكلات بعش الزوجية لتنفرط حبات العقد.

وصل قطار الزوجين محطته الأخيرة، انفصلت “وردة” عن رفيق دربها، اتفقا على مكوث ابنهما رفقة والدته؛ للاعتناء به وتنشئته بشكل صحيح إذ قررت تكريس حياتها لفلذة كبدها.

أتت رياح الهوى بسيناريو مختلف عن ذلك الذي رسمته السيدة الثلاثينية، أحبت ابن عمتها “أحمد سيد شمندي” الذي يكبرها بـ3 سنوات فقط، في غضون فترة وجيزة أضحت أسيرة كلامه المعسول، إذ وقعت في شباك الحب والغرام التي نصبها ابن العمة.

لم تتردد ذات الـ33 ربيعا في قبول طلب “أحمد” للزواج منها، لاسيما تأكيده حسن معاملة طفلها وكأنه من صلبه. منذ 3 أشهر عُقد قران العروسين وانتقلا للعيش في شقة متواضعة بالطابق الأول في عقار سكني بشارع متفرع من شارع مستشفى الصدر بحي العمرانية غربي محافظة الجيزة تاركة منزل أسرتها بمنطقة الكُنيسة.

أحبت “وردة” زوجها حبا جما، لم تنطفئ نيران الحب داخل تلك المضغة الساكنة في الجانب الأيسر من جسدها “القلب” حتى عرفت بغيرتها الشديدة عليه، خاصة حسن معاملته لطفلها “آدم” حتى أنه منذ شهر اصطحبها إلى إحدى المدن الساحلية لقضاء إجازة الصيف.

ظنت العروس أنها وجدت ضالتها، وأن “أحمد” بمثابة “العوض” عما تعرضت له من معاملة سيئة ومشكلات متكررة بينها وبين طليقها دون أن تدري بما ستؤول إليه الأمور بين عشية وضحاها، حيث تبدلت الأمور رأسا على عقب.

يعمل “أحمد” سائق على سيارة أجرة، يتركها أسفل العقار سكنه في الشارع الضيق، يخرج في الصباح بحثًا عن الرزق ويعود مساءً لتناول وجبة الغداء مع زوجته وطفلها ومن ثم الخلود إلى النوم لأخذ قسط من الراحة يعينه على مشقة العمل في اليوم التالي.

صباح الجمعة الماضية، أيقظت “وردة” زوجها: “صلاة الجمعة قربت.. هتفطر إيه فول وطعمية ولا فينو ولبن؟” قبل أن تطالبه: “انزل اشتري الحاجة اللي أنت عاوزها من تحت”.

لم يلق طرح الزوجة قبولًا لدى “أحمد” الذي رفضه جملة وتفصيلًا: “مش قادر عاوز أنام” فاختارت الرد عليه بالسب والشتم، فألقى في وجهها سلة بلاستيكية، تلك النقطة الفارقة التي أخذ معها الخلاف منعطفًا خطيرًا انتهى بالدم.

“الله أكبر الله أكبر”.. نطق المؤذن بنداء الحق داعيًا إلى صلاة الجمعة، توجه الحاج “محمود” إلى المسجد القريب قبل أن يغير وجهته مع توقف سيارة إسعاف أمام العقار في أثناء نقل جاره السائق “أحمد” محمولًا على السرير الطبي وسط بكاء زوجته محدثة إياه: “جات له سكتة قلبية” ليرافقها إلى مستشفى أم المصريين.

“البقاء لله”.. فشلت مساعي الفريق الطبي بقسم الاستقبال في إنقاذ “أحمد سيد” الذي وصل متوفًى إلا أن أحد الأطباء طالب رجال الأمن بالتحفظ على مرافقي الحالة لحين حضور رجال الشرطة قائلًا: “الوفاة مش طبيعية.. في شبهة جنائية”.

بالانتقال إلى قسم شرطة العمرانية، لم يكد يصل العميد محمد نبيل مأمور القسم مكتبه، عائدًا من صلاة الجمعة، يتلقى إشارة عبر جهاز اللاسلكي من الخدمات الأمنية بمستشفى أم المصريين بوصول أحد الأشخاص جثة هامدة، ووجود شبهة جنائية في الوفاة.

انتقلت قوة من القسم إلى المستشفى، وتبين بالفحص المبدئي أن الجثة لسائق يدعى “أحمد سيد” يبلغ من العمر 36 سنة، وبها 3 طعنات (الرقبة – الجانب الأيسر – الظهر)، ليبادر أحد الضباط بسؤال زوجته عما حدث: “كنا بنهزر وقع على مسمار.. أغمى عليه لوحده”.

كلمات الزوجة كانت محل شك وريبة من قبل الرائد مصطفى عبدالله رئيس مباحث العمرانية ومعاونه الرائد محمد نجيب، ازدادت مع ارتباكها وتلعثمها في الحديث لتتجه أصابع الاتهام إليها بأنها وراء مقتله.

انطلق أحد رجال الشطة إلى منزل الزوجين بحثًا عن دليل قاطع تتكشف معه أسرار وخبايا تلك الجريمة، أولى هذه الأدلة كانت “تي شيرت” خاص بالضحية عليه آثار دماء، وسكين مدمم مخبأ أسفل سرير غرفة النوم.

حاولت “وردة” مراوغة ضباط المباحث لكن بتطوير مناقشتها ومواجهتها بالأدلة انهارت وأدلت باعترافات تفصيلية لجريمتها التي اقترفتها في حق نفسها وطفلها وزوجها فاصطحبتها قوة إلى ديوان القسم للتحقيق.

أمام العقيد محمد غراب وكيل فرقة الطالبية والعمرانية، قالت المتهمة إنها لم تقصد قتل زوجها: “هو ضربني الأول، فاعتدت عليه بسكين أحضرته من المطبخ”، لافتة إلى أنها بعد تأكدها من وفاته، بدلت ملابسه وطهرت جروجه بواسطة “كولونيا”، بعد دقائق من صلاة الجمعة، لتقدم دم الزوج إفطارًا.

ما حدث سجلته ذاكرة الطفل “آدم” الذي حضر الحدث الأصعب في حياته، طالبته والدته بتنظيف الأرضية من آثار الدماء، ثم استنجدت بوالدتها وشقيقها لتجاوز الأزمة، واتصلت بالإسعاف لنقله إلى المستشفى ليبدو الأمر وفاة طبيعية.

بالعودة إلى الشارع محل الواقعة، اتشحت المنازل بالسواد، والقلوب حزنًا ممزوجًا بصدمة من هول الفاجعة، يثني الجيران على أخلاق المجني عليه: “حمادة كان طيب وجدع وفي حاله” بينما يتبادل بعض النسوة الحديث حول الجريمة المؤسفة شاخصين ببصرهن نحو شرفة الشقة الشاهدة على تفاصيلها: “البيت اتدمر.. الزوج تحت التراب وزوجته في السجن”.​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى