ط
مسابقة القصة القصيرة

إستمر تائها .مسابقة القصة القصيرة بقلم / جواد الهروس من المغرب

الإسم : جواد الهروس
العنوان : شارع محمد السادس رقم 603 تازة ــ المغرب
الهاتف المحمول : 0667084619
البريد الإلكتروني : [email protected]
الفيسبوك : jaouad elharrouss
نوع المشاركة : الأدب ــ القصة القصيرة
عنوان المشاركة : اسْتَمِرَّ تَائِهًا

يعتريك ذلك الجنون الطافح .. تشعر برغبة ملحة في الصياح .. يختلط في داخلك إحساس بالفرح والحزن والألم مرة واحدة .. لا تدري ماذا تريد.. وتنتظر أن ترحل تلك الغيوم التي تحجب عنك الرؤيا ..
تمر لحظات ويكون ذلك الرحيل دون أن تدري مرادك ..
نفسك العاقة الأمارة بالسوء توسوس لك بأن تفعل وتفعل ما لا تحمد عقباه.. حاولت أن تهذبها .. أن تنظفها من رواسب الماضي وأوساخ إكراهات الحاضر .. دون جدوى ..
تقرر الخروج إلى الشارع فتخطو في اتجاه الباب .. تسرع الخطى .. تريد فتح الباب .. تتردد قليلا ..
– ولم الخروج ؟
– أ لأن اليوم عطلة ؟
– وماذا ستفعل بالخارج ؟
سئمت الجلوس في المقاهي .. حمقى وثرثارون من يجلسون بها..
أليس الجلوس بالمنزل أولى وأحسن ؟
على الأقل ستضمن لنفسك استنشاق هواء أقل تلوثا وعفونة من ذاك الذي اعتدته بالمقاهي .. وستتفادى القيل والقال فيما لا فائدة فيه ..
مللت التجول في أزقة المدينة القديمة .. سئمت ارتياد الحديقة اليتيمة..
لا شيء بالمدينة يعجبك ..
تعود أدراجك ..
كرسي خشبي في طريقك تنوي الجلوس عليه.. لا يعجبك منظره .. تركله جانبا .. تؤذي رجلك .. تـكـاد تصرخ من الألـم ..
تقسم ألا تجلس طوال ذلك اليوم عقابا لنفسك التي أشارت عليك بالجلوس.
تحرث البهــو ذهابا ومجيئا .. تنتبه لخطواتك المجنونة فجأة ..
حتما لقد أزعجت الجيران من تحتك أيها الثور الهائج ..
تتخذ وضعا آخر بعد أن تتجه إلى شرفة شقتك ..
تقف بها متكئا على شباكها الحديدي .. وتـنظر إلى الشارع المجنون ..
فوضى وضجيج منبعثان من كل جهة ..
أشخاص آتون في اتجاه العمارة .. وآخرون ذاهبون اتجاه اليمين أو اليسار .. والبعض أضرب عن المشي فوقف في مكانه لغاية ما لا يعلمها إلا الله .. وبعض آخر شذ عن هذه الحالات، فاختار أن يتشاجر أو أن يسب ويشتم بقبيح الكلمات وأرذلها .. أو أن يسرق أحدهم فيفر في شتى الاتجاهات بعد أن يطارد وتتعالى الصيحات، تتقدمها صيحة الضحية الذي خارت قواه وهو يلهث وعيناه تكادان أن تفارقا مكانهما من وقع المصيبة التي ألمت به:
” شد الشفار .. شد ولد الحرام .. دَّا رزق اليتامى .. الله يعطيه فضيحة .. الله يعطيه مصيبة تصيبه ” ..
يشعر الضحية بالألم والحسرة فيجهش في البكاء .. يقترب منه بعضهم ويحاول تهدئته .. ينطق آخر:
” لاش كتبكي .. اللي كان كان .. البكا على المـيـت خسارة “..
تشاهد .. تسمع .. و تتلذذ ..
عالم مجنون .. وغابة مليئة بالذئاب ..
وأنت أحدهم.. لأنك تشاهد إحدى جاراتك تنشر الغسيل .. فتختلس النظر..
ولأن شيئا ما بداخلك يشير عليك بأن تغض بصرك ويلعنك أيها الحقير، تمسك عن ذلك .. وتغادر الشرفة دون أن تدري أين ستستقر بك رجلاك ..
تـلتـقط جريدة البارحة التي لم تتمكن من قراءتها.. تتصفحها ..
حوادث وجرائم يستحيي المرء من ذكرها .. فساد .. نهب للمال العام ، والمجرمون فروا إلى الخارج دون حسيب أو رقيب..
هذه البلاد بقرة حلوب.. ” اللي جا كيحلبها..”
فظاعات بالصفحات الموالية .. وإعلانات وطلبات عروض..
تلقي بالجريدة على الأرض.. وتدوسها بقدميك..
تنتبه إلى جهاز التلفاز فتشغله ..
تبحث عن شيء ما بقناة ما ..
أخبار .. وأخبار .. وأخبار.. بكل القنوات..
كلها تعلن عن خزيك ..
كلها تلحق بك العار أيها الوضيع ، بعد أن صرت بدون كرامة وأنــفـك في التراب، و بعد أن أصيب ضميرك بالشلل ..
توقف تشغيل الجهاز ..
عليك اللعنة ! لماذا أقدمت على ذلك ؟
أ لأنه يفضحك ؟ وينبه إلى حقيقتك ؟
لا تريد الجواب .. و تقرر الاستمرار تائها إلى حيث لا تدري..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى