ط
الشعر والأدب

أوقدى ..قصيدة للشاعر / عماد على قطرى

أوْقِدي

شعر : عماد على قطري

أوْقِدي شمعةً في ظلامِ الفؤادْ
لا تقُولي :
لماذا الفتَى القَرويُّ استحلَّ البِعادْ؟
أوقديها لعلَّ الذي سطّرتْهُ المنافي يذوبْ
عاندَ القلبُ ريحَ التَّشظِّي
ولكنْ أيُجدِي معَ الريحِ هَمسُ النسيمْ ؟
أوقدِي …
فالفتَى مُثخَنٌ بالوطَنْ
بالجراحِ التي عَلَّمتْنَا الرَّحيلْ
بالدُّموعِ التي لَوَّثتْ وجهَ أُمِّ البلادْ
مُثخَنٌ والخُيولُ التي أسْرَجَتْهَا الشُّموسُ
اعترَاها الهَوَى
واسْتَقالَ الضباحُ
مَرةً تِلوَ مَرَّةْ
يُقسِمُ القلبُ أن يستريحَ
يَشترِي خُبزَهُ و الجُريدَةْ
يشرُبُ الشايَ في ركنِ مَقهَى بلا لافِتَةْ
يَمنحُ البحرَ عندَ العصاري نسيمًا
يُكوِّرُ صدرَ البناتْ
يمسحُ الحَزنَ عن طفلةٍ في رصيفٍ وحيدْ
يسكُبُ الفرْحَ في خُطوةٍ مُستحِيلةْ
يَسكبُ الصمتَ زهوًا أمامَ الجَمالْ
أوقدي شمعةً
أمْسُ أوقدتُها ما سَرَى الضَّوءُ
أو عادَني طَعمُ فرْحٍ قديمْ
ربما في الترانيمِ يهوِي الفتَى والدُّعاءْ
أوقدِي…
لا تُبالِي بما أرْسلَتْ سِكةُ الآهِ
من عَادياتِ الغُوايةْ
مُثقلٌ بالبلادِ التي شَرَّدَتْ (حُلمَنا)
بالحنينِ الذي يَسرقُ الوقتَ
منْ ساعةٍ لا تُجيدُ الكذبْ
جاءَ صوتُ المذيعِ استعِدوا
وما قال هذا الغَبيُّ الطريقةْ
وما قال كيفَ اسْتطعْنا اجتيازَ المضيقْ
يا بلادي التي حَطَّمتْ خلفَنا الفَجرَ
قولِي لفخّارِ تلك الدروبِ استرحْ
كان صوتُ المغنِّي حزينًا
وكنتُ الذي في السَّحابْ
كنتُ ذاكَ الفتَى المنتمِي للبلادِ الوطَنْ
والبلادُ استراحتْ من الفجرِ
والشمسِ
والمتعَبينْ
لا يفيدُ البكاءُ اللعينْ
لم تعدْ هذهِ الأرضُ حُبلَى بغيرِ الودَاعْ
والغزاةُ الِّذينَ امْتَطَوْا صَهْوةَ النيلِ
قالوا : لنَا المجدُ
قلنا : آمينْ
فالعيونُ التي أدمنتْ جوعَنا
لم تزلْ مُقفلةْ
قال طفلُ الندَى : ربما مُثقلةْ
قال ذاكَ الذي عندَهُ بعضُ عِلْمٍ
عُيونُ المدَى من حَجَرْ
فافقَئِي كل حِينٍ عيونَ الوُشاةِ
وافقَئِي كلَّ صُبحٍ
عُيونَ الذينِ ارتَدُوا وجهَنا
كي يبيعُوا البناتْ
اصرُخِي في وجوهِ الملاعينِ باعُوا البياضَ
واضرِبي الظلمَ بالنيلِ حتى اخضرارِ الوريدْ
وامنَحِي الوقتَ وقتًا ليمحُو الزَّبَدْ
ربما لا تجيءُ النبوءاتِ لكنْ
هيَ الأرضِ شوقًا تتوقُ المياهْ
أوقدي شمعةً من دَمِي
أوقديها
فلا شيءَ عندِي سِوى قبضةٍ من دِماءْ
حَفنةً من ضُلوعْ
تَصلحُ الآنَ سَيْفَيْ قِصاصْ
مِزقةً منْ شرايينِ قلبي
وهذا الحنينْ
أوقدي إنّني طفلكُ المستَحِيلْ
أ
و
ق
د
ي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى