ط
الشعر والأدب

أنا الريفى ..قصيدة للشاعر / سطان الهالوصى

سلطان
قصيدة : أَنَا الرِّيفِيُّ
شعر/سلطان الهالوصي
————————
مَهَرْتُ قَصِيدَتِي مَهْرًا ثَرِيَّا
بِحَرْفِ الضَّادِ قَرَّطَهَا حُلِيَّا
وَصَرَّعْتُ الطَّلِيعَةَ مِنْ بُيُوتٍ
بِعَجْزٍ يَشْبُكُ الصَّدْرَ الرَّوِيَّا
وَطَوَّقْتُ الْمَعَاصِمَ مِنْ بَدِيعٍ
زَهَا الْمَعْنَى جَمَالًا جَوْهَرِيَّا
وَدَلَّيْتُ الرَّوِيَّ مِنَ الْقَوَافِي
خَلَاخِيلَ الْغِنَا طَرِبَتْ شَجِيَّا
لَهَا فِي الْحُزْنِ وَالْأَفْرَاحِ صِيتٌ
وَفِي الْإِنْشَاءِ تُصْدِي جَهْوَرِيَّا
وَمِنْ سُهْدِي الطَّوِيلِ قَبَسْتُ كُحْلًا
لِأَعْيُنِهَا صَفَا لَيْلًا دَجِيَّا
أَطَرْتُ الْحُسْنَ فِي صُوَرٍ تَجَلَّى
بِأَشْطُرِهَا لِنَاظِرِهِ بَهِيَّا
وَمِنْ قَاعِ الْخَوَالِجِ صِدْتُ دُرًّا
لِأَنْحَتَ مِنْهُ عِقْدًا مَرْمَرِيَّا
أُزَيِّنُ صَدْرَهَا فِكْرًا بَكِيرًا
لِيُثْمِرَ عَجْزُهَا ثَمَرًا جَنِيَّا
وَعَنْوَنْتُ الْجَبِينَ بِتَاجِ زَهْرٍ
فَأَضْحَتْ كَعْبَةً جَذَبَتْ حَجِيَّا
وَأَسْكَنْتُ الْبَلَاغَةَ حَشْوَهَا فَاكْـ
ـتَسَتْ ثَوْبَ الْمَلَاحَةِ مُخْمَلِيَّا
أُحَنِّئُ كَفَّهَا بِمِدَادِ حِبْرِي
وَأَخْتِمُ بَوْحَهَا بِاسْمِي زَهِيَّا
فَصَارَتْ كَالْعَرُوسِ بِلَيْلِ عُرْسٍ
بِكَامِلِ حُسْنِهَا زُفَّتْ إِليَّا
وَأَنْطَقْتُ الْفَصَاحَةَ مِنْ لِسَانٍ
رَقَي التِّبْيَانَ سِحْرًا سَرْمَدِيَّا
فَمَا اسْتَعْصَتْ عَلَي نَظْمِي بُحُورٌ
وَلَكِنْ كُنْتُ بَحَّارًا قَفِيَّا
وَلَمْ أَكُ فِي الْخَطَابَةِ دَرْعَمِيَّا
وَلَمْ أَمْلُكْ لِسَانًا أَزْهَرِيَّا
أَنَا الْمَوْلُودُ فِي حِضْنٍ خَضِيرٍ
بِتَصْوِيرِ الْجَمَالِ وَحَى إِلَيَّا
أَلِفْتُ هَمِيسَهُ بِرَهِيفِ حِسٍّ
إِلَى مَرْآهُ يَهْفُو نَاظِرَيَّا
أَنَسْتُ بِدِفْئِهِ رَحِمًا وَأُنْسًا
فَأَطْلَقْتُ اللِّسَانَ بِهِ حَكِيَّا
وَمِنْ أَوْطَابِهِ أُرْضِعْتُ حُبًّا
رَوَى رُوحِي فَقَرَّتْ مُقْلَتَيَّا
حَبَوْتُ عَلَى خَمَائِلِهِ صَغِيرًا
وَحُلْوُ اللَّهْوِ أَنْشَانِي صَبِيَّا
وَفِي خَلَدِي حَفَرْتُ لَهُ عُيُونًا
تَرَى الْمَاضِي بَهَاءً مُجْتَلِيَّا
فَتَرْصُدُ ذِكْرَيَاتٍ سَاكِنَاتٍ
جَنَا الْخَفَّاقِ رَصْدًا مِجْهَرِيَّا
فَنِعْمَ الْحِضْنُ رَبْعًا لِيْسَ بُورًا
حَبَا الْخَيْرَاتِ جَوَّادًا سَخِيَّا
زَرَابِيُّ النَّبَاتِ بِهِ كَفَرْشٍ
وَسَجَّادٍ تَبَهْرَجَ أَعْجَمِيَّا
وَمِنْ نُوَّارِ بُرْعُمِهِ سِرَاجًا
وَقَدْتُ فَتِيلَهُ أَمَلًا سَنِيَّا
فَلَمَّا أَثْمَرَتْ أَنْشَدْتُ شِعْرًا
تَغَنَّى فِى الْحَصِيدَةِ فَلْسَفِيَّا
وَيَرْبُطُنِي وَطَمْيَ ثَرَاهُ عِرْضٌ
وَمِيثَاقٌ أَظَلُّ لَهُ وَفِيَّا
فَأُرْغُولٌ فَمَوَّالٌ فَتُوتٌ
فَسَاقِيَةٌ أَظَلُّ لَهُمْ حَنِيَّا
وَغِيدٌ قَدْ قَرَضْنَ الْبَدْرَ نُورًا
بِبَضِّ خُدُودِهِنَّ بَدَا كَفِيَّا
كَحِيلَاتٌ طِلَالٌ نَاهِدَاتٌ
كَأَسْنِمَةِ الْجِمَالِ رَبَتْ رُبِيَّا
فَذِي الْبَلْجَاءُ إِنْ شَرِبَتْ فَوَيْلِي
لَخِلْتُ الْمَاءَ فِى الْعَنْقَا مَدِيَّا
كَأَنَّ الْمَاءَ فِى الْبِلَّوْرِ يَسْرِي
وَلَمْ يَكُ جَوْفَ بِلْعَوْمٍ خَفِيَّا
فَإِنْ مَادَتْ قَطُوفُ الْمَشْيِ مَيْدًا
لَفَاقَتْ فِى رَشَاقَتِهَا ظُبِيَّا
وَإِنْ مَرَّتْ عَلَى شَمْطَا رَقُوبٍ
لَقالَتْ : وَيْكَ فَحْلَ الْقَوْمِ هَيَّا!
فَهَلْ ذَهَبَ الرِّجَالُ إِلَى جَحِيمٍ؟
أَمِ الْحَوْرَاءُ تَنْتَظِرُ الْعَمِيَّا!
وَذِي مَكْحُولَةُ الْعَيْنَيْنِ وَارَتْ
بِحَافَةِ شَالِهَا ثَغْرًا خَزِيَّا
عَلَى اسْتِحْيَاءَ صَامَتْ عَنْ حَدِيثٍ
وَإِذْ بِلِحَاظِهَا سَرَدَتْ حَكِيَّا
تُشَدُّ لَهَا قُلُوبٌ بِافْتِتَانٍ
وَتَوَّاقٌ لَقَى مِنْهَا نَهِيَّا
وَسَاحِرَةٌ بِنَجْلَاوَيْنِ تَهْوَى
بِخَضْرَاوَيْنِ قَنْصًا بَرْبَرِيَّا
فَمَدُّ الطَّرْفِ مِنْهَا لَيْسَ إِلَّا
وُقُوعًا فِى بَرَاثِنِهَا سَبِيَّا
وَذِي هِرْكَوْلَةٌ زَجَّتْ خَبِيزًا
بِعَرْصَةِ فُرْنِهَا هَاجَتْ شَهِيَّا
عَلَى حَدٍّ سَوَاءُ فَتًى وَكَهْلٌ
إِذَا لَاحَتْ لَهُ دَرَّ الْمَذِيَّا
لَهَا ضَحَكَاتُ إِبْرِيقٍ مُنَدَّى
تَرَقْرَقَ مَاؤُهُ يَسْقِي ظَمِيَّا
تُرَحْرِحُ فَوْقَ مِطْرَحَةٍ خَبِيزًا
فَيَطْرَحُ غُصْنُهَا ثَمَرًا طَرِيَّا
وَمَعْ هَزَّاتِهَا يَهْتَزُّ قَلْبِي
بِفَرْطِ الْإِشْتِهَاءِ صَبَا غَوِيَّا
فَتَطْرَحُهُ بِعَرْصَتِهَا بِدَلٍّ
وَخَدٍّ يَحْتَوِي وَرْدًا نَدِيَّا
أَلَمْ تَدْرِي الضَّحُوكُ بِأَنَّ قَلْبِي
هُوَ الْمَطْرُوحُ كَيْ يَشْتَاطَ شَيَّا!
وَطَاهِيَةٌ عَلَى وَابُورِ جَازٍ
أبَى الْإِشْعَالَ غَضْبَانًا عَصِيَّا
إِذَا كَبَسَتْهُ كَبَّاسًا صَحَا لَا
يَنِي بِجُؤَارِهِ يُصْدِي دَوِيَّا
أَنِيسُ الدَّارِ فَاقَ الدِّيكَ أُنْسًا
يَلِي السُّكَانَ فِى سَكَنٍ كَرِيَّا
فَإِنْ فَرَغَتْ عَنُودٌ مِنْهُ -هَمَّتْ
لِكَبْحِ صَرِيخَهُ- غَرَفَتْ قَدِيَّا
طَبِيخًا أَفْيَحَ النَّكَهَاتِ مُزًّا
أَثَارَ لَهُ مُجَاوِرَ أَوْ قَصِيَّا
وَحَالِبَةٌ مُبَكِّرَةٌ بَتُولٌ
بِكَفٍّ مِنْ حَرِيرٍ قَدْ تَزَيَّا
وَ حِلْمٍ نَمَّ عَنْ صَدْرٍ وَسِيعٍ
بَدَا وَأَنَامِلٍ أَرْخَتْ طَبِيَّا
تُحَنِّنُ ضَرْعَ هَاجِرَةٍ حَلُوبٍ
وَنَجْمُ الصُّبْحِ يَرْقُبُهَا عَنِيَّا
لِتَسْقِيَ مِنْهُ شَغَّالًا دَؤُوبًا
وَتُرْضِعَهُ يَتِيمًا أَوْ عَجِيَّا
عَلَى زَمَنٍ جَمِيلٍ قُلْ سَلَامٌ
كَفَى بِالْحُبِّ خَفَّاقًا حَيِيَّا
سَلَامٌ يَحْتَوِي حِضْنًا لَهِمًّا
تَكَفَّلَ لِلْوَرَى عَيْشًا رَخِيَّا
عَلَيْكَ الْأَمْنُ مَا صَاحَتْ دُيُوكٌ
وَأَنْجَبَتِ الْحَشَا نَبْضًا وَعِيَّا
أَنَا الرِّيفِيُّ مَوْسُومٌ بِأَصْلِي
رَبَعْتُ رُبَى الْكِنَانَةِ مَضْرَحِيَّا
سَقَيْتُ النَّبْتَ مِنْ عَرَقِي كِفَاحًا
وَضَرْبُ الْفَأْسِ أَفْتَلَ سَاعِدَيَّا
فَمَا كُنْتُ الْغَدَوْدَنَ فِى دِمَقْسٍ
عَلَى غَيْرِي مُعَالًا مُرْتَجِيَّا
كَصَقْرٍ قَدْ أَبَى جِيَفًا وَمَيْتًا
إِذَا لَاحَ الرَّدَى يَرْدَى طَوِيَّا
فَأَطْيَبُ لُقْمَةً مِنْ بَعْدِ كَدٍّ
بِإِخْلَاصٍ وَكُنْتُ بِهَا كَفِيَّا
وَأَعْذَبُ شَرْبَةً مِنْ فَضْلِ حِبٍّ
تَرَجَّى حِبَّهُ : خُذْ مِنْ يَدَيَّا
بَسَطْتُ رِضًى يَدَ الْإِحْسَانِ طُولَى
لِذِي عَوَزٍ فَكُنْتُ لَهُ الْقَرِيَّا
أُصِرُّ عَلَى الْعَطَاءِ فَلَا أُبَالِي
وَإِنْ عَضَّ اللِّئَامُ يَدِي مَلِيَّا
نَدِيمُ الصَّمْتِ فِى صَمْتِي حَدِيثٌ
عَلَا وَجْهًا بَرِيئًا مُبْتَلِيَّا
وَبَيْنِي وَالْعَجَاجِ بَنَيْتُ سَدًّا
وَقَى الْوِجْدَانَ لَغْوًا عُنْجُهِيَّا
تَطِيرُ بَنَاتُ أَفْكَارِي كَرِيشٍ
تَزَلَّقَ فِى سَمَا خَلَدِي وُصِيَّا
فَتَلْقَفُهَا أَكُفُّ تَأَمُّلِي فِى
تَتَابُعِ بَرْقهَا لَقْفًا شَرِيَّا
فَإِنْ بُحْتُ الْقَرِيضَ فَذَاكَ بَوْحِي
كَنَهْرٍ جَائِشٍ حَصَدَ الرَّمِيَّا
زَخَرْتُ قَرِيحَتِي بِمِدَادِ حُسْنٍ
وَثَالُوثُ الْجَمَالِ وَفَى إِلَيَّا
لِأَنْقُشَ بِالْيَرَاعِ مَهَارِقًا مِنْ
بَدِيعٍ مَا وَجَدْتُ لَهُ ضَهِيَّا
وَمِنْ هَالُوصَ لِي خَالٌ وَعَمٌّ
وَرِثْتُ بِعِرْقِهِمْ نَسَبًا صَفِيَّا
وَجَالَسْتُ الْجَهَابِذَ مِنْ كُهُولٍ
لِأَفْرِيَ فَرْيَهُمْ حِدْثًا فَتِيَّا
جَمِيعُ الْمُعْضِلَاتِ لَهَا حَكِيمٌ
قَضَى بِالْعُرْفِ حَلًّا مِفْصَلِيَّا
فَمَا نَالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ مِنِّي
وَإِنْ كَادَ الْأَرَاقِمُ جَاهِلِيَّا
فَلَا الْكَأْبَاءُ تُوهِنُ مِنْ عَزُومِي
وَلَا الْكَأْدَاءُ تَسْتَعْصِي عَلَيَّا
تَبِيتُ النَّائِبَاتُ كَجَمْرِ نَارٍ
وَتُصْبِحُ كَالرَّمَادِ ذَرَا نَفِيَّا
فَمَنْ لَمْ تُرْدِهِ الْأَرْزَاءُ سَحْلًا
يَعِشْ أَمَدًا طَوِيلًا أَجْدَلِيَّا
أَبَيْتَ اللَّعْنَ فَاعْلَمْ جَدَّ عِلْمٍ
عَدُوُّكَ اِبْنُ كَارِكَ – يَا بُنَيَّا
فَمَنْ فِي حِكْمَتِي سَيْفٌ مَضَاءٌ
وَمَنْ مِثْلِي رَوَى الْأَشْعَارَ رِيَّا
سلطان الهالوصي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى