ط
مسابقة الشعر الحر والتفعيلى

أُمِّي ثم أُمّي .مسابقة القصيدة النثرية بقلم /ناصر قواسمى من الأردن

ناصر القواسمى من الأردن
مسابقة القصيدة النثرية

أُمِّي ثم أُمّي
وَأُمِّي مَا حَبِلَتِ الحُقُولُ
وَمَا قَالَتِ النَاياتُ لِلْغُرَباءِ قَبْلَ الرَحِيلِ
وَأُمي الجِهاتُ إِذْ تَتَّقِدُ
فَتَلِدُ السَفَرْجَلَ فِي حَائِطِ المُسْتَحيلِ
وَأُمِّي مَا غَنَّى الرُعَاةُ
وَمَا هَدَلَ الحَمَامُ عَلى سُورِ البَيتِ وَالجِهَاتِ
وَمَا كَتَبَ الرُوَاةُ
وَمَا نَوَّى الإِمَامُ حِينَ هَمَّ بِالسُجُودِ فِي الصَلاةِ
وَأُمِّي وَجْهُ اللهِ
وَاتِقَادُ نَوَايَانا فِي ثَلجِ الأَمَلِ
مَا دَوَّخَ النَحْلاتِ
وَهِي تُتِمُّ دَوَرَانَها بَينَ الزُهورِ وَقُرصِ العَسَلِ
وَأُمِّي النِهَاياتُ وَالبِدَاياتُ
وَكُلُّ الطُرقِ التي تُودي إِلينا وَالسَبيلُ
أُمِّي ثُمَّ أُمِّي ثُمَّ أُمِّي
حَتى يَفِزَّ بَرَدى وَيَحْضُنَ فِي مَائِهِ النِيلَ
2
وَأُمِّي الخُبزُ الذي
يُوقِظُ فِي قُلُوبِنا احْتِياجَنا لِلْحَياةِ وَالحَرْفْ
وَأُمِّي الوَطَنُ
الوَطَنُ الذي نَلْقَاهُ كُلَّمَا انْحَنَيْنا لِنُقَبَّلَ الكَفْ
وَأُمِّي نُواةُ القَلْبِ
وَمَا تَحتَ وَمَا فَوقَ وَمَا امامَ وَمَا خَلْفْ
وَأُمِّي اليَمِينُ وَأُمِّي الشِمَالُ
وَالضَميرُ وَالفَاعِلُ وَالهَمْزاتُ وَحُروفُ العَطْفْ
وَأُمِّي الجَزْمُ وَالنَهيُ
وَاللُغةُ التي فِي حَضْرَتِها كَالجُندِ تَصْطَفْ
وَأُمِّي وَجْهُ اللهِ
وَالرَحمةُ وَالضُوءُ وَكَاَُّ وَحَاشى وَلَسَوْفْ
وَأُمِّي ثُمَّ أُمِّي ثُمَّ أُمِّي
ثِقَلُ كُلِّ شَيءٍ وَكُلُّ شَيءٍ دُونَها خَفْ
وَأُمِّي ،
مَا مَرَّ بِبَالِ الماءِ حِينَ سَالَ
وَمَا قَالَ الحَمَامُ حِينَ حَطَّ وَحِينَ رَفْ
3
وَأُمِّي الخُبْزُ المُبَلَّلُ بِالدَمْعِ
وَرَائِحَةُ الأَرْضِ حِينَ يَلْمِسُ قَلْبَها المَطَرْ
وَأُمِّي نَايُ الرُعَاةِ فِي الحَقْلِ
وَصَوتُ اللهِ فِي الهَاتِفِ رُغْمَ السَفَرْ
وَأُمِّي اطْمِئْنَانُ قَلْبِ الحَزينِ
وَنُتوءُ العُشْبِ الطَرِيِّ فِي قَلْبِ الحَجَرْ
وَمَا شَاءَ اللهُ فِيَّ
وَمَا شَاءَ قَلْبي حِينَ رَفَّ عَالياً ثُمَّ انْحَسَرْ
وَأُمِّي القَضَاءُ وَأُمِّي القَدَرْ
وَمَا نَزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ مِنْ آياتٍ وَمِنْ سُوَرْ
مَا أَوَّلَ يُوسُفُ لِصَاحِبَيْهِ
وَمَا قَطَعْنَ أَيْدِيهُنَّ النِسْوَةُ حِينَ دَهْشَةِ النَظَرْ
وَمَا رَقَصَتِ الرِيحُ فِي الرِيحِ
وَمَا رَقَصَ الحَمَامُ وَمَا لَمْ يَتْرُكْ مِنْ أَثَرْ
أُمِّي ثُمَّ أُمِّي ثُمَّ أُمِّي
إلى أَنْ يَشَاءَ اللهُ أَوْ يَموتَ القَمَرْ
5
وَأُمِّي مَا قَالَ الشُعراءُ وَمَا كَتَبُوا
وَمَا وُلِدَ مِنْ بَطْنِ الأَرضِ لِلتوِّ
وَمَا جَادَتْ بِهِ السَمَاءْ
مَا فَرَّخَتِ العَصَافيرُ ،
مَا فَاحَ مِنْ عِطرٍ وَعَبِيرٍ
وَمَا إأْتَلَقَ مِنْ ضوءٍ وَمَا أَضَاءْ
وَأُمِّي خَيطُ الحَليبِ الأولُّ
وَالسِفرُ المؤجَّلُ
وَعَطايَا اللهِ لِلْأَرْضِ وَسِتُّ سِتِّ النِسَاءْ
وَأُمِّي لُغَتِي
وَبَيْتي
شِعْري وَشُعُورِي
وَمَا أَنْجَبَتْ وَسَتُنْجِبُ اللغَةُ مِنْ أَلفٍ إلى يَاءْ
وَأُمِّي الوَحِيدَةُ
الوَحِيدَةُ عَلى هَذِهِ الأَرضِ الرَحيبَةِ التي
تَعْجَزُ عَنْ وَصْفِهَا كُلُّ حُروفِ الهِجَاءْ
وَأُمِّي
المَرأَةُ التي تَمْلِكُ نَاصِيَتي
والتي أَحْنِي هَامَتِي وَقَلْبِي مِنْ أَجْلِها لِكُلِّ النِسَاءْ
أُمِّي ثُمَّ أُمِّي ثُمَّ أُمِّي
حَتى يَبْدَأَ البِدءُ وَيَنْتهي الانْتِهاءْ
6
وَأُمِّي بَهِيَّةٌ
بَهِيَّةُ الضُوءِ فِي قَلْبِي ،
بَهِيَّةُ الحُضورِ وَبَهِيَّةُ الطُلوعِ
بَهِيَّةُ الابتسامِ
بَهيَّةُ الكَلامِ وَالسَلامِ
بَهِيَّةُ التَوَزُّعِ مَا بَينَ الضُلوعْ
وَأُمِّي بَهِيَّةُ الضَحِكِ
بَهِيَّةُ الحُزْنِ
بَهِيَّةُ البَهَاءِ وَخُضْرَةِ القَلْبِ
وَاسْمُها بَهِيَّةُ
وَكُلُّ بَهَاءٍ فِي حَضْرَةِ بَهِيَّةِ نِصْفُ مَوضوعْ
وَآبَهيَّةُ
وآ أُمَّاهُ ،
لَيسَ يَكْفِي لَوْ نَذَرْتُ مَا تَبَقَّى
مَا تَبَقَّى مِنْ عُمْري فِي الدُعَاءِ لَكِ وَالخُشوعْ
فِي رَحْمَةِ اللهِ أُمِّي
قَلْبي الذِي كَانَ يَنْبِضُ
وَاسْمِي الذي كُلَّمَا عَلَا
كَانَ تَحْتَ قَدَمِكِ عِزَّهُ المرفوعْ
وَآبَهِيَّةُ
أُمِّي ثُمَّ أُمِّي ثُمَّ أُمِّي
حَتى تَجِفَّ مِنْ أَرْضِ اللهِ الدُموعْ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى